هيمن ارتفاع معدلات التضخم في اقتصادات الدول المتقدمة على ساحة أحداث هذا الأسبوع، وهو ما قد يضطر قادة البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان متوقعاً. ونتيجة لذلك، وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، تقوم الأسواق في الوقت الحالي بتسعير إمكانية رفع سعر الفائدة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة واختناقات في سلسلة التوريد، إلى جانب زيادة حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19. مشروع قانون البنية التحتية في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس بايدن مشروع قانون البنية التحتية وقيمته تريليون دولار، وحظي بتأييد الحزبين. فبعد سنوات من المناقشات التي لم تسفر عن أية نتائج إيجابية في واشنطن لتحسين هيكل البنية التحتية، نجح الرئيس بايدن أخيراً في إقناع كلا الطرفين وتسوية الخلافات القائمة بينهما. ويرى الرئيس الأميركي أن توقيع مشروع القانون يفي بإحدى ركائز رؤيته الاقتصادية، وذلك نظراً إلى أن الخطة تهدف بصفة رئيسية إلى تعزيز سوق العمل وتحسين أوضاع الاقتصاد. وسيتطلب مثل هذا المشروع الضخم الكثير من الوقت، حيث يتم توزيع التمويل على فترة تمتد إلى 5 سنوات. لذلك، قد يستغرق الأمر أشهراً أو حتى سنوات لبدء العديد من المشاريع المخطط تنفيذها. وتتضمن الخطة تخصيص 550 مليار دولار للإنفاق على قطاع النقل وخدمات الإنترنت ذات النطاق العريض والمرافق العامة. في حين تتضمن هذه الحزمة استثمار 65 مليار دولار في توسيع خدمات النطاق العريض للإنترنت، الذي أصبح من أبرز الأولويات، بعد أن أدت الجائحة إلى التزام ملايين الأميركيين بالمكوث في منازلهم دون اتصال بالإنترنت. كما سيخصص مشروع القانون الجديد 110 مليارات دولار لتطوير الطرق والجسور، و66 مليارا للشحن وقطارات الركاب، و49 مليارا لأنظمة النقل العام. إضافة إلى ذلك، سيخصص مشروع القانون 55 مليارا لتحسين أنظمة المياه واستبدال الأنابيب المصنوعة من الرصاص. قطاع التجزئة في غضون ذلك، ارتفعت مبيعات التجزئة بالولايات المتحدة بنسبة 1.7 بالمئة في أكتوبر، وتجاوزت الزيادة المتوقعة والبالغة 1.2 بالمئة. كما ارتفعت مبيعات التجزئة الأساسية، التي تستثني العناصر المتقلبة، بنسبة 1.7 بالمئة مقابل 1 بالمئة الشهر السابق. وتشير زيادة مبيعات التجزئة على مدى 3 أشهر إلى استمرار المستهلكين في الإنفاق على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم. وتعكس بيانات الإنفاق ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة بأسرع وتيرة تشهدها منذ 30 عاما، حيث تجبر زيادة القوة الشرائية الشركات على تمرير ارتفاع التكاليف إلى العملاء. إلا أنه سيكون من الصعب قياس التأثير على الطلب من دون بيانات الإنفاق الاستهلاكي المعدلة وفقاً لمعدلات التضخم، والتي ستصدر الأسبوع المقبل. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ مثل تلك الوتيرة التي تشهدها الأسعار في الولايات المتحدة قد ساهمت في تعزيز التكهنات بأن "الاحتياطي الفدرالي" الأميركي قد يرفع أسعار الفائدة في وقت أقرب مما كان متوقعاً في السابق. ووفقاً للتقرير الصادر عن وزارة التجارة، شهدت 11 فئة من أصل 13 زيادة في المبيعات. وكان ضمن أبرز الفئات التي شهدت نموا متاجر الأجهزة الإلكترونية والمنزلية، إلى جانب متاجر مواد البناء وأنشطة أعمال التجارة الإلكترونية. وقفزت عائدات محطات الوقود بنسبة 3.9 بالمئة، مما يؤكد قيام الشعب الأميركي في الوقت الحالي بدفع أسعار أعلى في محطات تعبئة الوقود منذ عام 2014. ويأتي هذا الارتفاع الذي شهدته مبيعات التجزئة قبل موسم الأعياد مباشرة، وبالتالي قد يعكس هذا حالة التسابق لمحاولة شراء الهدايا لتفادي تأخير عمليات الشحن. إلا أن