وقال حفتر في كلمة مصورة بثتها شاشات التلفزة "استجابة للمبادرات وامتثالا لقواعد الديموقراطية، أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية ليس طلبا للسلطة أو بحثا عن مكان، بل لقيادة شعبنا نحو التقدم والازدهار". وأضاف "اليوم، فتحت أمام الشعب أبواب الأمل لاستعادة الشرعية للعبور نحو شواطئ الأمان". وعلّق حفتر في 22 أيلول/سبتمبر مهامه العسكرية رسميا، تمهيدا للترشح للانتخابات، عملا بما ينص عليه القانون الانتخابي الذي أقرّه البرلمان الذي يتخذ من الشرق مقرا، وانتقده البعض على أنه مفصّل على قياس حفتر. ويسمح له القانون في حال لم يتم انتخابه بالعودة الى مهامه السابقة. وكان حفتر على رأس "القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية" التي تستثني المجموعات العسكرية المتواجدة في الغرب الليبي وأجزاء من الجنوب. وبرز خليفة حفتر في بداية انتفاضة 2011 التي شارك فيها للإطاحة بمعمر القذافي. وعاد الى ليبيا في آذار/مارس 2011 بعد عشرين عاما في المنفى، واستقر في بنغازي. قاد معارك عسكرية عدة منذ ذلك الحين، ضد مجموعات تابعة للقذافي أولا، ثم ضد مجموعات جهادية، ثم ضد قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني السابقة في ليبيا، قبل التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر 2020. عن برنامجه الانتخابي، قال حفتر اليوم "إذا قُدّر لنا تولّي الرئاسة بإرادتكم الحرة، فإن عقلنا مليء بأفكار لا تنضب لتحقيق التقدم والازدهار". ودعا الليبيين إلى ممارسة دورهم في الانتخابات. "ينبغي توجيه أصواتكم حيث يجب أن تكون، لبدء مرحلة المصالحة والسلام والبناء والاستقرار". وكان إعلان حفتر ترشحه للانتخابات الرئاسية متوقعاً. علما أنه حاول قبل بدء المسار السياسي الحالي في ليبيا السيطرة على العاصمة عسكريا. فقد أطلق عملية عسكرية واسعة في نيسان/أبريل 2019 استمرت حتى منتصف العام الماضي، قبل أ، تنسحب قواته نتيجة الخسائر العسكرية والضغوط الدولية. وتمّ التوصل الى وقف إطلاق نار دائم في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي. وأفضى حوار سياسي بين الأفرقاء الليبيين، برعاية أممية في جنيف في شباط/فبراير الماضي، إلى تشكيل سلطة سياسية تنفيذية موحدة مهمتها التحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي حددت على التوالي في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير. تعقيد المشهد وغرقت ليبيا في الفوضى بعد ثورة 2011. ويمكن أن يؤدي دخول المشير حفتر السباق الرئاسي إلى تعقيد المشهد السياسي وربما الأمني في البلاد التي تنقسم بشدة حوله. ويقول أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات الليبية خالد المنتصر لوكالة فرانس برس، "صحيح أنه فرض نفسه في المعادلة السياسية، لكن يظل شخصية جدلية مرفوضة من طيف كبير من غرب وجنوب البلاد، وبالتالي لا يمكن ضمان قبول عملية انتخابية تصل به إلى السلطة". ويضيف "كما لا يمكن ضمان القبول بنتائج الانتخابات التي ربما تضع حفتر في رئاسة ليبيا"، مشيرا الى "قوانين انتخابية مثيرة للجدل والانقسام"، والى تصريح لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة قال فيه إن مشاكل "كبيرة جدا" تعترض العملية الانتخابية. وأكد الدبيبة في كلمة أمام تجمع شبابي الاثنين في طرابلس أنه ينبغي وضع القوانين "وفق قاعدة دستورية توافقية بين جميع الأطراف". والدبيبة نفسه مرشح محتمل الى الرئاسة. وقال أمس ردا على سؤال عن هذا الموضوع، إن القرار "بيد الشباب"، وأنه سيتخذ قرار الترشح من عدمه في "الوقت المناسب". ويعتقد المحلل السياسي الليبي فرج الفيتوري أن فرص "عدم إقامة الانتخابات في موعدها" ترتفع، خصوصا مع إعلان ترشيح حفتر وسيف الإسلام القذافي، والجدل القائم حولهما. ويضيف "سننتظر مواقف تصعيدية جديدة ضد إعلان حفتر الترشح، مثل حجم المواقف التي شهدها إعلان سيف الإسلام القذافي الترشح للانتخابات الرئاسية". وأقدم عدد من السكان المحتجين على ترشح سيف الإسلام القذافي على إغلاق عدد من المراكز الانتخابية في غرب البلاد الاثنين، في أول مؤشر ملموس على تهديد إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد بعد أقل من 40 يوماً. وكان سيف الإسلام من أبرز وجوه نظام القذافي الذي أطيح به في 2011 في انتفاضة دامية، ثم قتل على يدي مجموعة من معارضيه. وهو محكوم ب"الإعدام" من محكمة ليبية، وتوجد في حقه مذكرة توقيف دولية. ولا تزال هناك أصوات رافضة لإقامة الانتخابات في مواعيدها المقررة، لا سيما في ظل رفض كثيرين للقوانين الانتخابية الذين يرون أنها لم تعتمد بشكل قانوني وتوافقي. ويعد المجلس الأعلى للدولة، وهو بمثابة غرفة ثانية للبرلمان، أكبر الرافضين للانتخابات. واتهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الداعم لحفتر بإصدار القوانين الانتخابية دون التشاور معه، الأمر الذي نص عليه الاتفاق السياسي الذي يقتضي مشاركة المجلسين في صياغة هذه القوانين.
مشاركة :