أكد عدد من خبراء الاستثمار والاقتصاد والتنمية المستدامة، أن مدينة نيوم الصناعية "أوكساچون"، فضلا عن كونها تحقق كثيرا من الأهداف التنموية للمملكة في رؤيتها 2030، ستكون بمنزلة قاطرة لتوطين الصناعة في منطقة الوطن العربي، حيث تلتحم بشكل كبير جدا مع رؤى التطوير العربي المشترك. ورأوا أن تجربة السعودية في استحداث مدن صناعية قائمة على الاقتصاد الأزرق، وذلك بالاعتماد على البحار في تحقيق التنمية المستدامة بالمنطقة وصافي الانبعاثات الصفرية net zero، ستسهم في دعم تدفقات التجارة العالمية في المنطقة، وإيجاد روافد جيدة تصب في شرايين الاقتصاد السعودي. وبحسب وكالة الأنباء السعودية «واس»، قال الدكتور مدحت نافع عضو الهيئة الاستشارية لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية، إن "المدينة بمنزلة مركز إقليمي وتجمع صناعي ضخم وهو أمر جيد للغاية، خاصة أنه لأول مرة منذ سنوات طويلة نتحدث عن عمل عربي إنتاجي صناعي، وليس فقط خدميا، وهو ما تحتاج إليه منطقتنا العربية لتوطين الصناعة وتطويرها، وقد لمسنا ذلك مع الأزمة الأخيرة لجائحة كورونا، لذا يجب أن تتضافر كل الجهود لإنجاح "أوكساچون"وأن تكون المدينة القاطرة لوحدة اقتصادية عربية". وذكر أن مدينة نيوم الصناعية مشروع كبير ومتعدد وفي موقعها كثير من المزايا، ففضلا عن كونها مدينة صناعية عائمة تحقق أهداف التنمية المستدامة، خاصة صافي الانبعاثات net zero، فهي أيضا تقع بالقرب من أهم ممر للتجارة العالمية، حيث قناة السويس التي يمر عبرها 13 في المائة من حجم التجارة العالمية، كما تقع في طريق مبادرة الحزام والطريق الصينية. من جانبه، أوضح السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، أن ترحيب المدينة برواد التصنيع والمستثمرين وأصحاب الأعمال في بداية 2022 ينم عن عزم المملكة على تنويع اقتصادها بحيث لا تعتمد فقط على النفط، وهذه ترجمة لرؤية المملكة التنموية 2030 التي تسير بخطى ثابتة وسريعة. وأكد بيومي، أن المدينة محط أنظار المستثمرين ورجال الأعمال عربيا وعالميا كونها واحدة من أكثر المراكز اللوجستية تقدما في العالم من الناحية التقنية، منوها بأن أوكساچون ستكون نواة لتعاون إقليمي للدول العربية المطلة على البحر الأحمر ما من شأنه أن ينعش حركة التجارة العالمية في منطقة البحر الأحمر. وبشأن اعتماد المدينة على الطاقة المتجددة، ذكر بيومي أن هذا ينم عن ذكاء المخطط السعودي فهو يعمل بحسابات متقدمة عما سيكون عليه العالم بعد 50 عاما ومساهمة من المملكة في توفير بيئة نظيفة للمدن الصناعية دون غيرها من الموجودة في الدول الصناعية الكبرى التي تسيء للبيئة والمناخ العالمي وهو ما يجعل "أوكساچون" قبلة للاستثمار الدولي. بدوره، أكد الدكتور محرم هلال رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن مدينة "أوكساچون" ستكون مكملا للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس وليس منافسا لها، وعلينا أن نشجع الاستثمار في نيوم لأنه سيعود بالنفع على مصر والدول العربية كافة. ونوه هلال بأن المدينة الصناعية في نيوم ستزيد من قيمة عوائد قناة السويس عالميا بوصفها الناقل الأقرب والأكثر أمانا لما تنتجه المدينة الصناعية من صادرات وما تحتاج إليه من مواد خام. من ناحيته، قال الدكتور أشرف عبدالعزيز الأمين العام للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، إن تدشين المملكة مدينة "أوكساچون" كمدينة صناعية صديقة للبيئة يؤكد التزام المملكة برؤيتها نحو التوصل إلى صفر انبعاثات