"معجم الفنون البصرية" كتاب يزيح ركام الأخطاء عن المصطلحات الفنية الرسام سامي بن عامر قضى ثلاثين عاما في تأليف معجمه متوخيا الدقة والحسم من غير اللجوء إلى الترجمة. إثراء للغة الضاد وتوسيع لمجال البحث العربي “الرسم” في العراق و”التصوير” في مصر و”الصباغة” في تونس. كلها مصطلحات تعني الشيء نفسه. الممارسة نفسها. ذلك ما يشير إلى عملية إنتاج اللوحات. فالرجل الذي ينتج اللوحة هو رسام ومصوّر وصباغ في الوقت نفسه. ولكن هذا التنوّع في المصطلحات لا بد أن يخلق تشويشا بسبب أنه يرتبط بموهبة الترجمة. لقد ترجم المصريون فعل الرسم باعتباره تصويرا بناء على أن الصورة هي الأساس فيه، ولكن ماذا يُسمى المصوّر الفوتوغرافي الذي لا يملك بضاعة سوى الصورة؟ أما المغاربة فقد تعلقوا بمصطلح الصباغة، ولكن هناك مَن يُمارس صبغ الجدران والواجهات من غير أن يكون فنانا وهو صباغ. أما الرسام فإن حرفته واضحة. إنه يرسم. سيقول البعض إن الرسم هو التخطيط وليس التلوين. ولكن ماذا لو قرّر الشخص أن يرسم ويُلوّن في الوقت نفسه، ماذا سنسميه؟ ذلك جدل هو جزء صغير من واقع ثقافي كان في حاجة إلى أن تكون المصطلحات المستعملة فيه مفهومة من قبل الجميع ومتّفقا عليها. تلك هي المهمة التي يضطلع بها “معجم مصطلحات الفنون البصرية” الذي ألفه الأكاديمي والرسام التونسي سامي بن عامر. وهو معجم غير مسبوق باللغة العربية قضى مؤلفه ثلاثين سنة في تأليفه متوخيا الدقة والحسم ووضع الأمور في نصابها من غير اللجوء إلى الترجمة. 758 صفحة من الحجم المتوسط حاول بن عامر من خلالها أن يصل إلى هدف صعب. تنقية المصطلحات من الشوائب التي هي ليست منها. تلك مغامرة محفوفة بالمخاطر، ذلك لأن ركاما من الأخطاء هو أشبه بالتراث الذي لا يزال متداولا قد غطّى المصطلحات بغباره وباعد بينها وبين معانيها الحقيقية. لطالما وضع نقاد الفن مصطلحا في غير محله فصار يُستعمل خطأً من قبل القراء ليشيروا من خلاله إلى الشيء الذي لا يمثله. حدث ذلك لأن مصطلحات الفن في معظمها مترجمة ولم تستقر في سياق لغوي عربي. ما يُحسب لبن عامر أنه استطاع وبجرأة أن يزيح ركام الأخطاء ويقبض على المعاني الحقيقية ويثبتها. بعد هذا المعجم سيكون من اليسير الكشف عن أي خلط يحدث بين المفاهيم وسيكون من واجب الجميع، نقادا وفنانين وطلاب فن ومتابعين، أن يشكروا بن عامر على إنجازه الريادي. فاروق يوسف كاتب عراقي
مشاركة :