أثارت عملية التصويت المتوقعة اليوم حول انضمام كوسوفو، الإقليم الصربي السابق، إلى اليونيسكو بعد استقلاله عام 2008 معركة دبلوماسية بين بلغراد وبريشتينا حول السيطرة على مواقع دينية وتراثية مهمة للكنيسة الصربية. وفي حديقة دير غراتشانيتسا، جوهرة الكنيسة الأرثوذكسية الصربية في كوسوفو، الذي تأسس قبل سبعة قرون ومصنف على لائحة التراث العالمي، ثلاث نساء مسنات يصلين، أملا بفوز صربيا في هذه المعركة. وقالت ماريا كريستش (62 عاما) بينما كان عدد من السياح اليابانيين يلتقطون صورا للكنيسة ذات الطوب الأحمر اللون «إنها كنيستنا المقدسة. لقد نلت سر العماد في هذا الدير وترعرعت هنا». ويعدّ الدير الذي يبعد بمسافة عشرة كيلومترات عن بريشتينا، عاصمة كوسوفو، التي أعلنت غالبيتها الألبانية الاستقلال من جانب واحد في 2008، بين أربعة مواقع للكنيسة الصربية الأرثوذكسية التي تصنفها اليونيسكو ضمن لائحتها للتراث العالمي الإنساني. وفي حين كوسوفو ليست عضوا في الأمم المتحدة، فقد طلبت الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، ومن المتوقع إجراء عملية التصويت اليوم. وإذا تم قبول كوسوفو في المنظمة التي تضم حاليا 195 دولة، فستكون مسؤولة عن الأماكن المقدسة للكنيسة الأرثوذكسية التي تعتبر أيضا مهد الثقافة الصربية، وهذه فرضية تزعج سلطات بلغراد. وعادت كريستش لتتساءل: «الدير لنا وليس لأي أحد آخر. فكيف يمكن لأي كان القول: إن الألبان سيتولون مسؤوليته»؟ وتنتمي النساء الثلاث إلى الأقلية الصربية في كوسوفو التي تسكنها غالبية مسلمة من أصول ألبانية. ونال استقلال كوسوفو حتى اليوم اعترافا من قبل نحو مائة دولة بينها الولايات المتحدة وغالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. إلى ذلك، إذا حصلت كوسوفو على عضوية اليونيسكو، فسيتيح لها ذلك اكتساب مزيد من الحضور على الساحة الدولية وسيفتح أمامها الباب لتلقي أموال ضخمة لدعم الثقافة والتربية. لكن بلغراد تؤكد أن مواقع الكنيسة الصربية عرضة «لخطر شديد» إذا انتقلت لأيدي سلطات كوسوفو، مشيرة إلى الأضرار التي عانت منها خلال الصراع الصربي - الألباني في كوسوفو (1998 - 1999). وقد أعلن وزير خارجية الصرب، ايفيتسا داسيتش، أمام اليونيسكو في باريس الأربعاء الماضي «نحن في غاية القلق على إرثنا الثقافي والتاريخي». من جهته، دعا بطريرك الكنيسة الصربية ايريني إلى منع انضمام كوسوفو إلى اليونيسكو: «والدفاع عن الإرث بالوسائل السلمية أو بواسطة القوة». وتؤكد حكومة كوسوفو أن هذه المواقع ستكون خاضعة للحماية. أما الوزير المكلف بشؤون الاندماج الأوروبي، بكيم كولاكو، في حكومة كوسوفو، فأكّد لوكالة الصحافة الفرنسية أن «ترشيح كوسوفو إلى اليونيسكو تنظر إليه صربيا كمحاولة للسيطرة على التراث الثقافي الصربي في الإقليم». بدوره، قال الكاهن سابا يانيتش من دير فيسوكي ديكاني إن الدير الذي بني في القرن الرابع عشر لا يزال خاضعا لحماية جنود حلف شمال الأطلسي المنتشرين منذ انتهاء النزاع. وأضاف: «لقد واجهنا صعوبات جمة منذ نهاية الحرب. تعرضنا لأربعة هجمات مسلحة الأمر الذي خلف لدينا انطباعا بأننا نعيش وسط حصار». وختم موضحا «أن الأمر لا يتعلق بأحاسيسنا فقط، إنما بحرية ممارسة ديننا، فمواقعنا هي أماكن حية للصلاة وليست متاحف».
مشاركة :