دمشق - تُصدر الأديبة السورية ابتسام تريسي روايتها الجديدة "بنات لحلوحة: الرّواية القاتلة" (دار ثقافة للنشر والتوزيع، 2021). وفي إصدارها تُقدم على مغامرة كبرى تزيح الستار عن عالم الفتيات المثير منذ سوريا أربعينيات القرن المنصرم إلى هذا العصر، وعندما يُزاح الستار يتجلى أمامنا المشهد (السوسيو – ثقافي) بكل تفاصيله الملغزة التي لا يعرفها قارئ اليوم. "بنات لحلوحة" بنات انوجدن في الزمان الخطأ، هن بنات لم يخترن حياتهن، ولم يكتبن نهايتهن، عشن تحت سلطتي "الرقيب" و"المجتمع" منهن من تقبلت الواقع بعنفه وقسوته، ومنهن من تفلتت من هذا الواقع وعاشت تجربة الحرية، وفي الحالتين كان الثمن باهظاً. ففي ظل ثقافة المخابرات لا مكان لحرية الرأي.. هكذا وببساطة استدعى الضابط الذي عُين في حيّ من أحياء شمال شرق حلب في سوريا كل العاهرات اللواتي عملن في الحيّ، وطلب منهنّ التكفير عن ماضيهنّ في خدمة الوطن وإلا.... ولكن الرواية لا تنتهي عند التاريخ الذي جمع بطلاتها في حي بحثيتا في نهاية أربعينيات القرن الماضي، وإنما سيستمر مع فريدة المرأة/ الكاتبة التي ستكتب قصة حياة بنات لحلوحة وغيرهن من الفتيات الفاتنات الفاقدات لقرارهن وعشاقهن من رجال الدولة ورجال الدين، والأسباب التي أدت إلى مقتل بعضهن. كما تكشف عن الملفات السرّية للنظام الحاكم، وعلاقته بالدول الداعمة، وبكل ما تحتويه هذه الملفات من دلائل ووثائق والتي سَتُساوم فريدة عليها فيما بعد بحياتها إذا ما نشرتها دون حذف أو تعديل.. ولكن فريدة/ الكاتبة اختارت أن تكون حرة وتخوض حرباً على جبهة الكتابة. تقدم ابتسام تريسي خطاباً روائياً متماسكاً، يوقظ الضمائر الحيّة، ويحيل إلى الحالة السورية على المستويين الوطني والفردي، بما فيها من ضياعٍ وفوضى وتمزق وانعدام أمن جمعته الكاتبة في شخصيات متناثرة وأسمعتنا صوتها بقلم الكاتبة/ الراوية "فريدة" الشخصية الرئيسية في العمل، التي وعلى الرغم من قتلها في الصفحات الأولى من العمل، على الورق، إلا أنها أبقتها حيّة في السرد، وحتى حين أصبحت جثة هامدة، لا تمتلك من أمرها شيئاً، بقيت ممسكة بكل خيوط اللعبة الروائية، وجذب كل نسائها من الماضي إلى الحاضر، ثم التعبير عن الرفض للقيم السائدة داخل هذا الواقع والسعي إلى التطهر منه. إنها لعبة الفن الروائي الجيدة التي تصبح للمرأة فيها حرية الكتابة عن أي قضية تلحّ عليها.
مشاركة :