تقرير مبيعات التجزئة القوي كانت له انعكاسات ايجابية على الدولار والأسهم الأميركية. حركة السوق وعلى صعيد أسواق العملات الاجنبية، وصل الدولار الأميركي إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ أكثر من 12 شهراً، مع ارتفاع مؤشره إلى مستوى 96.000. وعلى مدار الأسبوع، كان سعر تداول الدولار أقل هامشياً، إلا أنه ظل متماسكاً فوق مستوى الدعم عند مستوى 95. ونجم عن أدائه القوي التأثير سلباً على اليورو، إذ انخفض بحوالي 1.41 بالمئة هذا الأسبوع، وأنهى تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.1288. في المقابل، بلغت مكاسب الجنيه الاسترليني 0.31 بالمئة هذا الأسبوع، إذ أنهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.3446. وفي وول ستريت، واصلت الأسهم ارتفاعاتها ببلوغ مؤشر ستاندرد أند بورز أعلى مستوياته المسجلة في عام 2021 بوصوله إلى 4704.54 نقطة. وبعد إعلان الشركات الأميركية عن موسم أرباح قوي، بدأ مؤشر ناسداك 100 المثقل بأسهم شركات التكنولوجيا يتداول بأعلى مستوياته بوصوله إلى حاجز 16 ألف نقطة، وارتفعت العقود الآجلة لمؤشري ستاندرد أند بورز 500 وناسداك 100 بنحو 0.3 بالمئة و 0.4 بالمئة على التوالي، حيث دعم صعود الأسهم كل من نمو مبيعات التجزئة والبيانات القوية لأرباح الشركات. وبالنظر إلى سوق الدين، صرحت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بأنها ستقوم بإبلاغ الكونغرس بشأن المدة التي يتعين على المشرعين فيها رفع أو تعليق سقف الدين قبل نفاد الأموال من أيدي الحكومة. وكانت وزارة الخزانة قد أعلنت استخدام 182 مليار دولار هذا الشهر وحده من حوالي 369 ملياراً تمثل قيمة السيولة النقدية التي تم توفيرها عبر الإجراءات الاستثنائية. ونتيجة لذلك، ارتفع العائد على أذون الخزانة المستحقة في نهاية العام، وانخفضت أسعار السندات بعد تصريحات يلين. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار نقطتين أساس ليصل إلى 1.60 بالمئة. أوروبا في أوروبا، أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أن التضخم في منطقة اليورو سيتراجع مع انتعاش الاقتصادات وأنه سينخفض إلى ما دون مستواه المستهدف البالغ 2 بالمئة، إلا أن بعض الدول الأوروبية أعادت فرض القيود الاحترازية بسبب زيادة حالات الإصابة بالفيروس. لذلك سيكون من الصعب تقييم الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو، بينما ترى لاغارد أن الانتعاش الاقتصادي سيحدث لا محالة وهو ما يجسده تصريحها بأنه "مع استمرار الانتعاش وتلاشي اختناقات العرض، يمكننا توقع عودة ضغوط الأسعار على السلع والخدمات إلى طبيعتها". وبالإضافة إلى ذلك، أكدت أن اتباع النهج المتشدد لمعالجة الوضع الحالي قد يلحق الضرر بالاقتصاد وسيظهر هذا التأثير عندما يعود التضخم حتماً إلى مستويات منخفضة. ومن المتوقع أن ينتهي برنامج التحفيز النقدي للبنك المركزي الأوروبي بقيمة 2.1 تريليون دولار في شهر مارس المقبل. وأضافت لاغارد: "حتى بعد النهاية المتوقعة لحالة الطوارئ الوبائية، سيظل من المهم أن تدعم السياسة النقدية - بما في ذلك تحديد القيمة المناسبة لمشتريات الأصول - الانتعاش في جميع أنحاء منطقة اليورو، والعودة المستدامة للتضخم إلى المستويات المستهدفة، وفيما يتعلق بأسعار الفائدة، شددت على أنه من غير المحتمل أن يتم رفع سعر الفائدة العام المقبل. المملكة المتحدة تقوم حكومة المملكة المتحدة بتأمين ما يصل إلى 60 بالمئة من رواتب الموظفين ضمن برنامج دعم أجور من تم تسريحهم عن العمل وبقيمة تصل إلى 1.875 جنيه إسترليني. والموظف الذي تم تسريحه هو فرد فقد وظيفته مؤقتًا أو بعبارة أخرى، تعتبر إجازة غير مدفوعة الأجر، إلا أنه من الناحية الفنية، يحتفظ الموظفون بوظائفهم، ونظراً لأنها