افتتح المجلس الأعلى للمرأة في مقره بالرفاع صباح أمس المنتدى الوطني لعرض نتائج ومناقشة توصيات تقرير مملكة البحرين الثاني للتوازن بين الجنسين، وذلك بمشاركة الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني، والأستاذة هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس، وبحضور عدد من المسئولين في القطاع العام، وممثلين عن السلطة التشريعية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وممثلين عن مركز التوازن بين الجنسين في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومركز الإحصاء الخليجي، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ولجنة المرأة بالأسكوا، وفريق خبراء البنك الدولي. ويهدف المنتدى الذي يقام على مدى يومين إلى مناقشة نتائج التقرير الوطني للتوازن بين الجنسين على المستوى المؤسسي وفي المجالات الرئيسية المؤثرة في التنمية الوطنية، الذي شهدت نتائجه تقدما ملحوظا بالمقارنة مع التقرير الأول الصادر قبل عامين. وأطلع المشاركون في المنتدى على أبرز المبادرات وأفضل الممارسات، التي رصدها التقرير، والتي ساهمت في تطوير مؤشرات التوازن بين الجنسين على المستوى الوطني، بالإضافة إلى فرص التحسين المرجوة في المجالات التنموية المختلفة. كما تناولت جلسات المنتدى المقترحات التي من شأنها أن تسهم في تجويد مخرجات التقرير الوطني، خصوصاً ما تعلق منها بسبل الأخذ بتوصياته وأوجه تنفيذها بحسب أولويات العمل القادمة، أو منهجيات تطوير بعض المؤشرات لتقديم المزيد من القراءات الموضوعية لواقع التوازن بين الجنسين. سياسات الحكومة وفي مستهل الكلمة التي ألقاها وزير المالية والاقتصاد الوطني خلال الجلسة الرئيسية للمنتدى، أكد أن ما بلغته المرأة البحرينية اليوم من مستويات متقدمة اصبحت واقعاً تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، ودعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، والقيادة المتميزة للعمل النسائي لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة. وأعرب عن خالص شكره وتقديره للمجلس الأعلى للمرأة على ما يبذله من جهود فاعلة ومتواصلة من أجل إبراز المكانة والدور الرئيسي والريادي الذي تتولاه المرأة البحرينية اليوم في مختلف المجالات والأصعدة، لتكون الشريك المهم في مواصلة البناء والتطوير والإسهام الفاعل في رفد المسيرة التنموية للمملكة بما يحقق مزيداً من التقدم والازدهار، مشيرًا إلى أن نهج الحكومة المساند والمنسجم مع الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية قد وصلت إلى مرحلة متقدمة من العمل تبتعد في مضمونها عن صيغة التمكين التقليدي المتمثل في «النهوض بالمرأة»، وصولاً إلى صيغة متجددة تركز على «نهوض المرأة بنفسها» وبمجتمعها وبما يعزز من استدامة تقدمها، وهو ما يتجسد اليوم في حضورها القوي في مجالات العمل وتبوئها المناصب القيادية ضمن المؤسسات الحكومية كما في القطاع الخاص. وقال إن إعداد وإصدار هذا النوع من التقارير الوطنية لقياس تنافسية المرأة في التنمية الوطنية وفاعلية تأثير السياسات والتشريعات في تحقيق الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية، يثري التجربة الوطنية ويؤهلها لتكون نموذجاً يحتذى به ومرجعاً للخبرات والتجارب في مجال تحقيق تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين. وأشار في هذا السياق أن نتائج التقرير بينت تقليص الفجوة بين المرأة والرجل في الكثير من المجالات مقارنة بنتائج التقرير الأول، وأن التقرير يعد منهاجاً ودليلاً وطنياً لرصد ومتابعة أداء الجهات والمؤسسات في مجالات إدماج احتياجات المرأة في التنمية على النحو الذي يعكس السياسة العامة لمملكة البحرين. وهنأ وزير المالية