أكد وزير خارجية اليونان نيكوس ديندياس ان اتفاقية الدفاع الموقعة بين بلاده وفرنسا لا تستهدف دولة بعينها، وليست موجهة ضد تركيا، إلا إذا كانت تركيا ترى نفسها طرفا معتديا. وقال الوزير ديندياس الذي كان يتحدث في جلسة عقدت تحت عنوان «ديناميكيات الأمن في البحر الأحمر والمتوسط»، ضمن اعمال القمة الأمنية الإقليمية السابعة عشرة «حوار المنامة 2021» التي اختتمت اعمالها يوم امس الاحد. وشارك في الجلسة أيضا وزير خارجية اليمن احمد عواد بن مبارك، وسكرتير مجلس الوزراء لشؤون الدفاع الكيني يوجين اومالوا. وأكد المسؤول اليوناني ان بلاده تتمتع بعلاقات وطيدة مع الدول العربية، ومن بينها السعودية التي ترى فيها ثقلا دينيا واقتصاديا محوريا، لافتا الى ان علاقة اليونان مع الدول العربية لا ترتبط بأي بعد يتعلق بتركيا. وأشار الوزير الى ان هناك تعاونا كبيرا بين اليونان ودول خليجية، من بينها السعودية، حيث نشرت اليونان بطاريات صواريخ «باترويوت»، مشددا على استعداد بلاده لتقديم كل العون للسعودية للدفاع عن أراضيها. وقال وزير الخارجية اليوناني: «هناك ميل لمنطقة الشرق الأوسط، ولو نظرنا اليها من العدسة الجيو-سياسية، فهي منطقة لتقاطع الحضارات والأديان، وهي منطقة تتأثر بالنزاعات، وتشهد صراعات عابرة للحدود، بالإضافة الى الأثر الكبير جدا على امن المنطقة، فلها عواقب وخيمة بشكل أوسع، ومنها الظروف التي تزعزع الاستقرار، لذلك فهي فرصة لكسر حلقة مفرغة من انعدام الامن وعدم الاستقرار». وتابع «في الواقع هناك رؤية بديلة لهذه المنطقة، إذ لدينا رؤية تحتضن التنوع الغني والتراث، رؤية تقوم على المجالات والمصالح المشتركة. نحن في اليونان نؤمن بالتعايش السلمي والتعاون ما بين دول المنطقة، ويجب ان يقوم ذلك على القانون الدولي وقانون البحار، وميثاق الأمم المتحدة، استرشادا بهذه المبادئ تسهم اليونان في تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة، وقد نجحنا بذلك مع جوارنا باستثناء دولة واحدة، كما تمكنا من التوصل لاتفاق مع مصر وإيطاليا، ولدينا مشكلة مع ألبانيا، ونبني خطط التعاون الدولي مع قبرص، ومنذ 24 ساعة استضفت لقاء رباعيا بمشاركة وزراء من قبرص ومصر، وكذلك شاركنا باجتماعات مع شخصيات من البحرين والسعودية، وكان هذا منتدى للصداقة». وأضاف: «ما بين الشرق الأوسط وأوروبا خطط تعاون تهدف لتعزيز السلام والازدهار، كما يمكن توسيع ذلك من خلال الخليج من خلال المحيط الهادي، ونتطلع للعمل المشترك حتى نتمكن من مواجهة التحديات العالمية، ومنها جائحة كوفيد-19 والتغير المناخي الذي يشكل تحديا عالميا كبيرا، ولا بد ان نعمل على إدارة النقص في المياه، فهذه الخطط ليست اقصائية، بل مفتوحة للجميع، وتشترط المبادئ الأساسية -فقط- التي تقوم على احترام قانون البحار. لقد استثمرت حكومة اليونان في منطقة الخليج، لأنها تشكل جزءا من جوارنا الاوسع، إذ وقعت اليونان اتفاقية تعاون مع الامارات للمساعدة المتبادلة، وكذلك تم نشر بطاريات باترويت في السعودية، اذ نريد مساعدة السعودية في صد أي هجمات خارجية، كما وقعنا اتفاقيات مختلفة مع مجلس التعاون الخليجي، ونتطلع للقاءات اخرى مع مجلس التعاون الخليجي، كما اننا قمنا بزيارة جميع دول الخليج. في الواقع نحن ملتزمون بالبناء، ونأمل ان يمهد ذلك الطريق الاوسع لحل النزاعات، لكن بالطبع الطريق امامنا ما زال طويلا، ونستطيع ان نتخطى هذه العقبات». وحول تركيا قال الوزير اليوناني: «لقد وقعنا اتفاقية للدفاع مع فرنسا. انا