لا شك أن المسار الذي يختاره الموظف ينطلق من الجهاز الحوفي بالدماغ، وهو المركز الذي يحفز الإنسان إما على الاستجابة والقبول، وإنجاز المهام بالشكل المثالي، أو المقاومة والفشل في إنجاز تلك المهام. ويلعب القادة والمديرون - ولا سيما أولئك الذين يعتمدون على الذكاء العاطفي - دورا كبيرا في عملية تحفيز الجهاز الحوفي، حيث يستطيعون السيطرة على تصرفاتهم وأفعالهم، بل ويستطيعون تصميم البيئة المثالية لمؤسساتهم. ويتطرق كيري غوتيه في مقالته «العادات الست» بمجلة «هارفارد» إلى أسباب الفشل في المسار المهني للقادة والمديرين، ويرى أن معظمهم يتشارك هذه العادات عندما يخفقون في أداء مهامهم، حيث يعتقد «غوتيه» أن تفادي الصراعات في محيط العمل وعدم مواجهتها يعكس في جوهره الهروب من مواجهة المعوقات، وبالتالي عدم القدرة على السيطرة على المؤسسة، وعليه يجب مواجهة تلك الصراعات القوية التي تعصف بالمؤسسة من خلال وضع الخطط والحلول العملية، وتقديم الدعم والتحفيز. ومن أسباب إخفاق القادة في أداء مهامهم الاندفاع بأفعال عاطفية مفاجئة، وقرارات متعجلة غير مدروسة، والتمسك بأفكار جديدة مغرية، ولكنها غير مدروسة، وعليه يجب عدم الاندفاع والتفكير في أسباب النجاح والفشل، وانعكاس القرار على المؤسسة والموظفين. كذلك من أسباب الإخفاق لدى القادة عادة إلقاء اللوم، الذي يعد السبب الأول في القصور القيادي في حل المشكلات، والافتقار إلى إيجاد الحلول الإبداعية. إن إلقاء اللوم هو تضخيم للجوانب السلبية، ويؤثر على إنتاجية الموظفين بشكل كبير، والأفضل منه هو العمل على إيجاد الحلول العملية للمشكلات والتحديات، والتعلم من الإخفاقات، والاعتراف بالقيود الموجودة حاليا، والعمل على تفكيكها، لإعطاء مزيد من الحرية للموظفين من أجل إطلاق أفضل ما لديهم من مواهب وطاقات. ومن أسباب قصور القادة الإصرار على السيطرة، إذ يبدأ الموظفون في النظر إلى القائد على أنه متصلب الرأي، وحريص على إدارة كل التفاصيل، ولا يؤمن بتفويض المهام، ويترتب على ذلك عدم مبادرة الموظفين للعمل، وعدم تقديمهم أي أفكار جديدة، بل وعدم قدرتهم على تطوير مهاراتهم، وقد يغادر البعض منهم تلك المؤسسة. إن التواصل وفريق العمل المشترك وتبادل الأفكار هي أهم خطوات النجاح للقادة المعاصرين. ولعل من أهم أسباب قصور القادة هو سعيهم للوصول إلى الكمال، مما قد يترتب عليه تفويت بعض الفرص المهمة، حيث يخفق هؤلاء القادة في إنجاز أعمالهم بالشكل المثالي، لأنهم يعتقدون أنهم متكاملون من وجهة نظرهم الخاصة، وهنا لا بد من تأكيد أن عملية الكمال والإنجاز الكبير لا بد أن تكون من خلال معايير معتمدة، ومن خلال مشاركة الآخرين آرائهم وملاحظاتهم، وعدم إغفالها. إن السعي إلى الكمال بمنظور فردي قد يثير سخط الموظفين، ويجعلهم يبتعدون عن تأييد ودعم القيادة وقراراتها بالمؤسسة. كذلك يرى «غوتيه» أن من أهم أسباب فشل القادة هو التعطش إلى السلطة من خلال السيطرة على جميع الموارد والقرارات، والتركيز على الأهداف الشخصية بدلا من أهداف المؤسسة، وعدم القبول بالحلول الأخرى، واتخاذ القرارات المتسرعة، وإقصاء الآخرين من حولهم. وعليه، ومن أجل قيادة فاعلة، لا بد من الإقلاع عن العادات الست التي قد تؤدي إلى فشل القادة في إدارة مؤسساتهم.
مشاركة :