هل أصبحت أيام مارسيلو بيلسا في ليدز معدودة؟

  • 11/18/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تتمثل المشكلة في أي نقاش يدور حول مارسيلو بيلسا في الميل الفوري للتحدث بعبارات فضفاضة على نطاق واسع، فكل شخص لديه رأيه الخاص في المدير الفني الأرجنتيني ولا يقبل وجهة النظر المختلفة. إنها لعنة عصرنا أن تترسخ المواقف بهذه السرعة، حتى عندما يتعلق الأمر بقضية تافهة من الناحية الظاهرية حول الكيفية التي تُلعب بها كرة القدم. وقد وصل الأمر إلى درجة أنه لا يمكن لأحد أن يتساءل ببساطة عن الطريقة التي يبني بها المدير الفني لمانشستر يونايتد، أولي غونار سولسكاير، خط وسط فريقه، أو كيفية تنظيمه لطريقة الضغط على المنافسين أو أن يسأل عما إذا كان ضمه كريستيانو رونالدو قد زاد هذه المشكلات سوءاً، دون أن يتم تصنيفه على الفور على أنه كاره لسولسكاير أو معادٍ لمانشستر يونايتد! لقد أصبح الأمر يبدو كأن كرة القدم قد صدرت هذا التعصب وهذه القبلية ضيقة الأفق إلى ثقافة أوسع، وأسهمت في زيادة جنون العظمة ونظرية المؤامرة. لكن بيلسا عودنا دائماً على تقسيم الناس في كل مكان يذهب إليه، وهو أمر ربما يكون حتمياً نظراً لطبيعته الخاصة وتصرفاته الغريبة، بل والجنونية في بعض الأحيان. فمن ناحية، يتسم المدير الفني الأرجنتيني بالتواضع الشديد، ويتناول القهوة في كوستا ويأكل في مطعم إيطالي محلي ويرتدي بدلة رياضية، ويبدو كأنه لا يهتم بأي شيء آخر غير كرة القدم، لكنه من ناحية أخرى حساس للغاية لدور الرياضة في المجتمع والأهمية التي تلعبها الأندية في المجتمع المحلي. إنه يتسم بالنزاهة والتواضع، لكنه في الوقت نفسه عنيد ومتطلب ومثالي ومتشبث برأيه لدرجة أنه يصر، على سبيل المثال، على إعادة تصميم ملعب التدريب وفقاً للمواصفات التي يراها هو. ومن السهل معرفة الأسباب التي تجعل جمهور ليدز يونايتد يعشقه، فالمدير الفني الأرجنتيني لم يكتفِ بإعادة النادي إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب دام 16 عاماً فحسب، لكنه أضفى على الفريق هوية واضحة وجعله يلعب بشكل مميز وممتع للغاية، وبنى فريقاً يجعل جماهير النادي تشعر بالفخر الشديد تجاهه. ولم تكن جماهير ليدز يونايتد هي أول جماهير تقع في حب المدير الفني الأرجنتيني، ففي عام 2015 وبعد أربع سنوات من تركه العمل في تشيلي، كنت بحاجة لبعض الصور الشخصية لاستخدامها في جواز السفر في سانتياغو، واتضح أن بيلسا كان قد ذهب ذات مرة إلى استوديو التصوير نفسه الذي ذهبت إليه، وبالتالي تمت تغطية ثلاثة جدران من الاستوديو بصور صغيرة له، في مشهد يعكس الحب الكبير لهذا المدير الفني القدير. لكن هذا المستوى من الحب والتفاني يجعل النقد صعباً. لقد سيطرت مشكلة الإرهاق على أول موسمين له في دوري الدرجة الأولى، ويكره مشجعو ليدز يونايتد أي إشارة إلى أن الإرهاق قد تسبب في عدم صعود الفريق للدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم الأول لبيلسا مع الفريق، وحتى فكرة أن فترة الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا قد سهلت صعود الفريق في الموسم الثاني. لكن الطريقة التي أنهى بها ليدز يونايتد الموسم الماضي، بهزيمة واحدة في آخر 11 مباراة، تشير إلى أنه كان محقاً في وجهة نظره المتعلقة بهذا الأمر. لكن السؤال الذي يجب طرحه في هذا الصدد هو: بالنظر إلى تاريخ بيلسا السابق، مع الفريق الأرجنتيني نيولز أولد بويز ومرسيليا على وجه الخصوص، لماذا لم يكن الإرهاق عاملاً مؤثراً؟ وكيف تكيف بيلسا مع الأمور هناك لتجنب الإرهاق؟ إن الحساسيات المصاحبة لهذا السؤال تعني أنه لم تتم الإجابة عنه مطلقاً! وفي المقابل، هناك من يرون أن بيلسا يحظى بحب هيستيري قد لا يستحقه إلى هذه الدرجة، بل ويشعرون بالإحباط بسبب إحجامه أو عدم قدرته على إجراء مقابلات بعد المباريات بالصورة التقليدية المألوفة لكرة القدم الإنجليزية، ويتساءلون كيف يمكن أن يكون بيلسا مديراً فنياً عظيماً، وهو لم يفُز خلال 30 عاماً كاملة في عالم التدريب إلا بثلاث بطولات محلية في الأرجنتين، وذهبية أولمبية، والصعود مع ليدز يونايتد للدوري الإنجليزي الممتاز! هذا هو الانقسام الواضح في العالم الحديث، وبالتالي ربما لا يكون جمهور ليدز يونايتد مخطئاً عندما يعتقد أن هناك من يتربص ببيلسا ويتمنى فشله! وهو ما يقودنا إلى ما يحدث خلال هذا الموسم، حيث يحتل ليدز يونايتد المركز الخامس عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد أن حقق الفوز في مباراتين فقط من أول 11 جولات. لقد فشل حتى في تحقيق الفوز على بيرنلي ونيوكاسل اللذين يعانيان بشدة. وبالتالي، يبدو أن ليدز يونايتد سيصارع من أجل تجنب الهبوط هذا الموسم. وقد أدى ذلك إلى ظهور بعض المزاعم والادعاءات بأن أيام بيلسا داخل النادي باتت معدودة، وظهرت خلال الأسابيع القليلة الماضية مطالبات بضرورة رحيل المدير الفني البالغ من العمر 66 عاماً - ربما تكون هذه المطالبات مثيرة للسخرية، لكنها جادة بما يكفي لكي يخرج مالك النادي، أندريا رادريزاني، وينفيها بعد فوز الفريق في المرحلة العاشرة من مسابقة الدوري على نوريتش سيتي. ويتمثل جزء آخر من المشكلة في موضوع متكرر باستمرار في هذا العصر، وهو الحاجة إلى النمو المستمر أو التوسع. فبعد أن أنهى ليدز يونايتد الموسم الماضي في المركز التاسع، وحصل على أعلى مجموع من النقاط لأي فريق صاعد منذ عقدين كاملين من الزمان، فما الذي كان من المتوقع أن يحققه الفريق بعد ذلك من الناحية الواقعية؟ ولا تزال فاتورة الأجور بالنادي واحدة من بين أدنى خمسٍ في المسابقة. وقد واجه ليستر سيتي، الذي تعادل معه ليدز قبل فترة التوقف الدولي بهدف لكل فريق، مشكلة مماثلة، فبالنظر إلى أن الفريق قد احتل المركز الخامس في الموسمين الماضيين، فإن احتلال أي مركز أقل من هذا يعد فشلاً إلى حد ما. ويجب أن نعرف أن تحقيق أي فريق لإنجاز استثنائي في أحد المواسم لا يجب أن يكون هو المعيار لما يجب أن يحققه الفريق بعد ذلك. لقد عانى كل من ليستر سيتي وليدز يونايتد من الإصابات بشكل واضح هذا الموسم، فلا يزال ليدز يفتقد لخدمات باتريك بامفورد ولوك أيلينغ وروبن كوتش، كما افتقد لخدمات كالفين فيليبس ورافينيا وجونيور فيربو في بعض الأحيان، وهو الأمر الذي كان له تأثير كبير على أداء ونتائج الفريق. ودائماً ما يُنتقد أي فريق يتولى قيادته بيلسا بأنه يبالغ في اللعب الهجومي، لكن المشكلة هذا الموسم كانت العكس تماماً، حيث لم يسجل ليدز يونايتد إلا 11 هدفاً في 11 مباراة، واهتزت شباكه 18 مرة، من بينها ثمانية أهداف في مباراتين فقط. لكن مع عودة اللاعبين المصابين - وإذا واصل جو غيلهاردت تقديم الأداء المبهر نفسه الذي قدمه أمام وولفرهامبتون - فمن المحتمل أن يستعيد ليدز يونايتد عافيته. لكن من الطبيعي أن تثار الشكوك حول الفريق في الوقت الحالي، خصوصاً أن بيلسا من نوعية المديرين الفنيين الذين يشعرون بالإرهاق بعد فترة معينة، مع العلم بأن الفترة الحالية له مع ليدز يونايتد هي أطول مدة قضاها في أي نادٍ خلال مسيرته التدريبية! لم تكن بداية الفريق رائعة خلال الموسم الحالي، لكن مهما حدث في بقية هذا الموسم، فإن بيلسا يعد مديراً فنياً رائعاً لليدز يونايتد، كما أن فترة وجوده في النادي جعلت الجماهير تشعر بفرحة نادرة في عالم يشعر بالمرض بشكل متزايد!

مشاركة :