والاقتصاد الوطني الجهات الخمس التي حققت أداءً متقدماً من بين 45 جهة، وهي هيئة جودة التعليم والتدريب، والجهاز الوطني للإيرادات، ووزارة الصحة، والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، وهيئة البحرين للثقافة والآثار. لافتاً في هذا الصدد إلى أهمية تعميم تجارب هذه الجهات وتوثيق الخطوات والمبادرات التي قامت بها من أجل تحقيق أفضل النتائج، منوهًا بأن تجربة مملكة البحرين في تبني منهجية «التقييم الذاتي» على صعيد قياس العائد من مشاركة المرأة في التنمية، تعكس أهمية إدارة البيانات والمعلومات والإحصاءات، حيث أصبحت البيانات هي الأصول والموارد الفعلية التي تساهم في رسم الخطط والاستراتيجيات وتنفيذها أخذاً بعين الاعتبار كل المعطيات والمعايير كونها الوسيلة الأكثر ثقة لقياس الأداء ومدى فعاليته. وفي الختام، أعرب وزير المالية والاقتصاد الوطني عن تطلعه بأن تكون مخرجات المنتدى منصبة لصالح عرض ومناقشة نتائج التقرير والاطلاع على أبرز المبادرات المتميزة والهادفة إلى تحقيق التوازن بين الجنسين في القطاع العام، إضافة إلى تسليط الضوء على المقترحات والتوصيات التي جاءت ضمن التقرير وذلك بهدف تحديد الأولويات ورسم خطط المرحلة القادمة، وبما يساهم في تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي التي أعلنتها الحكومة مؤخراً من أجل مواصلة الحفاظ على مستويات النمو، وخلق فرص عمل واعدة للمواطنين، وجعل المواطنات والمواطنين الخيار الأول في سوق العمل ومن خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، متمنياً معاليه للمجلس الأعلى للمرأة دوام التوفيق والسداد. تحسن ملحوظ من جانبها أعربت الأستاذة هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة عن تقدير المجلس لجهود الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، التي أخذت على عاتقها مسؤولية تفعيل أهم عناصر النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين، والمتمثل في اعتماد آليات وطنية، كالتقرير، لقياس أثر وفعالية السياسات والبرامج المخصصة لتقليص الفجوات بين الجنسين، من منطلق تعزيز الرقابة والشفافية وتحسين التخطيط الاستراتيجي ومتابعة الأداء العام لتحقيق المزيد من المنجزات لاستدامة تقدم المرأة البحرينية. وقالت الأنصاري في كلمة لها خلال المنتدى «تتفضل الحكومة الموقرة بالتنسيق مع المجلس باعتماد ونشر نتائج التقرير والعمل على متابعة مخرجاته من خلال مثل هذه المنصات التشاورية الهامة بين أصحاب المصلحة، والذي يعد خير دليل على ما تحظى به أعمال المجلس الأعلى للمرأة بقيادة صاحبة السمو الملكي قرينة العاهل المفدى حفظها الله، من مساندة كبيرة من قبل السلطة التنفيذية، وتشاركها في ذلك المؤسسة التشريعية وجميع شركاء العمل الوطني في القطاعين الخاص والأهلي». وذكرت أن مخرجات التقرير الوطني أوضحت تحسناً ملحوظاً على صعيد نتائجه مقارنةً بإصداره الأول، سواء في شقه المتعلق بالأداء المؤسسي أو ضمن المجالات الرئيسية المرتبطة بمشاركة المرأة في الشأن التنموي، وأشارت الأنصاري إلى أن نتائج التقرير جاءت مجسدة لاهتمام جميع الجهات المشاركة على تطوير تجربة مملكة البحرين في مجال حوكمة تطبيقات تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين، والمتمثل في التزام 45 مؤسسة في القطاع العام بتقديم المعلومات والإحصائيات التي يحتسبها التقرير، وخصوصاً ما تعلق منها بمعالجات الدولة لتداعيات الجائحة وسبل احتوائها، ومجالات استدامة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والتي تستدعي المزيد من الابتكار والتجديد في وضع الحلول ذات الأولوية لرفع مستويات التنافسية الوطنية. مناقشة أولويات عمل السلطة التنفيذية في تنفيذ توصيات التقرير