ارتكب الرئيس محمد مرسي خلال الفترة الوجيزة التي حكم فيها مصر عدداً من الأخطاء ما كان لرجل دولة محنك أن يرتكبها. كان خطأه الأول أنه لم يستطع الفصل بين وظيفته كرئيس لجميع المصريين وبين انتمائه الحزبي والأيديولوجي. وكان هذا هو الخطأ الأساسي الذي تفرعت عنه أخطاء أخرى شديدة الخطورة، انتهت بعزله وإبعاده عن السلطة بما يعنيه ذلك من عجز جماعة الإخوان المسلمين عن إدارة الشؤون العامة. من الواضح أن جماعة الإخوان المسلمين رأت في الثورة التي أطاحت بحكم مبارك سنة 2011 فرصة تصلها بالحركة التي أطلقها حسن البنا بداية من عام 1928 لتهيئة المجتمع المصري لتقبل تصور الجماعة لمشروع الدولة الإسلامية. بيد أن هذا المشروع ليس له علاقة بالتعددية الديمقراطية الليبرالية التي نادى بها الشباب في ميدان التحرير - أو حركة كفاية وغيرها من منظمات المجتمع المدني. علاوة على ذلك، فإن مشروع البنّا يعرف نفسه من خلال معارضة النظام السياسي الغربي. وقد عانت جماعة الإخوان الإقصاء والقمع في ظل حكم حسني مبارك، لكنها لم تكن الضحية السياسية الوحيدة للحكم الفردي . وبالتالي، فما الذي يجيز لها المطالبة بأبوّة الثورة؟ هذا هو ما حدث مع ذلك وهو ما زاد من حدة المعارضة لمرسي. فالجميع يتذكر الجدل الذي أثاره قراره بشأن توسيع ما ادعى أنه "صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية". وكان هذا الخطأ الثاني الذي ارتكبه ، وعبثاً حاولوا إقناعه بالعدول عنه، فهو لم ينصت لأحد. وأما الخطأ الثالث، فيكمن في عدم سعيه لطمأنة الليبراليين والعلمانيين - بما فيهم الأقباط - وسعيه الحثيث إلى ترسيخ القوانين التي نادت بها جماعة الإخوان المسلمين وتركيز السلطة في يدها، وهو ما جعل قطاعات واسعة من المجتمع المصري – من الاقتصاد الى الفن والثقافة، ومن الساسة الى العسكر – تنفر منه وتعتقد أن الإخوان يستعدون لابتلاع المؤسسات المصرية التي كانت إلى حد ذلك الوقت تتمتع بشيء من الحرية والاستقلال. أخيراً، ارتكب مرسي خطأ رابعاً بعدم إيلاء أهمية للمؤسسة العسكرية، والاعتقاد أنه بإمكانه تجاهلها بما أنه الرئيس المنتخب لمصر. وقد نسي أن مصر لم يحكمها سوى العسكر منذ عبد الناصر، وأنه أول رئيس مدني "تجريبي". فكما في تركيا، للعسكر دور سياسي تقليدي في مصر.
مشاركة :