في صباح يوم بارد بالقاهرة، كانت مجموعة من عمال البناء الصينيين والمصريين يرتدون الخوذات والسترات العاكسة في طريقهم إلى مجمع سيتي ستارز الشهير في العاصمة المصرية لبدء يوم عمل جديد. وقال أحمد الشربيني رئيس شركة (هكساغون) لاستشارات إدارة المشروعات والبناء (Hexagon - Project & Construction Management Consultants)، في مبنى المكاتب بسيتي ستارز، إنه "على الرغم من اختلاف لغاتنا وثقافاتنا وخبراتنا المعمارية وتقنيات البناء، إلا أن المشروع المشترك بيننا يسير بسلاسة بالغة". وكان الشربيني يشير إلى مشروع مشترك بين مصر والصين لتجديد مجمع سيتي ستارز الشهير بالقاهرة، وهو مجمع ضخم يضم مراكز تسوق وفنادق ووحدات سكنية ومبان مكتبية. وتشرف شركته على مشروع التجديد الذي بدأ في أوائل عام 2021، وتنفذه شركة الإنشاءات رقم 16 التابعة للشركة الصينية الوطنية المحدودة للهندسة الكيميائية (China National Chemical Engineering No.16 Construction Co. Ltd.) "CNCEC16". وفي موقع المشروع، تم وضع مواد الديكور والمصابيح القادمة من الصين في أماكنها بواسطة العمال الصينيين والمصريين الذين ينفذون عملية التجديد بأكملها جنبا إلى جنب. وأضاف الشربيني لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "المواد التي تم شراؤها من الصين ذات جودة عالية وسعر معقول"، مشيرا إلى أن هذه المواد الصينية لم تقلل التكلفة فحسب، بل حازت أيضا على موافقة واستحسان المصممين. وأشار إلى أن الشركة الصينية حسنت التصميم واقترحت مواد البناء المطلوبة مع احترامها الكامل لمعايير البناء والمتطلبات الجمالية المحلية المصرية، مشيدا بالتعاون السلس بين الجانبين. ويعتبر المشروع تجسيدا لأهداف مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ورؤية مصر 2030، اللتين تستهدفان التنمية المستقبلية. وقال Qu Peng مدير القسم الدولي لشركة CNCEC16 في مصر إن الفريق الصيني يسعى من خلال المشروع إلى مشاركة الفهم الصيني للتصميم المعماري والتكنولوجيا المتقدمة، ودمج معايير البناء الصينية مع المعايير المصرية من أجل التنمية المشتركة في إطار مبادرة الحزام والطريق. وأوضح Qu أن هذا المشروع يختلف عن مشروعات بناء البنية التحتية العادية "حيث تركز متطلبات هذا المشروع بشكل أساسي على التصميم التخطيطي والديكور الداخلي وتجديد الأثاث وغير ذلك". وأتت الثقة المتبادلة بين الجانبين بالمزيد من الثمار، حيث تقوم شركة CNCEC16 أيضا بتنفيذ مشروع تشطيب داخلي بمجمع سيتي ستارز في مدينة شرم الشيخ المطلة على البحر الأحمر والذي يغطي مساحة إجمالية قدرها 7.5 كيلومتر مربع. ويتولى فريق الشركة الصينية مسؤولية الديكور الداخلي لفندقين يحتويان على 800 غرفة و690 شقة، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع في شهر يونيو 2023. واستضافت مدينة شرم الشيخ الشهيرة في عام 2018 الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (COP14) وسوف تستضيف الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في عام 2022. وقال Zhu Yonglong مدير مشروع الديكور الداخلي في سيتي ستارز شرم الشيخ لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن الصينيين والمصريين هنا يتعلمون من بعضهم البعض لتعزيز مهاراتهم المهنية واكتساب الكثير من الخبرات من خلال المشروع". وأوضح Zhu أن الفريق الصيني يعتمد دائما على نهج توافقي من أجل دمج معايير كلا الجانبين من خلال التواصل والتشاور المستمر. ودلل على ذلك بأن التقنيات المصرية في الأعمال الميكانيكية والكهربائية ومد المواسير تتميز بتخطيطات أفقية ورأسية أنيقة، لكن المظهر والجودة الهيكلية لصب الخرسانة تكون خشنة نسبيا. وتابع المدير الصيني "لذلك فقد وافق الفريق الصيني على تنفيذ طريقة عمل الجانب المصري من حيث مد المواسير والأسلاك، وأوصى بتكنولوجيا البناء الصينية من حيث صب الخرسانة"، مشيرا إلى أن هذا الدمج أدى في النهاية إلى المظهر الجميل والانسيابية مع تخفيض التكلفة بشكل كبير. وكانت رانيا روماني أنيس (43 عاما)، تعمل في مجال البناء منذ تسع سنوات، منها سبع سنوات مع شركة فرنسية، قبل أن تنضم إلى فريق عمل الفرع المصري لشركة CNCEC16 في شهر أبريل كمترجمة ومساعدة لـ Zhu. وأعربت رانيا عن ثقتها في قدرة شركائها الصينيين على استكمال المشروع بمستوى عال من الجودة على الرغم من ضيق الجدول الزمني. وتقوم شركة CNCEC16 بتنفيذ المشروع في شرم الشيخ في الوقت الذي تتقدم فيه شركة صينية أخرى، وهي الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية (CSCEC)، في بناء منطقة أعمال مركزية ضخمة تتكون من 20 برجا في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة. وأكد الشربيني لـ ((شينخوا))، أن "صناعة التشييد المزدهرة في مصر ترحب بمشاركة الشركات من الدول والثقافات المختلفة". وختم الشربيني إنه من خلال المشروعات المشتركة في العاصمة الإدارية الجديدة وسيتي ستارز القاهرة وشرم الشيخ، "سوف تعمل الصين ومصر بالتأكيد على تطوير التواصل والتعاون بشكل أعمق في مجال البناء والتشييد في المستقبل".