مع قيامهما بإحصاء مكسبهما من مهرجان التسوق الإلكتروني لعيد العزاب، لم تستطع التاجرة عبر البث الحي نامفون لابجولبون وزوجها الصيني التوقف عن الهمهمة بالأغاني، وقالت نامفون بنبرة تملؤها السعادة “كسبنا الكثير من المال هذا العام”. وبدأ الزوجان المشاركة في التجارة عبر البث الحي، وهو نمط عصري يجمع بين البث الحي والتجارة الإلكترونية لزيادة المبيعات، في يونيو هذا العام في متجرهما لبيع المأكولات الخفيفة من الصين وتايلاند وذلك عبر عملاق التجارة الإلكترونية بجنوب شرقي آسيا “لازادا”. وقالت نامفون “لبن الصويا والمعكرونة سريعة التحضير من تايلاند يحظيان بإقبال كبير للغاية من جانب متصفحي الإنترنت الصينيين، بينما يفضل الزبائن التايلانديون وجبة اللوهسيفن والملابس وعصيدة الأرز المخمر من الصين”. وحظيت منصة “لازادا” بمكاسب وفيرة خلال مهرجان التسوق الإلكتروني لعيد العزاب في هذا العام. وشارك نحو 800 ألف علامة تجارية ومتجر في مهرجان هذا العام عبر منصة “لازادا”، حيث وصل حجم الصفقات التجارية إلى ضعفي ما كان عليه في عام 2020. وتعززت المبيعات الهائلة عبر منصة “لازادا” نتيجة التبادلات الاقتصادية المزدهرة بين الصين ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان). وتشير بيانات الجمارك إلى أنه خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر الماضيين بلغ حجم التجارة بين الصين والآسيان 4.55 تريليون يوان (حوالي 711.5 مليار دولار أمريكي)، بزيادة 20.4 بالمئة على أساس سنوي رغم تأثير الجائحة. ويرى خبراء أن مبادرة الحزام والطريق ساهمت بشكل كبير في تحقيق هذا النمو المستدام. وأضحت مبادرة الحزام والطريق، التي طرحتها الصين، أكبر منصة للتعاون الدولي في العالم، حيث وقعت 141 دولة و 32 منظمة دولية على وثائق تعاون ذات صلة مع الصين، بما في ذلك جميع دول الآسيان. وقال باي مينغ، باحث بالأكاديمية الصينية للتعاون التجاري والاقتصادي الدولي، التابعة لوزارة التجارة، إن التعاون الاقتصادي والتجاري يأتي على رأس تعاون الصين والآسيان في إطار مبادرة الحزام والطريق. وأضاف باي “تشير البيانات إلى أن الدول والمناطق على طول الحزام والطريق تتقاسم ثمار التنمية الصينية. وفي الوقت ذاته، من خلال تحسين سلاسل القيمة والسلاسل الصناعية وسلاسل الإمداد، يتوثق التعاون بين الشركات، وهو ما يمكن أن يساعدها في فتح الأسواق الدولية”. كما تؤكد الصين على جعل مبادرة الحزام والطريق أكثر اخضرارا لدفع التنمية المستدامة. ويعد مجمع كوانتان الصناعي الماليزي الصيني في باهانغ بماليزيا، مشروعا كبيرا في إطار مبادرة الحزام والطريق. وفي منطقة مصنع “ألليانس ستيل (إم) إس دي إن. بي إتش دي” في المجمع، لا يوجد أي دخان كثيف وتغطي الخضرة كل المكان. ويبلغ إجمالي الإنتاج السنوي لمشروع الفولاذ الصديق للبيئة، والذي دخل طور التشغيل منذ عام 2018، أكثر من ثلاثة ملايين طن، كما تحتل جودة المنتج وتكنولوجيا الإنتاج مستوى الصدارة في جنوب شرقي آسيا، وفقا لما ذكر هو جيو لين، كبير مهندسي المشروع. وأضاف “الاستثمار المتعلق بحماية البيئة يمثل نحو 20 بالمئة من إجمالي استثمارات المشروع. وهو ما يزيد بكثير عن متوسط المعدل المحلي”. واستقبل المجمع الصناعي مؤخرا مشروعا جديدا للاقتصاد الدائري باستثمارات تبلغ 17.5 مليار يوان من الشركات الصينية. ولن يساهم المشروع في خلق 5000 فرصة عمل فحسب، لكنه سيجلب أيضا تكنولوجيا ومفاهيم متطورة لحماية البيئة للمساعدة في دفع تنمية محلية خضراء ومنخفضة الكربون، حسبما ذكر إدوارد تشونغ سين كيات من المجمع الصناعي. وقال تشونغ في تنغ، خبير العلاقات الدولية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، “إن الصين تشجع الدول على طول الحزام والطريق على اكتشاف سبل التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون والدائرية والمستدامة لتحقيق التنمية الاقتصادية المتبادلة النفع وحماية البيئة”. وستضخ مبادرة الحزام والطريق زخما جديدا في التنمية الاقتصادية للدول والمناطق على طول الحزام والطريق. وبحسب البنك الدولي، فإن المبادرة قد تعزز التجارة بما يتراوح بين 2.8 إلى 2.9 بالمئة لاقتصادات المبادرة، وبنسبة تتراوح بين 1.7 إلى 6.2 بالمئة للعالم، بينما قد يزيد الدخل الحقيقي العالمي بين 0.7 إلى 2.9 بالمئة. وقال تشاي كون، أستاذ الدراسات الدولية بجامعة بكين، إن مبادرة الحزام والطريق، التي تجسد مبادئ التشاور الموسع والمنافع المتبادلة والإسهام المشترك، تعكس مسؤولية الصين ورؤيتها كدولة كبرى في العالم. وإذ يصادف هذا العام الذكرى الـ30 لإقامة علاقات الحوار بين الصين والآسيان، قال تشاي إنه مع وقوف الجانبين عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة، ستفتح الصين والآسيان فصلا جديدا في العلاقات الثنائية وسترتقيان بالشراكة الاستراتيجية بينهما إلى مستوى أعلى.
مشاركة :