شخصيا كنت اعمل على هذه المسألة منذ سنوات، إنها اتفاقية دفاع موقعة بين عضويين وليست موجهة ضد احد، إلا اذا كان هناك طرف يرى نفسه معتديا، واذا كانت تركيا تعتبر نفسها دولة معتدية فإذن الاتفاقية تستهدفها. بالطبع هذه الاتفاقية تهدف الى استقرار المنطقة، كذلك لدينا اتفاقيات مع الامارات، وأيضا هناك تعاون مع السعودية التي نرى فيها دولة فريدة بحجمها وثقلها الديني واهميتها الفائقة على مستوى توازن الطاقة. نرى ان علاقاتنا مع السعودية بغاية الأهمية، ونحن فخورون جدا بذلك، ومستعدون لمساعدة السعودة بالتصدي لأي اعتداء». وتابع «هناك نقاش كبير جدا حيال مبادرة حلف شمال الأطلسي، وقد وقعنا اتفاقية موسعة مع الولايات المتحدة، ونرى بذلك آلية لتعزيز امن المنطقة. نحن نؤمن بأن اليونان تستطيع ان توفر سبل إرساء الاستقرار في المنطقة، كذلك نتمتع بعلاقة طيبة مع العالم العربي، وهذه العلاقات غير مرتبطة بتركيا، بل هي علاقات تمتد لجذور تاريخية، ودائما نرحب بتعزيز العلاقات مع مختلف دول العالم وفق القواعد والقوانين الدولية، وما يهدف لتعزيز الاستقرار هو امر بالنسبة لنا جيد، وأي اتفاق في المنطقة يستند للمبادئ هو امر جيد، ولا بد من العمل على تحقيقه». من جانبه، اعتبر وزير خارجية اليمن احمد عواد بن مبارك ان التصدي لمشروع ايران في اليمن سوف يقوض من مشروعها الأكبر في منطقة الشرق الأوسط. وقال بن مبارك ان ايران تعمل في اليمن عبر الحوثيين على افقار المجتمع وتجهيله، وشحنه بالكراهية الطائفية، خدمة لمشروعها التوسعي في المنطقة. وأشار الوزير اليمني الى ان محافظة مأرب تشكل عمقا استراتيجيا وتاريخيا لليمن، إذ يتم استهدافها من قبل جماعة الحوثيين منذ نوفمبر 2020، فيما أصبحت المدينة اليوم ملاذا للهجرات من بقية المحافظات الأخرى. وقال وزير الخارجية اليمني: «لقد اوشكت الحرب في اليمن على عامها السابع بعد ان اشعلتها ميليشيات الحوثيين، وما زال الحوثيون مستمرين بالحرب وتدمير اليمن وتجنيد الأطفال، ونشر التطرف وأفكار الكراهية، وتعمد لتجهيل المجتمع وافقاره، كل ذلك وفر بيئة خصبة امام ايران لمشروعها التوسعي، لقد بات مشروع ايران واضحا، ومما لا شك فيه ان التصدي لمشروع ايران في اليمن سوف يقوض مشروعها في المنطقة». وتابع «تعتبر محافظة مأرب محطة انظار المتابعين، فمنذ نوفمبر 2020 يشن الحوثيون عمليات عسكرية كبيرة ضد مأرب بهدف اسقاط المحافظة عسكريا، باعتبار مأرب تشكل عمقا تاريخيا كبيرا لليمن، اذ ينسى الكثيرون ان هذه المحافظة هي التي كسرت الحوثيين في العام 2015 وبعدد سكان لا يتجاوز 350 ألف نسمة، وهاهي اليوم أصبحت ملاذ اليمنيين، من بينهم 2 مليون مهجر قسريا ملتحمون من اجل إنهاء مشروع الحوثيين ودفنه في صحرائها، لذا نؤكد ان مأرب تشكل هدفا استراتيحيا امام ايران، واذا ما تحقق فهذا يعني انهاء العملية السياسية في اليمن، والمزيد من موجات الهجرة الخارجية، وفتح المجال امام حروب أخرى ستتخذ من اليمن منطلق لها». وأضاف: «بالطبع لا بديل عن السلام، واي سلام عادل وشامل لا بد ان يعالج الجذور الأساسية للحرب، ومحاولة فرض الحوثيين سيطرتهم، ودعمهم لميليشيات الحوثيين، إلا ان التعامل مع الحرب على انها حرب بالوكالة لا بد ان يصحح، فلا تسوية في اليمن ما لم يتفق اليمنيون على حل مشاكلهم بأنفسهم، في الوقت ذاته من الخطأ اغفال البعد الاستراتيجي وتدخلات ايران في الشأن اليمني، واستثمارهم بالحوثيين، بهدف تعزيز موقع ايران التوسعي في المنطقة، اذ نعتبر ان تمسك وتوحد كل القوى المناهضة للمشروع الإيراني هو المطلب الأول لفرض معادلة جديدة على الأرض تؤدي الى تسوية شاملة، كما ان الدعم الإقليمي والدولي للتغلب على التحديات ومعالجة الوضع الاقتصادي وتعزيز الشراكة المرتبطة بالازمة اليمنية سوف يمكن الحكومة من الحفاظ على اليمن المعتدل». وحذر الوزير اليمني من الكارثة البيئة التي تهدد مياه البحر الأحمر، بفعل استيلاء الحوثيين على ناقلة نفط قد يتسرب منها اكثر من مليون برميل نفط، فيما يرفضون الاستجابة لنداءات الأمم المتحدة. وحول الحديدة قال الوزير اليمني: «كانت هناك عملية تحرير لها في العام 2008 وقد واجهنا ضغطا كبيرا من الجانب الدولي، وكان الضغط يهدف الى تحرير الحديدة، وقد تجاوبنا مع ذلك وجمدنا العملية ووقعنا اتفاقية ستوكولهم، ولكن خلال الأعوام الثلاثة الماضية نجد ان الأمور أصبحت اكثر سوءا، وهذه ميزة للحوثيين، اذ استغلوا الوضع ورجعوا لتعبئة قواتهم وبدأوا بشن هجماتهم والاعتداء على شبوة، في حين ان المنطقتين ذكرتا في استوكولهم، وهذا نوع من إعادة النشر، وهناك الكثير من التقدم الذي احرزه الجيش اليمني، حيث نجحنا في تحرير العديد من المناطق، وعززنا مواقعنا في مأرب، في ظل وجود نحو 30 ألف انتهاك سجل من قبل الحوثيين لاتفاقية ستوكهولم». من جانبه، دعا سكرتير مجلس الوزراء لشؤون الدفاع الكيني يوجين اومالوا الى أهمية التعامل مع التحديات التي يواجهها القرن الأفريقي، الذي وصف استقراره بالهش. وحذر المسؤول الكيني من تطورات الأوضاع في إثيوبيا التي قد تؤثر كثيرا على كينيا التي تُعد الآن من اكبر الدول استضافة للاجئين بفعل الصراعات. وتابع «نحن نعرف ان الوضع الإثيوبي، ونعمل معهم عن كثب، حتى نتأكد من ان يكون الوضع تحت السيطرة، كذلك لدينا تهديدات في منطقة تنزانيا، وكذلك التفجيرات التي حدثت في كامبالا، إذن نتحدث عن تهديدات شاملة لمنطقة أفريقيا». وحول إثيوبيا قال المسؤول الكيني: «لا شك نشعر بالقلق إزاء الأوضاع في إثيوبيا، ونتابع عن كثب التطورات فيها، ونعمل أيضا من خلال الرئيس النيجيري السابق باسنجو الذي يحاول ان يحسن الأمور، إذ لدينا اجتماع في أوغندا من اجل جمع دول المنطقة للتصدي للوضع في إثيوبيا. لا شك ان كينا سوف تتأثر بما يحدث في إثيوبيا، ونتوقع موجات نازحين، إذ تستضيف كينيا اكبر عدد من اللاجئين في مخيمات كركوما، وبدورنا ندعو العالم للعمل معنا للتأكد من عدم خروج الأمور عن السيطرة». وحول القرصنة، قال المسؤول الكيني: «لقد تم الحد من عمليات القرصنة في الصومال، لكننا لم نقضِ عليها تماما، ولا يجب ان نغفل عن ذلك». ونفى المسؤول الكيني ان يكون هناك مشروع لإنشاء قاعدة عسكرية صينية في كينيا، دون ان يستبعد تعاونا مستقبليا مع الصين. من جانبها، اكدت مبعوثة الاتحاد الأوروبي لمنطقة أفريقيا انيت ويبر أهمية وجود هيكلة امنية لمنطقة القرن الأفريقي، محذرة من استمرار الصراعات في إثيوبيا. ولفتت ويبر الى أهمية جهود الجهات الفاعلة في منطقة البحر الأحمر، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الاتحاد الأوروبي، والصين، في مقابل جهات فاعلة جديدة منها الصين وايران. وقالت: «ننظر حاليا لغياب أي هيكلة أمنية لمنطقة القرن الأفريقي، وهو ما يساعد الجهات الخارجية لزعزعة الأمن والاستقرار بها. إن الانقسام واختلاف بوجهات النظر في الاستقرار لا يمنع ان نتفق على وقف اطلاق النار في اثيوبيا مثلا، أو تأمين حركة التجار، وتعزيز العلاقات بين البلدان في هذه المنطقة».
مشاركة :