كريم فهيم وديفيد كيركباتريك ونيكولا كلارك* يحاط المطار بسور تعلوه أسلاك شاكة. وتتمركز نقاط الحراسة على مداخله. ويمر الركاب عبر فحصين أمنيين قبل الوصول إلى بوابات المغادرة. وقبل إقلاع رحلة جوية أخيرًا، لم يكن هناك سوى ثمانية حراس أو أقل عند نقطة تفتيش. ولم يكن من الصعب أبدًا الكشف عن أوجه القصور الممكنة في أمن المطارات في شرم الشيخ أو في أماكن أخرى في مصر. وفي حين أجبر الحراس الذين يقفون عند جهاز الكشف عن المعادن أحد الركاب المغادرين أخيرًا على إلقاء حزمة من شفرات الحلاقة الآمنة وجدوها في حقيبته، فإن عامل مقهى بالمطار عبر من الحراس دون خضوعه لأي عملية تفتيش. وفي مطار القاهرة يوم الجمعة، كان ضابط يقف على جهاز الأشعة السينية يرسل رسائل نصية أثناء فحص الأمتعة. وأخذ حارس آخر بكلام أحد الركاب عندما قال له إن الهاتف في جيبه هو الذي تسبب في صفير جهاز الكشف عن المعادن. وتتسلط الأضواء على الثغرات الممكنة الآن، حيث تشير الأدلة الأولية من حادث تحطم الطائرة الروسية المستأجرة يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) إلى احتمالية وجود قنبلة، فيما علقت بعض الدول رحلاتها الجوية من وإلى شرم الشيخ. وتتركز بعض النظريات حول كيفية وضع القنبلة في الطيارة، التي ينتمي جميع ركابها وطاقهما إلى روسيا أو الدول المجاورة، على احتمالية تورط عامل بالمطار في الحادث. وأكد أيمن المقدم المسؤول المصري الذي يترأس اللجنة متعددة الجنسيات المكلفة التحقيق في تحطم الطائرة الروسية بسيناء، بعض التفاصيل عن الطائرة خلال مؤتمر صحافي انعقد في القاهرة، أول من أمس (السبت)، بما فيها رصد مسجل صوت قمرة القيادة في الطائرة صوتا مجهولا. لكنه قال إنه لا يزال من السابق لأوانه مناقشة أي تفسيرات محددة لما حدث. وأضاف المقدم: «يمكننا القول إنه حدث تفكك لمتن الطائرة». وتابع: «القول أكثر من ذلك يدخلنا في حيز الاستنباط». وتجنب المقدم حتى التفوه بكلمة «قنبلة». وشدد على أن النظريات البديلة قيد البحث أيضا، مشيرا إلى احتمالية وجود بطارية من الليثيوم في الأمتعة، أو شرارة في خزان الوقود، أو تفكك معدني لجسم الطائرة، أو «انفجار أي شيء»، وبعدها سار بعيدا عن الصحافيين. وإلى جانب مصر، يتضمن التحقيق خبراء من روسيا والدول الغربية الأوروبية التي تُصمَّم فيها الطائرة وتبنى وتُستأجر. وخلال الأيام الأخيرة، طلبت السلطات الروسية - على غير العادة - من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) المساعدة في التحقيق، وفقا لكبار المسؤولين الأميركيين. ويحاول مسؤولو المطار طمأنة المسافرين عن طريق السماح للصحافيين الأجانب بالتجول في المطار وتصويره، بما في ذلك مرافق فحص الأمتعة. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في لندن الأسبوع الماضي، إن سلطات أمن المطار المصرية امتثلت تلقائيا لطلبات محددة قدمتها الحكومة البريطانية قبل عشرة أشهر بشأن تحسين الإجراءات في مدينة شرم الشيخ، وهي عبارة عن منتجع مألوف يطل على البحر الأحمر في شبه جزيرة سيناء. وذكر السيسي: «تعاونا معهم. وتحققوا من الإجراءات الأمنية، وكانوا سعداء بذلك». ويثير المسؤولون من عدة دول أوروبية القلق بشأن مطار شرم الشيخ والمطارات المصرية الأخرى على مر السنين، بحسب ما قاله دبلوماسيون ومسؤولون آخرون الأسبوع الماضي. وقد اشتكوا مرارا وتكرارا من أن أجهزة الأشعة السينية والكشف عن المتفجرات المستخدمة لفحص الأمتعة قديمة، أو تفتقر إلى الصيانة، أو يُساء تشغيلها بواسطة أفراد غير مدربين بشكل كافٍ، وفقا للمسؤولين، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، نظرا لأن تقييمات المطار لم تكن عامة. وقدمت بريطانيا، التي ترسل عشرات الآلاف من السياح إلى مصر كل عام، لمصر أجهزة كشف أكثر تقدمًا، وأصرت على ضرورة اتخاذ احتياطات أمنية خاصة عند بوابة الصعود إلى الطائرات المتجهة إلى بريطانيا. كما طلبت المزيد من الاحتياطات إثر تهديد محدد حول مطار القاهرة هذا العام. وقال مسؤول بريطاني: «نعمل منذ وقت طويل مع المصريين بشأن شرم الشيخ»، مشيرا إلى أن السلطات المصرية كانت تستجيب. وأضاف: «وضعنا عددا من التدابير اعتقدنا أنها مفيدة وينبغي اتخاذها، وعمل المصريون معنا عن كثب على ذلك». وقبل تحطم الطائرة الروسية من طراز «إيرباص» في صحراء سيناء، الذي أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها، لم تكن المخاوف من المطارات المصرية خطيرة بما يكفي لتبرير تعليق الرحلات الجوية إلى هناك. لكن بعد الحادث، أعادت بريطانيا النظر إلى شرم الشيخ، ووجدت مشكلات في طريقة تفتيش الأمتعة وإجراءات الوقاية بعد ذلك، وفقا لمسؤولين مطلعين على هذا الشأن. وعلقت بريطانيا الرحلات لأكثر من يوم الأسبوع الماضي لوضع ضمانات إضافية، شملت نقل الركاب والأمتعة في طائرات منفصلة. وحذت الكثير من الدول حذوها، بما في ذلك روسيا، التي ترسل حتى الآن معظم السياح إلى شرم الشيخ. وقال المسؤولون الروس أول من أمس (السبت) إن أكثر من 70 ألفًا من مواطنيهم كانوا في مصر بانتظار وصول الطائرات المرسلة لحملهم إلى الوطن. ولفت المسؤولون البريطانيون إلى أنه كان هناك 19 ألف بريطاني في شرم الشيخ، وأن الأمر سيستغرق عشرة أيام لنقلهم جميعا إلى الوطن. وتوجِّه المغادرة الجماعية للسياح من شرم الشيخ ضربة قاصمة لصناعة السياحة المصرية المتعثرة بالفعل. ومن المرجح أن يتسبب فقدان العملة الأجنبية من السياح في زيادة الضغط الهبوطي على قيمة الجنيه المصري، مما يضاعف من الضرر الواقع على الاقتصاد بشكل أوسع. ولم يكن هناك سوى عدد قليل من شركات الطيران الغربية الأوروبية التي تنظم رحلات مباشرة إلى شرم الشيخ قبل الحادث، والتي تحلق من بريطانيا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا. وتوقفت شركات الطيران في بعض الدول، بما فيها فرنسا وهولندا، عن تقديم خدمات مباشرة للطيران إلى شرم الشيخ في السنوات الأخيرة، ويرجع السبب في جزء منه إلى المخاوف الأمنية، بحسب المسؤولين الأوروبيين. وقال ياسر جاهين، نائب مدير مطار شرم الشيخ، إن الموظفين كانوا «يتبعون المعايير الدولية، مع مستوى أمني دقيق وعالٍ». ومنذ تحطم الطائرة، ذكر جاهين أن عدد الدوريات التي يقوم بها الجيش والشرطة خارج محيط المطار ازدادت. وأشار إلى أن الكثير من شركات الطيران ما زالت تظهر الثقة في المطار، مع قدوم خمس رحلات جوية ألمانية أول من أمس (السبت)، مما جلب أكثر من 800 سائح، ورحلت محملة بالركاب وأمتعتهم. وأوضح جاهين أن خبراء الأمن الألمان كانوا حاضرين في المطار.
مشاركة :