استعرض سياسي بريطاني بارز، الخسائر البشرية بسبب وباء فيروس كورونا، مشيرا إلى وفاة أكثر من 5 ملايين شخص في مختلف أنحاء العالم جراء تفشي وباء «كوفيد»، وتتوقع «منظمة الصحة العالمية» ومبادرة «تسريع أدوات علاج كوفيد» فقدان 5 ملايين آخرين خلال الأشهر القادمة، ومن المثير للقلق أيضاً، أن حالات الإصابة بالفيروس سترتفع من 260 مليوناً مؤكدة حتى الآن، إلى 460 مليوناً بنهاية عام 2022 هل يمكن منع تكرار المأساة؟ وقال جوردون براون، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، والقيادي بحزب العمال وعضو مجلس العموم، لقد كان الضرر الناجم عن فيروس «كوفيد» كارثياً لدرجة أن الغرض من اجتماع «جمعية الصحة العالمية» في جلسة خاصة الأسبوع المقبل بدءا من الإثنين 29 نوفمبر /تشرين الثاني، ستكون مهمتها حتماً منع تكرار مثل هذه المأساة. لقد كان الضرر الناجم عن «كوفيد» مدمراً للغاية، لدرجة أننا بحاجة الآن إلى اتفاقية ملزمة دولياً لمنع تفشي المرض في المستقبل ليصبح وباء مرة أخرى. اتفاقية ملزمة دولياً لمنع تفشي المرض ووفق تعبير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس جيبريسوس، ينبغي أن تستند الاتفاقية الجديدة إلى التزام رفيع المستوى بتوفير الصحة للجميع على أساس المساواة والتضامن بين الدول. ولا ينبغي أن يحصل جميع الناس على ما يحتاجون إليه من أجل صحتهم بشكل عادل بغض النظر عن ثرواتهم أو دخلهم فحسب، لكن ينبغي للمجتمع الدولي أن يضمن الاستخدام والتوزيع العادل للموارد الطبية المتاحة. وكي يتحقق ذلك، نحتاج إلى نظام مراقبة عالمي يعمل بكامل طاقته، والحرص على التتبع السريع ومشاركة الدعم في حالات الطوارئ والتمويل الذي يمكن التنبؤ به. لا شيء يوضح الحاجة إلى ذلك بشكل أوضح من فشلنا الجماعي، كمجتمع دولي في الوفاء بوعدنا بتأمين التوزيع العادل للقاحات. وبفضل العلم الرائع والتصنيع القوي، سنكون قد أنتجنا 12 مليار لقاح بحلول أعياد الميلاد، وهو ما يكفي لتطعيم كل شخص بالغ في العالم، لا يزال 95% من البالغين غير محميين في البلدان منخفضة الدخل. وربما يكون هذا أكبر فشل للسياسة العامة في عصرنا الحالي. فشل جماعي في توزيع عادل للقاحات وأضاف السياسي البريطاني: لقد اتسعت الفجوة بين من يملكون اللقاح والذين لا يملكونه، بدلاً من أن تتضاءل. وفي البلدان مرتفعة الدخل، ارتفعت معدلات التطعيم من 40 في المائة في يونيو/ حزيران إلى 60 – 70% الآن، لكنها تحركت بوتيرة بطيئة للغاية في البلدان منخفضة الدخل – من 1% إلى أقل من 5%. في الواقع، يتلقى ستة بالغين جرعات معززة في البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع مقابل تلقيح كل شخص بالغ كل يوم في بلد منخفض الدخل، ولا يزال 90% من العاملين الصحيين الأفارقة غير محميين. فشل الوعود من دول شمال العالم بتقديم اللقاحات إلى الجنوب وقد تم تفسير هذا التفاوت ببساطة كما يلي: تم شراء 89% من جميع اللقاحات من قبل «مجموعة العشرين» – أغنى دول العالم – وتحتفظ اليوم بالسيطرة على 71% من الشحنات المستقبلية. وقد فشلت الوعود من دول شمال العالم بتقديم اللقاحات إلى الجنوب، وتتوقع وكالة «كوفاكس» المعنية بتوزيع اللقاحات العالمية التي كانت تأمل في إرسال ملياري لقاح بحلول ديسمبر/ كانون الأول، تتوقع الآن أن تقدم ثلثي هذا العدد فقط. وقد قدرت مجموعة أبحاث البيانات الصحية «ايرفينيتي» أنه بحلول نهاية عام 2021، ستنتهي 100 مليون جرعة غير مستخدمة في مخزون مجموعة العشرين بسبب تواريخ التصنيع !! وبالنسبة لـ«مجموعة العشرين»، فإن امتلاك اللقاحات المنقذة للحياة وتخزينها وحرمان البلدان الأشد فقرا منها أمر لا يمكن الدفاع عنه أخلاقياً. فالسماح بإهدار عشرات الملايين من الجرعات هو عمل من أعمال التخريب الطبي والاجتماعي التي قد لا تنسى أو تغفر أبداً. اتفاقية دولية ملزمة قانونا تحت رعاية دستور منظمة الصحة العالمية وقال «غوردن براون»: إن القمة الخاصة بجمعية الصحة العالمية تتيح لنا فرصة فريدة لمعالجة هذه الثغرات من خلال العمل كنقطة انطلاق لعملية ستطور بشكل عاجل اتفاقية دولية ملزمة قانونا تحت رعاية دستور منظمة الصحة العالمية: أولا: يجب أن يتمتع قادة الصحة العالميون لدينا بسلطة أكبر لتطوير ورفع مستوى المراقبة الصحية. ثانيا: نحتاج إلى البناء على العمل الرائد لتفعيل مبادرتي «تسريع أدوات علاج كوفيد» و«كوفاكس» (وكالة تخصيص اللقاحات العالمية)، لضمان التصنيع والتوزيع العادل لمعدات الحماية الشخصية والاختبارات والعلاجات واللقاحات حتى تتمكن جميع البلدان من اكتشاف الأوبئة الحالية والمستقبلية والاستجابة لها وعلاجها والوقاية منها. ثالثا: نحتاج إلى مجلس عالمي للتأهب للأوبئة، لكن كل هذا لن ينجح إلا إذا ابتكرنا آلية تمويل مستدامة لمعالجة التفاوتات العالمية الصارخة في توفير الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم. الاستعداد للاحتمالات المستقبلية وتابع رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: بالنظر إلى خسارة تريليونات الدولارات من التجارة بسبب «كوفيد» – ما يقدر بتسعة تريليونات دولار – فإن الميزانية السنوية البالغة 10 مليارات دولار للوقاية من الأوبئة والتأهب لها والتي تعتبر ضرورية من قبل اللجنة المستقلة رفيعة المستوى لمجموعة العشرين ستوفر أحد أكبر عوائد الاستثمار في التاريخ. لكن يجب أن نتحرك الآن، وانعقاد جمعية الصحة العالمية هذا الأسبوع هي المكان المناسب للبدء إذا أردنا أن نكون مستعدين لجميع الاحتمالات المستقبلية.