قدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم رؤى واضحة وعميقة للجوانب المتعددة والمتعلقة بالبصمة الكربونية للشركات والمكاسب السريعة الناتجة عن خفض التكاليف تخلق مسارًا واعدًا لتسريع وتيرة التحول المستدام والحد من النفقات. تزيد التهديدات الناتجة عن تغير المناخ يومًا بعد الآخر والوقت يداهم العالم في هذا الشأن حيث بلغ إجمالي الانبعاثات العالمية من الغازات الدفينة في الوقت الراهن نحو 53 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون وفقًا لمشروع كشف انبعاثات الكربون. وإذا أردنا أن نحقق الهدف المتمثل في خفض زيادة متوسط درجات الحرارة العالمية بواقع 1.5 درجة مئوية وفق ما نصت عليه اتفاقية باريس لعام 2016. فلا بد أن نخفض هذه الانبعاثات بنسبة 50% مع حلول نهاية هذا العِقد وذلك وفقًا لمبادرة الأهداف العلمية. ومن واقع تجاربنا مع العملاء، يمكن أن يحقق استخدام الذكاء الاصطناعي 5% إلى 10% من نسبة الخفض المطلوبة والتي تتراوح ما بين 2.6 و5.3 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. في غضون ذلك، تشير الدراسات الصادرة عن مجموعة بوسطن الاستشارية إلى أن قيمة التأثير الكلي المحتمل لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في استدامة الشركات ستتراوح ما بين 1.3 إلى 2.6 تريليون دولار أمريكي وفق القيمة التي ستنشأ من خلال الإيرادات الإضافية ووفورات الكلفة بحلول عام 2030. وهذا الرقم ذو القيمة المضافة والخاص بالشركات لا يأخذ بعين الاعتبار التغيرات التي طرأت على أسعار تعويض الكربون، حيث تم تحديد قيمة ذلك الرقم حاليًا بما يقارب 30 دولارا أمريكيا ضمن نظام تبادل الانبعاثات للاتحاد الأوروبي وهناك احتمالات أن يصل إلى الضعف بحلول عام 2030. وتتوقع مجموعة بوسطن الاستشارية أن تنفق 80 دولارا أمريكيا لكل طن بحلول عام 2030 على إزالة الانبعاثات العالمية من الغازات الدفينة بشكل دائم وفائق الجودة وذلك كجزء من التعهد الذي قطعته على نفسها للوصول بالنسبة الصافية لتلك الانبعاثات إلى مستوى صفر. وعلى مستوى زيادة الأسعار المنوه عنها، ستمثل قيمة خفض الانبعاثات العالمية من الغازات الدفينة من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي وفورات إضافية تتراوح من بين 208 مليارات إلى 424 مليار دولار أمريكي على مستوى جميع الشركات حول العالم. وإذا ارتفعت أسعار تعويض الكربون على مدار السنوات القادمة، فإن فرص استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ستحقق من دون شك وفورات أعلى وأكبر من ذلك. وتكمن مواطن القوة الكبيرة التي يتمتع بها الذكاء الاصطناعي في قدرته على التعلم بالتجربة وجمع كميات طائلة من البيانات من واقع بيئة عمله وفتح قنوات التواصل والاتصال التي عجز البشر عن ملاحظتها فضلاً عن تقديم التوصية حول الإجراءات المناسبة على أساس ما توصل إليه من نتائج. والشركات التي تتطلع إلى خفض بصماتها الكربونية يجب أن تدير دفة الذكاء الاصطناعي نحو كل العناصر الثلاثة التالية المعنية بالجهد المبذول في هذا الشأن: * رصد الانبعاثات: يمكن للشركات أن تستخدم هندسة البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتتبع الانبعاثات بشكل تلقائي طوال فترة بصمتها الكربونية، كما يمكنها أن تدبر عملية جميع البيانات من عمليات وأنشطة مختلفة مثل ترتيبات السفر الخاصة بالشركات ومعدات تقنية المعلومات ومن كل جزء من سلسلة القيمة بما في ذلك موردو وناقلو المواد والمكونات وحتى المستخدمين النهائيين لمنتجاتهم. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يستفيد من بيانات المصادر الجديدة مثل الأقمار الصناعية، ومن خلال تصفيف الذكاء مقابل البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُنشئ محددات تقريبية لفاقد البيانات فضلا عن تقدير مستوى قطعية النتائج. * التنبؤ بالانبعاثات: الذكاء الاصطناعي القائم على التنبؤ يمكنه أن يتوقع مقدار الانبعاثات المستقبلية على مستوى البصمة الكربونية للشركات وذلك فيما يتعلق بجهود الخفض الحالية ومنهجيات خفض الكربون الجديدة والطلب المستقبلي، ونتيجة ذلك، يمكن للشركات أن تحدد أهداف الخفض وتعديلها وإنجازها بشكل أكثر دقة. * خفض الانبعاثات: من خلال تقديم رؤية تفصيلية في كل جانب من جوانب سلسلة القيمة، يمكن للذكاء الاصطناعي التوجيهي فضلا عن التحسين أن يتطور بشكل فعال على مستوى الإنتاج والنقل وأي مجال آخر ومن ثم خفض انبعاثات الكربون والحد من التكاليف. وختامًا، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد الشركات الكبيرة على خفض آثار الكربون الناتجة عنها بالتزامن مع جهود تخفيف الضغوط المالية.
مشاركة :