الرباط - عزز المغرب وإسرائيل اليوم الأربعاء التعاون الثنائي بأول اتفاقية أمنية من نوعها في إطار الشراكة الدفاعية وذلك خلال اليوم الأول من زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمملكة والتي تستمر يومين. ووقعت الرباط وتل أبيب اتفاق-إطار للتعاون الأمني (مذكرة تفاهم) "غير مسبوق خلال زيارة تاريخية يقوم بها غانتس للمملكة، بينما يأتي هذا الاتفاق استكمالا لمباحثات سابقة واتفاقيات بين الجانبين منذ استئناف المغرب وإسرائيل العلاقات الدبلوماسية بعد سنوات من القطيعة. ويرسم الاتفاق الذي وقعه غانتس والوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع المغربي عبداللطيف لوديي، التعاون الأمني بين الجانبين "بمختلف أشكاله" في مواجهة "التهديدات والتحديات التي تعرفها المنطقة"، بحسب الجانب الإسرائيلي. وسيتيح الاتفاق للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير. ويأتي ذلك بعد عام من تطبيع علاقاتهما بمقتضى اتفاق ثلاثي تعترف بموجبه الولايات المتحدة الأميركية بسيادة المغرب على صحرائه المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. ووصف غانتس الاتفاق بأنه "أمر مهم جدا، سيمكننا من تبادل الآراء وإطلاق مشاريع مشتركة وتحفيز الصادرات الإسرائيلية" إلى المغرب. وقبيل أن يستقبله نظيره المغربي توجه وزير الدفاع الإسرائيلي والوفد المرافق له إلى ضريح محمد الخامس بالرباط للترحم على جد الملك محمد السادس ووالده الحسن الثاني. وكتب على الدفتر الذهبي للضريح "نرجو مباركتهما ونتطلع معا إلى مستقبلنا المشترك، في وقت تتعمق فيه الروابط بين شعبينا وتتوحد أمتانا لرسم رؤية مشتركة للسلام". وقبل إقلاع طائرته من مطار بن غوريون في تل أبيب مساء الثلاثاء تحدث غانتس عن "رحلة تاريخية مهمة إلى المغرب تكتسي صبغة تاريخية، كونها أول زيارة رسمية لوزير دفاع إسرائيلي لهذا البلد". ويرتقب أن يتباحث المسؤول الإسرائيلي في وقت لاحق الأربعاء مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة. وأقام المغرب وإسرائيل علاقات دبلوماسية إثر توقيع اتفاقات أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في العام 1993، قبل أن تقطعها الرباط بسبب قمع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت عام 2000. واستأنف الجانبان علاقاتهما أواخر العام ليكون المغرب رابع بلد عربي يطبع علاقاته مع إسرائيل في 2020 برعاية أميركية، بعد الإمارات والبحرين والسودان. وعشية وصول غانتس إلى الرباط جدد وزيرا خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكين والمغرب ناصر بوريطة، خلال لقائهما الاثنين بواشنطن، التأكيد على أهمية "التعميق المستمر" للعلاقات بين المغرب وإسرائيل. وتأتي زيارة غانتس إلى المملكة في سياق إقليمي متوتر مع إعلان الجزائر في أغسطس/اب قطع علاقاتها مع الرباط بسبب ما قالت إنها "أعمال عدائية". وأعرب المغرب عن أسفه للقرار ورفض مبرراته التي وصفها بـ"الزائفة". كما أعلنت جبهة البوليساريو الجمعة الماضية "تكثيف" عملياتها العسكرية ضد القوات المغربية في الصحراء المغربية. ويعتبر الخبير في العلاقات الإسرائيلية المغربية بجامعة تل أبيت بروس مادي وايتسمان أن هذا التزامن قد لا يكون من باب الصدفة، قائلا "في سياق التوتر مع الجزائر ربما يرغب المغاربة في أن يظهروا للعالم ولشعبهم وخصومهم الجزائريين وكذلك للغرب، أنهم بصدد تعميق علاقاتهم مع إسرائيل، مع كل ما يستتبع ذلك". وتعد إسرائيل من أهم مصدري طائرات الدرون الحربية المسيرة في العالم وكذلك برامج المعلوماتية الأمنية عالية التكنولوجيا مثل برنامج بيغاسوس المثير للجدل، لكن هذا النوع من المبيعات يجب أن تصادق عليه وزارة الدفاع الإسرائيلية. واتهم تحقيق نشرته وسائل إعلام دولية في يوليو/تموز المغرب باستعمال برنامج بيغاسوس لاستهداف صحافيين ومعارضين وشخصيات سياسية مغربية وأجنبية، لكن الرباط نفت بشدة تلك الاتهامات ورفعت دعاوى قضائية بتهمة "التشهير" ضد ناشريها في فرنسا وألمانيا واسبانيا. أثارت زيارة غانتس الذي كان قائد أركان الحرب الإسرائيلية خلال الحرب على غزة العام 2014، تنديد النشطاء المناصرين للقضية الفلسطينية الرافضين للتطبيع مع إسرائيل. ويرى وايتسمان أنّ المغرب لم يتخلّ عن القضية الفلسطينية، "لكن لديه مصالح أخرى ومنافع كثيرة ليجنيها من إعادة تنظيم علاقاته"، مضيفا "جلّ بلدان المنطقة لم تعد ترغب في أن تظل رهينة لهذه القضية، بل في إعطاء الأولوية لمصالحها الخاصة وإسرائيل لديها الكثير لتقدمه". وأكد العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يرأس لجنة القدس في عدة مناسبات بعد التطبيع مع إسرائيل، استمرار دعم القضية الفلسطينية على أساس المفاوضات من أجل حل الدولتين.
مشاركة :