إجازة غير مدفوعة الأجر، فقد قامت الحكومة بتعويض هؤلاء الموظفين الذين تم إخراجهم من العمل في إجازة غير مدفوعة الأجر. وارتفعت معدلات التوظيف في المملكة المتحدة في الشهر الذي تلا انهاء برنامج دعم العمالة الحكومية، ويعتبر تزايد معدلات التوظيف بمنزلة أول دليل قاطع على قوة سوق العمل وقدرته على الصمود في وجه إنهاء نظام دعم الأجور. وخلال الفترة الممتدة بين سبتمبر وأكتوبر، تزايد عدد الموظفين بمقدار 160 ألف موظف، مما ساهم في زيادة العدد الإجمالي إلى 29.3 مليون موظف، وستكون ظروف سوق العمل أحد أبرز العوامل الجوهرية في توجيه قرارات سعر الفائدة لصانعي السياسة بالبنك المركزي في ديسمبر المقبل. وأكد محافظ بنك إنكلترا أندرو بايلي مجدداً أن قرار عدم رفع أسعار الفائدة في نوفمبر كان متقارباً جداً، مما يضع ضغوطاً على بيان سعر الفائدة القادم من بنك إنكلترا. وصرح كل من محافظ بنك إنكلترا، أندرو بايلي، وكبير الاقتصاديين هوو بيل، بأن تعليق برنامج دعم العمالة كان سبباً رئيسياً لعدم قيام لجنة السياسة النقدية برفع أسعار الفائدة. وفي أعقاب صدور بيان سعر الفائدة، علق محافظ بنك إنكلترا قائلاً إنه "غير مرتاح للغاية بشأن وضع التضخم"، حيث يتوقع البنك المركزي أن يصل التضخم إلى ذروته في حدود 5 بالمئة، أي أكثر من ضعف المستوى المستهدف. ووصل معدل التضخم في المملكة المتحدة إلى أعلى مستوياته المسجلة في 10 سنوات، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة ونقص العمالة واختناقات سلسلة التوريد. إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 4.2 بالمئة على مدار 12 شهرا حتى أكتوبر، مرتفعاً من 3.1 بالمئة المسجلة في سبتمبر. وتساهم تلك البيانات في تعزيز التوقعات بأن بنك إنكلترا سيرفع أسعار الفائدة في ديسمبر بعد أن صدم الأسواق بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. ويواصل اقتصاد المملكة المتحدة الخروج من الاضطرابات السابقة الناجمة عن الجائحة، إلا أن تداعيات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي ما زالت مستمرة. ودأب رجال الأعمال والسياسيون على حث رئيس الوزراء بوريس جونسون على عدم تعليق اتفاقية انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، وحذر الكثيرون من أنها قد تؤدي إلى حرب تجارية من شأنها الإضرار بالصادرات البريطانية. وسيؤدي ذلك إلى زيادة تعطيل سلسلة التوريد وتجميد بعض الاستثمارات. كما أن إمكانية نشوب حرب تجارية تفتح الباب أمام الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات انتقامية، مثل وقف الصيد في مياه الاتحاد الأوروبي أو فرض رسوم جمركية على أسماك المملكة المتحدة التي تباع في اسواق الاتحاد الأوروبي، وفي نهاية الأمر، فرض الرسوم الجمركية على السلع الأخرى المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي. أزمة الطاقة على صعيد السلع، أدى تشديد وضع سوق الطاقة خلال الشهرين الماضيين إلى ارتفاع أسعار النفط الخام إلى أعلى مستوياته المسجلة في سبع سنوات. وأبقت "أوبك" وحلفاؤها على زيادة حصص الانتاج اليومية بمقدار 400 ألف برميل، مما ساهم في الحفاظ على ارتفاع سعر النفط وجعله أقل تقلبا، إلا أن القوى العالمية الكبرى لم تتأثر بإجراءات "أوبك" وحلفائها لمواجهة ارتفاع أسعار النفط الخام. لذلك، من المتوقع أن يستغل الرئيس بايدن احتياطي النفط الاستراتيجي للولايات المتحدة، والذي يعتبر أكبر إمدادات النفط الخام على مستوى العالم، من أجل تهدئة أوضاع سوق النفط المحلي. وانخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون مستوى 80 دولاراً للبرميل، بعد صدور أنباء تفيد بأن الصين قد تستفيد أيضا من احتياطي النفط الاستراتيجي، لتعويض بعض ضغوط الأسعار على اقتصادها.
مشاركة :