قبل أن تحتضن أناملي يراعي، ويتدفق حبر قلمي على ورقي، وأرسم أحرفي لأخرج كلماتي، طاف بذاكرتي اسم دولة عربية شقيقة تطل على الخليج العربي تحمل في تاريخها سجلاً من القوة، والصلابة، والشموخ، والعزة على مدى قرون، سطر بحّارتها أجمل القصص والأحداث، كما دون أطباؤها أفضل الإنجازات، فاستحقوا أن تدرج أسماؤهم ضمن برنامج اليونسكو للأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميا، لدورهم المؤثر في رفدِ الحضارةِ الإنسانية بالعلوم والمعارف المهمة في عالم البحار، ومجال الطب. ومن البحارة العُمانيين أقف اليوم متحدثاً عن الشخصية العمانية السادسة المدرجة في برنامج اليونسكو لذكرى الأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالميا لعام 2021، إنه الملاح العماني، المعروف بأسد البحار أحمد بن ماجد، المولود عام 1421م، ويعتبر من أشهر الملاحين في المحيط الهندي والخليج العربي والبحر الأحمر، كما أوردتْ ذلك دراسة بعنوان «الهوية البحرية العمانية قبل أوائل القرن السابع عشر: التنوع العرقي واللغوي» لـ»ديونيسيوس أ. أجيوس»، وتتضمن معلومات عن إسهامات أحمد بن ماجد في مجال الملاحة البحرية، وله جهود رائدة في مجال الاستكشافات الجغرافية، وتطوير أدوات الملاحة البحرية كالبوصلة، والإسهام بإضافة قياسات فلكية دقيقة، ويحفظ معهد الألسن الشرقية، مؤلفات البحار العماني أحمد بن ماجد وإسهامه في إنتاج المعرفة المرتبط بالملاحة البحرية والفلكية في أكثر من ثلاثين مؤلفاً علمياً بين مخطوطات ووثائق وخرائط ومرشدات ملاحية، مهدت لتأسيس علم البحار في المنطقة العربية والمحيط الهندي، واستفادت منه البشرية، وقد حفظ هذا التراث المهم في مكتبات باريس والكونغرس الأمريكي ودمشق والكويت وروسيا. ويأتي الطبيب العُماني راشد بن عميرة الرستاقي كواحد من الشخصيات العُمانية المدرجة ضمن برنامج اليونسكو للاحتفاء بالأحداث التاريخية المهمة والشخصيات المؤثرة عالمياً، وهو من الأطباء المشهورين في سلطنة عمان، ولد في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، (أواخر القرن الخامس عشر الميلادي)، بقرية عيني من الرستاق، نشأ في محيط مشبع بعلم الطب، فوالده عميرة بن ثاني، وجده ثاني بن خلف، والكثير من أفراد عائلته، كانت لهم اسهامات في المجال الطبي، وتلقى مهنة الطب بالمشاهدة وبرع فيه، جمع بين العلاج وتحضير الدواء، اشتهر في زمانه لكونه استطاع أن يعالج الكثير من الأمراض المستعصية، له مؤلفات طبية تضم توصيفاً للأمراض وأعراضها، وألف في التشريح والتداوي بالطرق التقليدية. ومن مؤلفاته (فاكهة ابن السبيل) وهو مجلد في الطب طبعته وزارة التراث والثقافة بسلطنة عمان في جزءين، ويتضمن هذا الكتاب وصفاً، وتشخيصاً للأمراض وأنواعها وطرق علاجها، كذلك يذكر فيه الأدوية، و(مختصر فاكهة ابن السبيل)، وهو مختصر للمجلد الكبير، يضم عشرة أبواب، قسمت إلى فصول وأبواب. يتضمن عدة محتويات منها: ذكر خلق ابن آدم، حفظ الصحة، وتدبر المسافر، وحفظ الجوارح والعوارض النفسية، وأخيراً علاج الأمراض وتركيب الأدوية، و(مقاصد الدليل وبرهان السبيل)، مخطوطة تضم التجارب الطبية في علاج الأمراض للطبيب ابن هاشم. وفي مجال الشعر، نظم العديد من القصائد وشروحها في مجال الطب منها: القصيدة الدالية (وشرحها): قصيدة في التشريح لجسد الإنسان من الرأس إلى أخمص القدمين، نظمها المؤلف على قافية الدال، مع وجود شرح لها. القصيدة الرائية (وشرحها): قصيدة نظمها المؤلف على قافية الراء وذكر فيها بعض أعضاء بدن الإنسان الرئيسية كالقلب والعقل والدماغ مع شرح مفصل لها. القصيدة الميمية (وشرحها): في العين وتشريحها والأمراض التي تصيبها وطرق علاجها مع رسم توضيحي للعين.
مشاركة :