يصارع العالم اليوم سيلا من التحديات العالمية مثل الجائحة التي تحدث مرة واحدة في القرن، والخطر المتزايد للركود التضخمي العالمي، وعودة الحمائية والهيمنة، فضلا عن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. تتطلب تلك التحديات الكوكبية الملحة جهودا قوية وفعالة وجماعية من جميع مناحي الحياة في كل بلد حول العالم. ووسائل الإعلام، بالطبع، لها دور فريد وهام لتلعبه في هذا الصدد. لكي تلعب المجموعات الصحفية في جميع أنحاء العالم دورها في المساعدة على بناء عالم أفضل للجميع، فإن تحسين التنسيق والتواصل أمر ضروري بكل معنى الكلمة. وقد أتاحت القمة العالمية الرابعة للإعلام، التي عقدت يوم الاثنين، منصة تواصل وتنسيق متطورة لوسائل الإعلام العالمية للمساعدة في معالجة المسائل الرئيسية للعصر وتوسيع التوافق في جميع أنحاء العالم. وكما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة تهنئة إلى القمة، ينبغي على وسائل الإعلام العالمية السعي إلى المساعدة في تعزيز الصداقة بين الشعوب وتسهيل التبادلات الثقافية والشعبية، وتقديم المساهمات الواجبة في مناصرة القيم المشتركة للبشرية، وتعزيز تنمية مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. وباعتبارها جسرا يربط بين قلوب الناس وعقولهم، يتعين على وسائل الإعلام من جميع أنحاء العالم أن تلعب دورها الواجب في تعزيز التفاهم المتبادل، ودفع التبادلات بين الشعوب، وبناء جسور التعلم المتبادل بين الحضارات، خاصة في وقت تتزايد فيه الانقسامات وسوء الفهم. فالتقارير الموثوقة والموضوعية والشاملة يمكن أن تعزز التفاهم والوحدة بين مختلف البلدان والشعوب. والصحافة المنحازة بل والأخبار الكاذبة، مثل حملات التضليل في ظل الجائحة وانتشار الدعاية الإرهابية عبر الإنترنت، لا يمكن إلا أن تضخم عدم الثقة والعداء، وتعمل كأورام تقضي على الإنسانية من الداخل. وبالتالي، يجب على كل عضو في صناعة الإعلام العالمي، ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي، احترام أخلاقيات الصحافة، والتكاتف للتغلب على المعلومات المضللة وخطاب الكراهية والأفكار المتطرفة، لخلق بيئة إيجابية وصحية وبناءة للرأي العام. وفي الوقت نفسه، يتعين على المجموعات الإعلامية في جميع أنحاء العالم أن تساعد بشكل أفضل البلدان النامية في جعل أصواتها مسموعة على المسرح العالمي. على مدى القرون العديدة الماضية، انتقلت المعلومات العالمية إلى حد كبير من البلدان الغنية إلى البلدان الفقيرة. ينبغي تغيير هذا ليعكس بشكل أفضل المشهد السياسي والاقتصادي العالمي المتغير. وقد أصبحت مثل هذه القضية ملحة بشكل متزايد في وقت تكافح فيه البلدان النامية وكذلك الاقتصادات الأقل نموا ليس فقط من أجل علاج شعوبها في ظل الجائحة، وإنما أيضا لإطعامهم. ومن واجب المراسلين في جميع أنحاء العالم تنبيه العالم إلى مآسيهم ومعاناتهم، وحث المجتمع العالمي على تقديم المزيد من المساعدة. هذه الأمور تعد أيضا جزءا أساسيا من المسؤوليات الاجتماعية التي ينبغي لقطاع الإعلام في جميع أنحاء العالم أن يضطلع بها كقوة دافعة للتنمية والتقدم الاجتماعيين. وقال خه بينغ، الرئيس التنفيذي للقمة العالمية للإعلام ورئيس وكالة أنباء ((شينخوا))، إن "الجائحة تعرض صحة البشرية للخطر، ووسائل الإعلام لديها مهمة يتعين عليها إنجازها"، داعيا وسائل الإعلام العالمية إلى أن تعكس بشكل كامل توافق آراء جميع الدول وإجراءاتها لمكافحة جائحة كوفيد-19 بشكل مشترك، وتسرد قصص مكافحة الجائحة سردا جيدا، وتنشر المعلومات الإيجابية، وتُظهر مآثر الناس العاديين، وتتحدث عن مجد الطبيعة البشرية. صحيح أن صناعة الإعلام نفسها تواجه تحديات شاقة، مثل محدودية التواصل وجها لوجه في ظل الوضع الوبائي. لكن هذه التحديات تشير أيضا إلى فرص جديدة لأنها تجبر المؤسسات الإعلامية على بذل المزيد من الجهد في مجال الابتكار وتبني التحول. فتكنولوجيا المعلومات، ممثلة في شبكات الجيل الخامس، والبيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الافتراضية، والكون الفوقي، تعمل على إعادة تشكيل الصحافة بشكل عميق. وينبغي لوسائل الإعلام العالمية استخدام هذه التقنيات بذكاء لتحليل المشكلات، وتقديم الحقيقة، وتنوير المناقشات الهادفة، حتى تتمكن البشرية من التغلب بشكل أفضل على الألغاز العالمية الرهيبة لهذا العصر العاصف. خلاصة القول، تقع على عاتق المنظمات الإعلامية العالمية التزامات لا يمكن التنصل منها لجعل هذا العالم مكانا أفضل للجميع. وينبغي عليها التكاتف بقوة أكبر، وتحفيز تنميتها الخاصة، وتقديم نصيبها من المساهمة في القضية المشتركة للجنس البشري.■
مشاركة :