«نورية» تبتكر طرقًا غريبة للهروب من الموت المشاع في البلاد

  • 11/9/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

البحث عن سبيل للتعايش مع فكرة الموت والهروب منها، وصراع امرأة تخشى على ابنها من الموت فتلجأ إلى طريقة غريبة للحفاظ عليه، كانا تيمة العرض المسرحي العراقي الجديد «نورية»، الذي أثار إعجاب وتفاعل جمهور العرض معه، وأعاد الصوت النسوي لريادة المشهد الأدبي والفني من جديد. وكانت مؤلفة ومخرجة العمل الفنانة ليلى محمد، وبطلته الفنانة هناء محمد، في صراع جديد مع مفردات عمل فني وحياة حقيقية. المسرحية النسوية المونودراما «نورية» عرضت على خشبة المسرح الوطني وسط بغداد، بزمن عرض مدته 50 دقيقة، وسط حضور حافل. وتميزت المسرحية بأداء حرفي عميق جسدته الفنانة هناء محمد في صراعها بين الخوف الطمأنينة والحقد والحب والأمومة والطفولة والرعب والتحدي. هي امرأة تعشق ولدها حتى إنها لجأت بعد عشرين عاما إلى إعادته إلى أحشائها خوفا عليه من الموت المشاع في البلاد، وربما تحديًا لهذا الموت، فيما توالت صور الحروب والاختطاف والحصار والسيارات المفخخة ومغتسل الموتى كمفردات اشتغلت عليها المؤلفة سعيًا للبحث عن فكرة جديدة للهروب من الموت. تقول مخرجة العمل ومؤلفته الفنانة ليلى محمد: «إن فكرة العمل فلسفية، إذ إنه يطرح أسئلة حول الوجود وماهية الحياة وأسباب مغادرتنا الحياة دون استعدادٍ لذلك، وكذلك تساؤلات حول أسباب القتل والدمار والاغتصاب والفقر. وهذا كله قد يكون مؤذيا للمشاهد، لذلك حاولنا تجميل المأساة بالموسيقى، فقُمت بعزف آلة الجلو لجعل الفكرة أقل حدة ووجعا». وأضافت ليلى محمد: «لقد تميزت أغلب أعمالي بمناقشة مواضيع المرأة العراقية، إذ أنجزت خمسة أعمال مسرحية تخص المرأة بين تمثيل وإخراج، سواء أكانت مونودراما أو غيرها». وردا على بعض الآراء حول صعوبة وصول العمل للمشاهد البسيط، تقول المؤلفة: «إن العمل فلسفي بالفعل، لكنها ليست الفلسفة الصعبة الوصول للمُتلقي، وذلك لأن كل بيت عراقي اليوم يمتلك شهيدا ومفقودا. فلسفة العمل لم تكُن متعالية، وكانت تُناقش مشكلة الموت، التي وضع الحل لها بأن البطلة تُعيد ابنها إلى رحمها، ليس خوفا عليه من الموت فقط، بل هو رد وتحدٍ وانتفاض على ذلك الغول الكبير الذي يُدعى الموت، والذي بات يقتات علينا الواحد تلو الآخر دون توقف». وعن زميلتها الفنانة هناء محمد، ولماذا وقع الاختيار عليها بالذات، قالت: «العمل ممتع مع فنانة كبيرة مثل هناء محمد. وقد وقع عليها الاختيار لأننا على دراية بأنها من أكفأ الفنانات القادرات على تجسيد مثل هذا العمل». بدورها، تقول بطلة العمل الفنانة هناء محمد: «الفكرة تتحدث عن معاناة المرأة العراقية التي أصبحت هَرِمة وقد لامسها الخرف وأصبح الموت يطاردها، إلا أنها حاولت الهروب منه باسترجاع ماضيها بين الطفولة والشباب والأمومة. لقد حاولت حماية ابنها من الموت وإرجاعهُ إلى رحمها بعد ما يقارب العشرين عاما من ولادته لكي لا تصله يد الموت، وبذلك كان العمل يحمل شيئا من السريالية». وتضيف هناء محمد: «لقد استمر العمل على مسرحية (نورية) أكثر من شهرين ونصف الشهر، وكانت فترة مليئة بالتدريبات والتحضيرات المستمرة بمعدل أربع بروفات في اليوم وفي قاعات مختلفة. وكيفت حركتي وفق الإضاءة لأن القاعة كانت مظلمة والإضاءة غير كافية رغم الجهد الذي بذله مدير الإضاءة». ويقول الخبير المسرحي يوسف رشيد عن فكرة العمل: «إن الفلسفة نتاج تأمل، وهو موضوع إنساني يمكن أن نصل به إلى المتلقي وفق أساليبنا التي نستخدمها من أجل ملامسة فكر المُتلقي، فالمسافة الجمالية التي من الممكن أن نحققها بيننا وبين المتلقي وكيف يمكن لنا التحكم بهذه المسافة تتركز في الصورة التي نظهرها من خلال العمل لتكون كفيلة بتوصيل الفكرة كما ينبغي». ويضيف قائلا: «من المؤكد نحن بحاجة إلى مدة عرض أطول كأن تكون شهرا أو أكثر، إلا أن الإمكانيات المُتاحة تجبرنا على تقليص مدة العرض، إلا أننا نأمل إطالة المدة وفق الجمهور الحاضر».

مشاركة :