جمعية الفلسفة تحتفي باليوم العالمي للفلسفة

  • 11/25/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة نظمت جمعية الفلسفة احتفالاً تضمن ورشة تدريبية بعنوان “الحوار والآخر” قدمها المهندس حمد الراشد، وأدارها عيد الجهني. وندوة حوارية بعنوان “الفلسفة والأسئلة المعاصرة” شارك فيها كلٌ من: خالد الغنامي وشايع الوقيان ومروان العايد، وأدارتها أفنان المبارك. وتضمن الحفل فقرة موسيقية وتكريماً للمشاركين. وقد أعلن اليوم العالمي للفلسفة من قبل اليونسكو ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر. تم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر عام 2002م. خلال الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة في كل عام تؤكد اليونسكو القيمة الدائمة للفلسفة لتطور الفكر البشري، لكل ثقافة ولكل فرد. جمعية الفلسفة: هي جمعية أهلية سعودية غير ربحية تهدف إلى تمكين المهتمات والمهتمين بالفلسفة من المشاركة المجتمعية في المجال الفلسفي. تأسست في السابع من نوفمبر 2020م ومقرها مدينة الرياض. وتسعى الجمعية لعقد تعاون وشراكات مع جميع الجهات الحكومية والخاصة للمساهمة في نمو الثقافة الفلسفية في السعودية كما تهدف إلى تشجيع المجتمع بأطيافه على القراءة الفلسفية الجادة والمستمرة، وإيجاد بيئة تقوم باحتواء المواهب الفلسفية والثقافية، وإبراز الجانب الإبداعي لدى الفلاسفة والمثقفين، وتمكين الكفاءات الشابة من المساهمة في الحركة الفلسفية والثقافية، ودعم المبادرات الثقافية في مجال الفلسفة. وتتطلع الجمعية إلى أن تساهم الفلسفة في رفع مستوى الوعي الإنساني والاخلاقي لتعزيز قيم التعايش والتسامح في المجتمع من خلال الحوار وبناء المعرفة وتطوير مهارات التفكير. وخلال عامٍ من تأسيسها نظمت الجمعية العديد من المحاضرات ضمن مشروعها الرائد “قراءات فلسفية للفكر السعودي” تستهدف استكشاف جذور التفلسف في المجتمع السعودي بمسارات المتنوعة؛ فكرية، وأدبية، وتاريخية، وطبيعية. كما تمّ تقديم مجموعة من الورش التدريبية من أهمها: “كيف تقرأ في الفلسفة” لسليمان السلطان، “مدخل إلى التفكير المنظومي” لعبدالرحمن مرشود، “كيف تقرأ نصاً فلسفياً” لشايع الوقيان، و”قراءة في كتب الفلسفة” لرانيا العرضاوي. كما قدمت نشاطاً تفاعلياً مميزاً في معرض الرياض الدولي للكتاب. وتقيم الجمعية حلقات بودكاست متنوعة ومنها: بودكاست “مقابسات” وبودكاست “ديالكتيك” وبودكاست “مفاهيم”. واهتمت الجمعية بتقديم الدراسات والبحوث الفلسفية ومراجعات الكتب، ومن ذلك: “محاورة الشكر: دايوتيما وسقراط - عبدالله المطيري”، “مقدمة في فلسفة الرعب - تغريد العتيبي”، “رسالة في النفس والطبيعة - يزيد بدر”، “السكن الأصلي الجسد الحامل كضيافة مطلقة فرانسس قري ترجمة: عبدالله المطيري مراجعة: أفنان المبارك”، “هل طائر العنقاء موجود؟ (في نقد تصور شايع الوقيان للوجود) مراجعة: خالد الحسن” و “نقد التنظيرات التأملية في الفلسفة (مناقشة فلسفة الآخرية عند عبد الله المطيري)- مراجعة: خالد الحسن”. وأولت الجمعية اهتماما بالطفل بقيادة داليا تونسي الخبيرة في هذا المجال، وعماد عباس من خلال برنامج “الفيلسوف الصغير”، وبمشاركات ثريّة من مودة الحميد ورناد خياط. هذه الأنشطة وغيرها لم تكن لتتم إلاّ بجهود تقنية وإعلامية وتسويقية بقيادة غادة غوث؛ وهي عُضْوَة مؤسسِة لجمعية الفلسفة. والتقت اليمامة عيد الجهني – عضو مؤسس، وعضو مجلس إدارة جمعية الفلسفة، ورئيس لجنة التدريب والتطوير فيها -، وأجرت معه هذا الحوار: *من حلقة أنشئت على استحياء عام 2008م وباجتماعات خجولة وشبه مغلقة إلى جمعية للفلسفة لها وزنها وحضورها، ما سر التحول أو تلك القفزة العالية والنقلة المتسارعة؟ نشأت حلقة حرف الفلسفية من خلال جهود التعلم الذاتي للفلسفة والتفلسف من قبل مجموعة من المهتمين، وانبثقت الفكرة من اقتراح عبد الله المطيري ليكون لهذا التعلم الذاتي نوع من التنظيم غير الرسمي؛ فكان النادي الأدبي هو الحاضن وكان خير من قام برعاية وتمكين هذه الفكرة الدكتور سعد البازعي عندما كان رئيسا للنادي الأدبي آنذاك. وتعتبر الحلقة ملهِمَة وداعمة للنشاط الفلسفي في الأندية الأدبية الأخرى، كما أنها امتداد للحركة الثقافية في المجتمع السعودي. وبسبب زيادة الإقبال على أنشطة حلقة “حرف” من ناحية، وبسبب ضعف الإمكانات من ناحية أخرى.. بحث أعضاء الحلقة عن جهة تساهم في سدّ الاحتياجات المتنوعة لدعم وتطوير هذا النشاط الفلسفي. التقى أعضاء الحلقة بفريق عملٍ من لجنة النشر والأدب والترجمة في وزارة الثقافة بقيادة محمد حسن علوان الذي اقترح أن يتمّ إنشاء جمعية أهلية سعودية معتمدة رسمياً كي تتمكن الوزارة من دعم النشاط. لقد كانت فكرة إنشاء الجمعية موجودة مسبقا ومتداولة بين الأعضاء ولكن لعلوان فضل مشكور في اقتراحها حلاً واقعياً لدعم الحلقة. القفزة للوضعية الحالية مرتبطة باتجاه الحكومة السعودية أيدها الله بدعم العمل الثقافي بأنواعه؛ ومنه الشأن الفلسفي. الدعم موجود سابقاً، والفلسفة لم تنقطع عن المجتمع السعودي منذ نشأة الدولة السعودية، ولكن لكل مرحلة قوتها وضعفها، وما يناسبها من طرق وأدوات تمكين الفلسفة. نحن الآن في مرحلة دعم للتفلسف والفلسفة على مستوى المشاريع الحكومية الكبرى من خلال الابتعاث، والتعليم الجامعي، والتعليم العام، ومن خلال الترجمة، والمحاضرة، والتدريب، ونحو ذلك من مشاريع وبرامج حكومية تدعم الإقبال المجتمعي على الشأن الفلسفي. *أقرت وزارة التعليم تدريس مادة “التفكير الناقد” لطلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية، كيف تنظرون إلى هذه الخطوة في ظل شح وندرة وجود المختصين بالفلسفة من المعلمين؟ هذه خطوة رائدة مشكورة تستحق الاحترام والتقدير لوزارة التعليم، ولكنها – كما جاء في السؤال - مرتبطة بإشكالية ميدانية وهي ندرة المختصين في هذا المجال؛ لذا يستحق مشروع “التفكير الناقد” المزيد من الرعاية، والاهتمام، والتطوير، والتعامل معه بالنقد الموضوعي، والمتابعة، والدراسة العلمية لهذه التجربة والعمل على تطويرها لتلافي أية إشكالات معرفية وميدانية مرتبطة بها. *ما زال يتردد في بعض المجالس أن الفلسفة دخيلة على المجتمع، أو أنها ضد الدين، وينظر إليها بعض الناس نظرة انتقاص ولا يدري ماهيتها ولا يقتنع بجدواها.. كيف تقيمون تقبل المجتمع للفلسفة بشكل عام في الآونة الأخيرة؟ من خلال متابعتي للشأن المجتمعي العام ومتابعتي للوسط الثقافي السعودي أجد أن فيه قبولا متزايداً للفلسفة والتفلسف، وتوجد - كأي مجتمع من المجتمعات - حركة مضادة للفلسفة والتفلسف لسبب أو آخر. ولاحظتُ هذا التقبّل والتفاعل مع الفلسفة من خلال تجربتي الشخصية في تصميم وتدريب برامج التفكير الفلسفي على مستوى إدارة التعليم بمنطقة الرياض، كما لاحظته من خلال إدارتي للورش التدريبية الفلسفية في جمعية الفلسفة. أتحدث هنا من خلال نظرة إحصائية تدريبية تراعي العوامل المؤثرة في سوق