كربونية حرارية، محددة في 2060 سقفا لها، فضلا عن قيامها ودول عربية أخرى بالبحث العلمي في مجالات نزع الكربون عن الطاقة الأحفورية، وبمحاولة رائدة بإنشاء مدن جديدة كنموذج للطاقة الشمسية النظيفة. وأضاف: لا أحد ينكر الدور الذي لعبته المملكة في تنمية الاقتصاد العالمي خلال العقود الماضية، ودورها في الحفاظ على توازن الاقتصاد العالمي ونموه، ودورها الحالي في التوسع في إتاحة التكنولوجيا الخضراء والمساعدة على التصنيع الملائم للبيئة من خلال مدينة "أوكساچون". وبين أن التجربة السعودية في استحداث مدن صناعية قائمة على الاقتصاد الأزرق بالاعتماد على البحار في تحقيق التنمية المستدامة، بالمنطقة ستسهم في دعم تدفقات التجارة العالمية في المنطقة وتوفير فرص نمو تصب في شرايين الاقتصاد السعودي. وأوضح أن الوطن العربي يتطلع إلى اكتمال "أوكساچون" التي ستصبح المحرك الاقتصادي والصناعي لمدينة نيوم، إذ ستقود الابتكار في الصناعة والتقنية، إضافة إلى المعيشة الاستثنائية التي سينعم بها سكانها. من جانبه، عد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي المصري رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، مشروع "أوكساچون"، نقلة حضارية وإنسانية، لافتا إلى أن المدينة الصناعية ستخدم اقتصاد المملكة كونها مشروعا عملاقا، ويوفر فرصا لرواد الأعمال من خلال بيئة ناشئة، وضخ استثمارات كبيرة ومتنوعة. ونوه عبده، بالكفاءات والخبرات العالمية والشركات العملاقة والمراكز الاستشارية التي استعانت بها المملكة في خدمة الخطط التنموية والاقتصادية، ووضع الرؤى والخطط بحيث تكون قابلة للتنفيذ، في إطار عدم اعتماد المملكة على النفط، وتنويع مصادر الدخل. وأكد الخبير الاقتصادي المصري رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن المدينة الصناعية ستكون حافزا للنمو الاقتصادي والتنوع بما يحقق أهداف رؤية 2030 ودعم المملكة في مجال التجارة الإقليمية في المنطقة والعالم، مشددا على أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي التي ستعتمد عليها المدينة في مصانعها لأن العالم خلال الأعوام المقبلة لن يتحدث عن الأنشطة والصناعات التقليدية بل إن هناك وظائف كثيرة ستلغى من الخريطة. وقال إن المملكة استثمرت الموارد التي لديها لخدمة التنمية، اليوم وغدا، بكون أن الذكاء الاصطناعي هو تيمة المستقبل والنقلة الحضارية للأجيال الحالية والمستقبلية، وبالتالي هي فكرة رائعة لأنها تخدم الاقتصاد السعودي وهي جزء من تقدم المنطقة العربية. بدورها، عدت الدكتورة يمنى الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن مدينة نيوم الصناعية "أوكساچون" التي أعلن تدشينها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس إدارة شركة نيوم إحدى الخطط التي تعتمد عليها المملكة في تنويع هياكلها الاقتصادية، ما يمكنها من عدم الاعتماد على النفط بشكل رئيس، وتساعد على اندماج المملكة في الاقتصاد العالمي كقوة اقتصادية ضاربة تحقق التكامل بينها وبين مدينة نيوم السياحية. وأشارت إلى وجود مجموعة من العوامل ستساعد على تحقيق أهداف المدينة الصناعية الحديثة التي سترتبط بدول العالم، منها: تحول المملكة إلى رقمنة الاقتصاد، وتطوير نظام التعليم، وتنمية الموارد البشرية، مبينة أن "أوكساچون" ستقلل عملية الاستيراد وستزيد من عمليات التصدير، وإيجاد فرص عمل للشباب والمرأة التي تنتظرها مجالات واعدة في عملية التنمية، وفقا لبرنامج تمكين المرأة اقتصاديا ضمن رؤية المملكة 2030.
مشاركة :