وخلال الجلسة النقاشية المعنية بالسلطة التنفيذية التي أدارتها الأستاذة آمنة الرميحي وكيل الوزارة للاقتصاد الوطني بوزارة المالية والاقتصاد الوطني، وبحضور المعنيين من المسئولين بالمؤسسات الرسمية والحكومية ورؤساء لجان تكافؤ الفرص، استعرضت الجلسة أولويات عمل السلطة التنفيذية في تنفيذ توصيات التقرير التي تناولت عدة جوانب، كرفع نسبة مشاركة المرأة البحرينية في سوق العمل وفي مواقع صنع واتخاذ القرار في بعض القطاعات، ورفع نسبة الملتحقات بالتعليم الفني والمهني، واستحداث تخصصات فنية ومهنية وصناعية للطالبات، والالتزام بتفعيل نظام الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة، ورفع كفاءة الخدمات الاجتماعية المقدمة لها. كما بحث المشاركون في الجلسة أهم أولويات العمل القادمة عبر التوافق على آليات وضع خطة العمل القادمة لمتابعة تنفيذ توصيات التقرير، مع اقتراح تطوير بعض مؤشرات التقرير التي ستسهم في تحليل الوضع الحالي لوضع الحلول المناسبة، مع التأكيد على ضرورة أن تكون تلك الحلول مبتكرة ومرنة لتقديم معالجات واقعية. إطلاق برنامج «توازن» التدريبي وخلال الجلسة الرئيسية، أطلق المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع معهد الإدارة العامة برنامج «توازن» التدريبي، وذلك بهدف بناء وتنمية قدرات لجان تكافؤ الفرص بمؤسسات القطاع العام والجهات ذات العلاقة بمتابعة تنفيذ النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين وآلياته. وقال الدكتور رائد بن شمس المدير العام لمعهد الإدارة العامة، إن هذا البرنامج سيعمل على التركيز على رفع القدرات وإلقاء الضوء على أبرز الممارسات في مجال تحديد أولويات المؤسسة بما يحقق الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية، والمساعدة في إعداد الخطة التشغيلية للجنة تكافؤ الفرص، وتوظيف مؤشرات الأداء عند تنفيذ البرامج، ووضع التقارير المساندة لعمل اللجنة بناء على اختصاصاتها، بالإضافة إلى إعداد الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة في التنمية الوطنية بما يتناسب مع طبيعة عمل المؤسسة. الزايد: التقرير مرجع وطني لاستدامة تقدم المرأة وفي الجلسة النقاشية الخاصة بالسلطة التشريعية لمناقشة والاطلاع على التقرير الوطني للتوازن بين الجنسين، أكدت رئيسة لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى الأستاذة دلال الزايد أن هذا التقرير يمثل مرجعا وطنيا أمام جميع مؤسسات الدولة، وشددت على ضرورة وفائدة الأخذ بمنهجية وتوصيات هذا التقرير والإحصائيات التي تضمنها، وذلك من أجل وضع الحلول الواقعية التي ستضمن استدامة تقدم المرأة البحرينية. وقالت إن أهمية هذا التقرير تنبع من أنه نتاج عمل دؤوب للمجلس الأعلى للمرأة الذي بات بيت خبرة محليا وإقليميا، بل ودوليا في مختلف قضايا المرأة، وهو المؤسسة الوطنية المعنية بالمرأة بموجب الأمر الملكي السامي بإنشائه، ويراعي في مجمل أنشطته وخططه ومبادراته وتقاريره المصلحة العليا للدولة. فيما أكدت المداخلات التي تقدم بها عدد كبير من النواب والشوريين خلال الجلسة الدعم الكامل لجهود المجلس الأعلى للمرأة في تنفيذ توصيات هذا التقرير، والاستعداد لتعديل التشريعات القائمة وسن تشريعات جديدة تخدم تنفيذ هذه التوصيات. وناقشت الجلسة المخصصة للسلطة التشريعية أثر التشريعات والقوانين المتضمنة لتوجهات التوازن بين الجنسين وتكافؤ الفرص على نتائج التقرير، والعائد من استثمار الدور الرقابي للسلطة التشريعية على تطبيق وتحقيق التوازن بين الجنسين، ودور السلطة التشريعية في دعم نتائج مملكة البحرين في التقارير الدولية، إضافة إلى التوصيات ذات العلاقة بالفجوات التشريعية المرصودة وتحديد الأولويات القادمة.
مشاركة :