لم يسجل تاريخ اللغة العربية على مدى العصور مثل هذا الضعف الذي تشهده هذه اللغة في الوقت الراهن. وليس الضعف في اللغة نفسها، ولكنه ضعف مستخدمي هذه اللغة سواء من عامة أهلها أو خاصتهم، ونعني بالخاصة هنا الأدباء والشعراء والخطباء وقارئي النشرات الإخبارية وكتّاب المقالات وحتى النقاد. ورغم استشعار القيادات السياسية في الوطن العربي بهذا الضعف الذي يعاني منه أصحاب هذه اللغة وخاصة الأجيال الجديدة إلا أن هذه القيادات لم تجد وسيلة إلا إنشاء مراكز اللغة العربية وتوجيه الوزارات المختصة بمعالجة هذه الظاهرة المقلقة. ولا نجد دولة عربية ليس فيها مركز أو مجلس أو مجمّع للغة العربية، ومع ذلك فاتجاه هذه اللغة لدى العامة في هبوط مستمر، مما يجعلنا نطرح السؤال التالي: هل يكون حل أزمة هذه اللغة بإنشاء تلك المراكز أم بوضع برامج عملية تهدف إلى تخريج أعداد كبيرة من مستخدمي هذه اللغة؟ كذلك لابدّ من طرح سؤال آخر: هل يجدي اللغة العربية كتابة المقالات عنها وعن غناها وعظمتها أم أن الأفضل زيادة عدد المتكلمين بالفصحى؟ وبصراحة أقول: لا تحتاج اللغة العربية إلى دارسين لتبين قوتها وغناها وتفوقها على اللغات الأخرى. لا تحتاج إلى مقالات تدافع عنها وعن قوتها وتاريخها العريق. لغتنا العربية تحتاج إلى من يتقنها ويتحدث بها بطلاقة دون لحن أو خطأ. تحتاج إلى مذيع يعرفها ويستخدمها بسهولة. وتحتاج إلى كاتب لا يخطئ في تشكيل جملة مفيدة ولا في وضع الحركة الصحيحة على نهاية الكلمات. كما تحتاج إلى من لا يجعل اللغة مركباً صعباً بعيداً عن قدرة القارئ أو المستمع على الفهم والإدراك. كثيرة جداً هي مجالس ومراكز اللغة العربية في الوطن العربي، وهذا جيد ومطلوب، ولكن ما هي العطاءات التي قدمتها أو تقدمها هذه المراكز للغة العربية؟ هذا ما يجب التركيز عليه. لا شكّ أن الدراسات والأبحاث مهمة في مجال اللغة العربية ولكن الأهم تخريج المتكلمين بها المتقنين لنحوها وصرفها. هموم هذه اللغة كثيرة، وأكبر همومها الآن هو إيجاد المزيد من المتحدثين بها. وللحديث بقية. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :