آثار جائحة كورونا على قطاع الأعمال كانت كبيرة مما جعل الحكومات تضع السياسات التي تراعي الصحة العامة مع الأداء الإقتصادي في إطار غير مسبوق في التاريخ الحديث، ومن تلك الاجراءات الاحترازية في المملكة العربية السعودية التحول للتعليم الأونلاين لجميع مراحل التعليم منذ مارس 2020، والذي استمر لمرحلة رياض الأطفال والمرحلة الإبتدائية حتى الآن، ولعدم إلزامية التعليم في مرحلة رياض الأطفال مع الصعوبات في تطبيق التعليم الألكتروني في مرحلة رياض الأطفال تأثر التعليم الخاص في هذه المرحلة بانسحاب الأطفال من المدراس الخاصة مع توقف تسجيل الأطفال الجدد تقريباً. 1111 يشير الجدول (1) أعلاه إلى انخفاض أعداد الطلاب في مرحلة رياض الأطفال ب في القطاع الخاص بنسبة 69% خلال فترة كرونا بين عامين 2019-2020 و2020-2021، فهل الانخفاض الكبير في رياض الأطفال في القطاع الخاص يمكن عزوه لجائحة كورونا وبالتالي سيكون أثره مؤقتاً أم هو تحول نحو التعليم الحكومي في رياض الأطفال وسيكون أثره عميقاً ومستمراً على القطاع الخاص في مرحلة رياض الأطفال. تشير أرقام وزارة التعليم لعام 2020-2021 إلى زيادة في التسجيل في مرحلة رياض الأطفال عن السنة التي قبلها بنسبة 3.7% أو ما يعادل 7،682 طالب، وهذا يعني أن هناك ما لا يقل عن 50 ألف طفل كانوا مسجلين في تعليم رياض الأطفال في القطاع الخاص وانسحبوا من روضات القطاع الخاص ولم يسجلوا في روضات التعليم الحكومي لذا فالذي حدث خلال الجائحة ليس تحول نحو القطاع الحكومي. مع أن البيانات تشير إلا أن الطلاب في مرحلة الروضة والتمهيدي لم يتحولوا للتعليم الحكومي، إلا أن التساؤل عن آثار كرونا على الاستثمار في قطاع رياض الأطفال قائم، ويمكن إجابته على شقين: 1) رياض الأطفال المستقلة عن المدارس والتي تخدم فئة ما قبل الصف الأول الابتدائي (روضة أول، روضة ثاني، تمهيدي) دون امتداد في المرحلة الابتدائية هي الأشد ضرراً على مستوى المملكة فقد انخفض فيها عدد الطلاب بشكل كبير جداً (الثلثين تقريباً) ولا يوجد لهذه الروضات رافد من التعليم الإلزامي (مرحلة الابتدائي وما بعدها) يدعم الشركات والمؤسسات المالكة لهذه الروضات، مما يجعل من الصعوبة استمرارها ومتوقع استمرار الخسائر للعام الثاني على التوالي وبالتالي موجه من الإغلاقات أو التحول لدور الضيافة والتي تخدم المرحلة السنية ما قبل رياض الأطفال والتي فتحت أبوابها للأطفال ولم تمر بمرحلة الإغلاق الطويلة التي تمر بها مرحلة رياض الأطفال. 2) رياض الأطفال المرتبطة بمدارس أهلية أو عالمية والتي قد تدخل في دوامة الخسائر لأنها تعمل بثلث طاقتها التشغيلية تقريباً في مرحلة رياض الأطفال، إلا أن ارتباطها بالمراحل الأخرى قد يدعم وجودها كرافد للمرحلة الابتدائية. وعليه فإن النتائج المالية للشركات التعليمية المالكة لها ستتأثر سلباً باستمرار التعليم الألكتروني لرياض الأطفال، إلا أن المؤشرات تبين أن التعافي بعد الدراسة الحضورية لمرحلة رياض الأطفال قد يكون أسرع من المتوقع وذلك بسبب إغلاق بعض رياض الأطفال. ولكي نتمكن من تقدير أثر استمرار إغلاق رياض الأطفال على الشركات والمؤسسات التعليمية بشكل كمي، فيمكن الاسترشاد ببيانات أحد الشركات المدرجة في قطاع التعليم والتي أشارت في نشرة الإصدار أن 26% من إيراداتها من الرسوم الدراسية تعود لمرحلة رياض الأطفال (الروضة والتمهيدي) والتي تشكل 30% من مجمل عدد الطلاب لعام 2017، وعليه وبناءً على بيانات نشرة الإصدار فإن فقد ثلثي عدد الطلاب في مرحلة رياض الأطفال يكافئ انخفاض مجمل عدد الطلاب بنحو 20% و انخفاض الإيرادات بنحو 18%. من المهم الإشارة إلى أن نسبة عدد طلاب رياض الأطفال لعدد الطلاب في جميع المراحل التعليم الخاص في المملكة العربية السعودية تبلغ 17% لعام 2019-2020 -السنة الدراسية التي سبقت آثار كورونا-، إلا أن هذه النسبة قد تزيد عند افتتاح مجمع تعليمي جديد، لأن الأعداد تكون متركزه في رياض الأطفال والمراحل الأولية ومع عملية الترحيل السنوية للصفوف الأعلى وخلال عدد من السنوات نصل لمرحلة التوازن، وهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند تقييم الأداء المالي للشركات التعليمية المدرجة والتي قامت بافتتاح مجمعات تعليمية حديثاً وأما في حال الاستحواذ أو الانتقال من مبنى إلى آخر فإن مرحلة التوازن لن تكون ذات أثر يذكر، في حال العودة للدراسة الحضورية في مرحلة رياض الأطفال في الفصل الدراسي الثاني أو الفصل الدراسي الثالث سيكون الأثر المالي للإغلاق أقل ويمكن تقديره بناء على تاريخ العودة وقربه أو بعده عن نهاية العام المدراسي، مع أن الأرقام السابقة استرشادية إلا أنها تشير إنه في حال استمرار الدراسة أونلاين لمرحلة رياض الأطفال فمن المتوقع انخفاض إيرادات شركات التعليم مع التوقع بعودة أسرع من المتوقع بعد عودة الدراسة الحضورية. لا بد أن نذكر أن عدم إلتحاق الطلاب بمرحلة رياض الأطفال وقبولهم في الصف الأول دون تعليم في مرحلة رياض الأطفال له أثر تعليمي عميق على المدارس الخاصة سواءً تلك التي تقدم تعليماً أهلياً - المنهج الوطني مع اللغة الإنجليزية المكثفة - أو تلك التي تقدم تعليماً دولياً - المنهج البريطاني أو الأمريكي، فهذا يطلب برامج جادة على مستوى الصف الأول لتعويض الفاقد التعليمي والمهارات التعليمية والاجتماعية التي فقدت أو لم تتشكل بصورة كافيه من خلال التعليم الأونلاين، فإذا أضفنا للمعادلة استمرار الدراسة أونلاين للصفوف في المرحلة الابتدائية فإن الأمر سيزداد تعقيداً وسيشكل تحدي للمدراس الخاصة بإعداد خطط تعليمية لكي تثبت أن التعليم الخاص قادر على تقديم تعليم نوعي يتجاوز حالة كورونا وذلك لن يتم بدون التعاون بين المدرسة وولي الأمر.
مشاركة :