مثَّلت الكلمة السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى أيده الله في منتدى باريس للسلام الذي احتضنته العاصمة الفرنسية باريس برعاية الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون، رسالة مملكة البحرين من أجل الأمن والسلام للعالم وذلك من خلال مضامين هذه الكلمة السامية في الجلسة الافتتاحية لهذا المنتدى، ويمكننا في هذا الإطار أن نتوقف عند عدد من النقاط المهمة التي تضمنتها هذه الكلمة السامية التي تلخص رؤية البحرين للسلام الدولي باعتباره الأساس للاستقرار والتنمية. أولا: حرص جلالة الملك على المشاركة بهذه الكلمة المسجلة لهذا المنتدى المهم وأمام عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات ليؤكد الإرادة الملكية في التعبير المستمر والدائم لدعم وتعزيز السلام الدولي من خلال كل الجهود الهادفة إلى نشر السلام العالمي في زمن ازدادت فيه الصراعات والمشاكل التي تهدد بتقويض الاستقرار الذي هو أساس كل تنمية وازدهار وتقدم في العالم. ثانيا: أكدت الكلمة من ناحية أخرى دعم البحرين المستمر للجهود السلمية في مختلف أرجاء العالم حيث كانت ولا تزال البحرين في مقدمة الدول التي تشارك في المبادرات السلمية أو تدعمها بكل الوسائل الممكنة والدليل على ذلك أن البحرين باعتبارها بلدا مسالما ويؤمن بالتعايش السلمي بين الدول والشعوب وتبني سياستها الخارجية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وعلى رفض اللجوء إلى القوة والحروب لحل المشكلات إيمانا من البحرين أن السلم الإقليمي والدولي تبنيه السياسات الحكيمة التي تؤمن بأن المشكلات والخلافات يمكن أن تحل بالحوار السلمي العقلاني مها تعقدت الأوضاع وذلك لأن الحوار الدولي المباشر بين الدول من شأنه الوصول إلى حلول ترضي الجميع بعيدا عن العنف والحروب وويلاتها التي تقضي على الإنسان واستقراره وازدهاره. ثالثا: أكدت الكلمة السامية أيضا حرص البحرين على تبني المبادرات العالمية الجدية لمساعدة الدول على تحقيق تطلعات شعوبها في التنمية والاستقرار والازدهار وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي الثنائي أو الإقليمي أو على المستوى الدولي من أجل تبادل المصالح والارتقاء بمستوى عيش البشر في كل مكان لأن الإنسان يحتاج إلى الاستقرار حتى يكون قادرا على إنتاج التنمية من ناحية والاستفادة من ثمارها من ناحية أخرى. رابعا: إن هذه الكلمة السامية التي تفضل بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى إلى هذا المنتدى الدولي بمحاوره المهمة مثلت فرصة ثمينة للحوار الدولي لمواجهة المشكلات بشكل عقلاني وخاصة مواجهة تداعيات جائحة كورونا ومواجهة المشكلات المتفاقمة في مجال المناخ والحفاظ على البيئة الإنسانية التي تضررت بشكل كبير وأصبحت حياة الإنسان في الأرض مهددة بسبب عدم مراعاة التوازن البيئي ما أدى خلال العقود الماضية إلى مشكلات كبيرة من أهمها التغيرات المناخية الخطيرة التي جعلت الشتاء صيفا والصيف شتاء في العديد من البلدان وظهور الاحتباس الحراري بشكل ملحوظ وارتفاع درجة الحرارة بشكل غير معقول في كثير من مناطق العالم بل أصبح هناك مخاوف جسيمة بسبب ارتفاع الحرارة في المناطق الثلجية والباردة ما أدى إلى نقص في الأمطار والتأثير سلبا في الزراعة وذوبان الجليد ما يعني في النهاية التدمير التدريجي في البيئة التي يحيا فيها الإنسان والتي أصيبت بضرر فادح يصعب معالجته إذا ما استمرت الدول في نفس السياسات التي أدت إلى هذه الكوارث وإذا لم تتخذ الإجراءات العلاجية العاجلة والجدية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحروب والصراعات التي لا تنتهي والتي تؤدي باستمرار إلى نشوب مواجهات تسهم بدورها في الإضرار بالبشر والبيئة والموارد التي يحتاج إليها الإنسان للعيش. خامسا: كما تضمنت هذه الكلمة السامية تأكيدا واضحا لا لبس فيه على أن أمام دول العالم استحقاقا يتمثل في تحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030 والتي أكدتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو خاصة في ضوء التأثيرات السلبية على تحقيق تلك الأهداف في ظل استمرار جائحة كورونا ما يستدعي العمل الدولي المشترك على تبني سياسات ومبادرات جادة وذات بعد إنساني لمواجهة هذه التحديات المتزايدة لتحقيق الأمن والاستقرار والعدالة والمساواة حتى يحظى الإنسان بحياة كريمة وباستقرار من شأنه أن يزيد من تعزيز فرص السلام والاستقرار بين الشعوب. إن هذه الكلمة السامية التي تفضل بها جلالة الملك المفدى أيده الله جاءت في سياق تعزيز ما درجت عليه مملكة البحرين من إيمان راسخ لمبادئ وقيم الأمن والسلام الدوليين والتعاون الوثيق بين دول العالم والتضامن من أجل السلام ومستقبل البشرية.
مشاركة :