التدريب، وحداثة الانفتاح المجتمعي على الفلسفة، وغير ذلك من العوامل. يتزايد الوعي بعلاقة التنوع والتكامل بين الدين والفلسفة؛ هذا الوعي الذي أصّل له غير واحد من عمالقة الفلسفة والشريعة قديماً وحديثاً، مع وجود اختلاف التضاد بين بعض النتاج الفلسفي والفقهي، ولكن هذا لا يعني أن مجرد التفلسف والتديّن ضدّان لا يجتمعان، ولا أنهما في حالة عداء كامن يجعل كلّ واحد منهما طارداً للأخر. *بين فلاسفة العصور القديمة وفلاسفة هذا العصر؛ ما أوجه التشابه والاختلاف في ظل الفروقات والمتغيرات العلمية والتقنية بين العصور السابقة وعصرنا هذا؟ ثمة مشتركات بين الفلاسفة على اختلاف أزمنتهم، وأمكنتهم، وتنوع اهتماماتهم، واختصاصاتهم؛ هذه المشتركات هي التي تميّز التفلسف عن غيره من عمليات التفكير الأخرى؛ ومن خلال هذا التميز ينسَب المشتغل بالمعرفة الفلسفية إليها فيوصف بأنه متفلسف أو فيلسوف، ويوصَف غيره من خلال نسبته إلى ما يشتغل به من العلوم، والمعارف، والفنون. على سبيل المثال؛ التأمل والبحث في الأشياء بطريقة عقلية، كليّة، مجرّدة مما يميز التفلسف عن غيره؛ ولذا هو سمة مشتركَة للفلاسفة جميعاً. يختلف فيلسوف عن آخر حسب المعطيات المتنوعة لزمانه من النواحي العلمية، والعملية، وحسب الحالة السياسية، والاجتماعية، وحسب اشتغاله واهتمامه المعرفي؛ ولذا غلب على الفلاسفة في حقبة تاريخية الاشتغال بالميتافيزيقيا أكثر من غيرها، وغلب على الفلاسفة العرب والمسلمين مع بداية تعرفهم على الفلسفة اليونانية الاشتغال بشرح المتون اليونانية، ومجادلة فلاسفة اليونان من ناحية، ومجادلة الفقهاء الرافضين للفلسفة من ناحية أخرى أكثر من الإبداع الفلسفي على المستويين العربي والإسلامي، وفي حالتنا الراهنة توجد اتجاهات فلسفية حديثة مميزة مثل فلسفة الحياة اليومية، وفلسفة الحاسب الآلي، والذكاء الاصطناعي، والتطبيقات الفلسفية الطبية، وغيرها من فروع وتطبيقات فلسفية يمكن أن تساهم في جودة الحياة الإنسانية. *كثير من الناس يرون أن الأسئلة الفلسفية مزعجة ومقلقة لأنها لا تعطي إجابة أكيدة، فإذا كانت الفلسفة قائمة على الشك، وعدم وجود أجوبة مُسلّم بها فمتى يطمئن الفيلسوف؟ السؤال الفلسفي سؤال مفتوح، ويتجه إلى الكليات، ويمتد في مسارات متعددة. السؤال الفلسفي يرتبط بالشك كما جاء في السؤال، ولكنه ليس شكاً عبثياً وإنما هو شك منهجي؛ فالسؤال الفلسفي منبعه التفلسف؛ والتفلسف عملية تفكير؛ فإذا كان الشك مطلقاً ومستمراً فلن يكون منبعاً للتفلسف لأنه سيوقف التفكير الفلسفي القائم على التأمل وإعمال العقل لا تعطيله من خلال الشك “المذهبي” المطلق المستمر، أو من خلال الشكّ المرَضيّ. لا منافاة بين مجرد الشك والطمأنينة فالإنسان يعيش وهو يشعر بالطمأنينة ومع ذلك هو يمارس الشكّ حول الأشياء في حياته اليومية، ويلقي تساؤلاته وإشكالاته النابعة عن تلك الشكوك؛ وكلما قويت منهجيته في التعامل مع الشك أدّى ذلك إلى بقاء طمأنينته، وعدم زوالها لمجرد الشك وتساؤلاته. الأسئلة الفلسفية لها أهميتها، ومتعتها، وفائدتها على مستوى التفكير الإنساني الفردي والجمعي، وعلى المستوى العلمي، والعملي حيث ساهمت ويمكن أن تساهم في الارتقاء بالعلوم والمعارف ونواتجها من أخلاقيات، وفنون، وقوانين، وغيرها. وكل ما سبق لا يعني أن التفلسف والفلسفة تملك حلّ كل المشكلات، ولا أنها تصنع المستحيلات؛ ولكنها منهج تفكير عقلاني يحاول أن يساهم في تحقيق جودة حياة الإنسان.

مشاركة :