في طريقة جديدة ومبتكرة تهدف إلى جذب الزوار القادمين للمنطقة، وانعاشًا للسياحة الداخلية، لجأ سكان في جبال “سلا” شرق محافظة العارضة بجازان إلى تحويل منازل أجدادهم المبنية على الطراز الجبلي القديم بالأحجار وبعض مواد البناء البسيطة إلى مزارات سياحية ونزل ريفية، وذلك بعد ترميمها مع الحفاظ على طابعها الخاص إحياءً لتراث الآباء والأجداد، وحتى تكون مقصدًا للسياح الباحثين عن المتعة في الطبيعة. وبحسب الأرقام، بلغ حجم الإنفاق السياحي في السعودية العام الماضي نحو 63.4 مليار ريال على الرغم من ظروف الجائحة، شكل إنفاق القادمين من الخارج نحو 31.7 %، بينما بلغ الإنفاق المحلي نحو 68.3 %. وتحظى جبال “سلا” باخضرار مسطحاتها، وجَمال مساكنها القديمة المبنية بالأحجار، وارتفاع جبالها، وبرودة أجوائها في فصل الشتاء المصاحبة دائمًا بقطرات المطر، واعتدالها في الصيف؛ الأمر الذي جعلها محط أنظار السياح من مختلف مناطق السعودية ومحافظات منطقة جازان. ولجأ الشاب “خالد الجابري”، أحد سكان جبال “سلا”، إلى ترميم منزل تمتلكه أسرته في قريته، وتحويله إلى نزل ريفي، مع الحفاظ على هويته حيث تحيط به الطبيعة من جميع الجهات باجتهادات شخصية منه حتى يكون مزارًا سياحيًا، وتسهيلاً للباحثين عن مسكن في الجبل، حيث إن للسكن في وسط الطبيعة الهادئة بعيدًا عن ضجيج المدن متعة خاصة تستهوي الكثير من الزوار من قاصدي المنطقة. ولم يقتصر الأمر على الشاب “الجابري”، بل حول ستة أشقاء آخرون يقطنون جبال سلا أيضًا، قلعة منسية سكنت منذ مئات السنين، إلى مزار سياحي بعد ترميمها وتحسينها لتكون وجهة واستراحة للسياح من زوار الجبل. وقال أحمد حيد مفرح الجابري إن القلعة قديمة جدًا ولا يوجد تاريخ محدد لعمرها، وقد سكنت منذ مئات السنين، مشيرًا إلى أن آخر من سكنها من الأسرة هو والدهم الذي توفي عن عمر يناهز ٩٠ عامًا. وأضاف: “قمنا نحن أولاده الستة بترميمها وتحسينها حفاظًا عليها من الاندثار، ونيتنا -إذا وفق الله ووجدنا الدعم- زراعة البن في المدرجات الزراعية المجاورة للقلعة، وتحويل المكان إلى وجهة سياحية جاذبة للزوار والسياح من مناطق المملكة”. ومن جهة أخرى، طالب الكثير بدعم هذا النمط الجديد من الجذب السياحي من قِبل وزارة السياحة والجهات الأخرى ذات العلاقة، وتشجيع أصحاب المنازل القديمة، والتي خرج منها السكان في أماكن أخرى، لترميمها وتحويلها إلى نزل ومساكن ومواقع جذب سياحي، مع تقديم التسهيلات لهم، لافتين إلى أن ذلك سيعمل على إنعاش السياحة الجبلية في المنطقة، خصوصًا أنه سيحل مشكلة يعانيها الكثير من الزوار، وهي البحث عن السكن نظرًا لافتقار الكثير من المحافظات للفنادق والشقق السكنية. وتتميز جبال “سلا” بالعديد من المواقع الأثرية التي أرجعها مهتمون وأكاديميون إلى عصور ما قبل الإسلام، كآبار الماء المنحوتة في الصخور، وعدد من القلاع الأثرية، وما تسمى بـ”مظلة عاد”، وهي الصخرة التي تعلو قمة أحد جبال “سلا”، والتي أصبحت هدفًا للزوار من خارج المنطقة وداخلها. وما زال في جبال “سلا” من يعتمدون على رعي الأغنام وحراثة الأرض من أجل جني المحاصيل الزراعية، التي يعتمد عليها البعض في سلا؛ لإطعام الماشية، وكذلك الخضراوات التي يعتمدون عليها في الأكل، ويتميز أهالي جبال سلا بلهجتهم ولبسهم الذي لا يفرق كثيرًا عن المحافظات الجبلية، كفيفاء وهروب والداير بني مالك
مشاركة :