تماثلت للشفاء رضيعة كان الأطباء يعتقدون أنها تحتضر جراء سرطان الدم في حالة كانت ميئوس من شفائها، وذلك في أول مرة يستخدم فيها علاج بالخلايا المناعية التخليقية التي تنتجها شركة سيليستس المتخصصة في هذا المجال. كانت الرضيعة ليلى وعمرها عام واحد قد استنفدت جميع الخيارات العلاجية الأخرى عندما أعطاها الأطباء بمستشفى غريت أورموند ستريت البريطانية المتخصصة في أمراض الأطفال، الخلايا التجريبية المعدلة جينيا من خلال الحقن في الوريد بجرعة قدرها ملليمتر واحد. وقد استغرق الأمر عشر دقائق لإتمام ذلك الإجراء، ومر الآن بضعة أشهر على تخلص ليلى من السرطان وعودتها لمنزل أسرتها. ويأمل الأطباء أن تكون قد شفيت، غير أنهم يريدون الانتظار لعام أو عامين آخرين للتأكد من عدم عودة المرض مرة أخرى قبل إعلان شفائها التام. وقال بول فايز، أستاذ ورئيس قسم زراعة نخاع العظام بالمستشفى الذي أشرف على الفريق الطبي المعالج لليلى: «كانت حالة السرطان لديها شرسة للغاية لدرجة أن استجابتها للعلاج كانت معجزة». وأضاف: «نظرا لأنها المرة الأولى التي يعطي فيها هذا العلاج فإننا لا نعرف عنه كل شيء يتعلق بتوقيت الشفاء وكيفيته». وأعد العلاج بالخلايا المهندسة وراثيا علماء بالمستشفى وكلية لندن الجامعية وشركة سيليستس الفرنسية العاملة في مجال التكنولوجيا الحيوية التي تمول الآن جميع التجارب الإكلينيكية لهذا العلاج، والتي تستكمل العام المقبل. وتعمل هذه الخلايا من خلال إضافة جينات جديدة لخلايا تائية مناعية سليمة تم التبرع بها، التي تقضي على سرطان الدم. وخلال هذه التقنية تضاف جينات متخصصة معدلة وراثيا إلى الخلايا التائية المناعية لتحول دون أن تقتل جراء تعاطي العقاقير القوية المتخصصة لعلاج سرطان الدم ثم يعاد برمجتها لمكافحة الخلايا السرطانية. وشكك بعض العلماء في نهج شركة سيليستس بسبب مشكلات محتملة لدى المرضى تتعلق برفض الخلايا الغريبة لكن الشركة الفرنسية - التي تتعاون مع شركتي فايزر ونوفارتس - ترى أن تقنيتها أسرع وأرخص من تخليق العلاجات الجينية. وقال وسيم قاسم، أستاذ العلاج الجيني والخلوي بكلية لندن الجامعية وخبير المناعة لدى مستشفى غريت أورموند ستريت الذي عمل ضمن الفريق العلاجي للرضيعة، إنه إذا تكرر الشفاء بالاستعانة بالتقنية نفسها لدى مرضى آخرين، فإن هذا العلاج سيمثل «خطوة هائلة للأمام في علاج سرطان الدم وأنواع السرطان الأخرى». والجدير بالذكر أن ليلى ولدت في شهر يونيه من العام الماضي، ولكن عندما بلغ عمرها 14 أسبوعا، أظهر تحليل دم إصابتها بسرطان الدم اللمفاوي الحاد. وخضعت الرضيعة لعدة جولات من العلاج الكيماوي ومحاولات زراعة النخاع الشوكي، ولكن السرطان كان يعاود الظهور. وأوضحت صحيفة «الديلي تلغراف» أن الأطباء أخبروا والديها أن ابنتهما حالة ميئوس منها ولم يبق سوى تقديم الرعاية لها حتى وفاتها. ومن دون علم الأبوين، عكف الاستشاريون على العمل بالتعاون مع جامعة لندن لاستحداث علاج جيني متطور. ويتعمد الأسلوب الجديد على تعديل الحامض النووي «دي إن إيه» في الخلايا المناعية التي حصلوا عليها من متبرع كي تستهدف فقط خلايا اللوكيميا ولا يرفضها الجسم. وكان الأطباء يأملون أن يؤدى تغيير الخلايا إلى تخليص جسم ليلى من أي بقايا للوكيميا، ومن ثم تؤدى زراعة النخاع الشوكي إلى إعادة تشغيل نظامها المناعي.
مشاركة :