السعودية تُدخل صناعة الغاز عهدا جديدا ببدء تطوير حقل الجافورة الظهران (السعودية) - دشن عملاق النفط السعودي أرامكو الاثنين أعمال تطوير حقل الجافورة، الذي تعول عليه السلطات لإحداث نقلة في هذه الصناعة، وذلك بعد استيفاء كل الشروط التنظيمية والقانونية والمالية لبدء هذا المشروع الضخم. وبدأت الشركة في وقت سابق من هذا العام في مراجعة أعمال المنبع كمقدمة لمثل هذه الخطوة، من أجل وضع السعودية التي تحوي احتياطيات من الغاز هي الأكبر في المنطقة العربية بعد قطر وفق بيانات شركة بي.بي البريطانية، على خارطة صناعة الغاز العالمية. ويعتبر الجافورة الواقع بمدينة الأحساء بالمنطقة الشرقية أكبر حقل غاز غير مصاحب للنفط في السعودية، وتقدر الاحتياطيات الخاصة به بنحو 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز الخام. وكانت أرامكو قد اكتشفت الحقل خلال عمليات التكسير التي كانت تنفّذها في تلك المنطقة، وهو ما يُعد بمثابة مكمن مهم واستراتيجي للغاز. وقال أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لأرامكو، في مؤتمر حول تسويق الموارد غير التقليدية إن الشركة “تتوقع أن يوفر حقل الجافورة قرابة ملياري قدم مكعبة يوميا من الغاز بحلول عام 2030”. وأوضح أن تكلفة تطوير حقل الجافورة تبلغ 24 مليار دولار، وأن أرامكو وقعت اتفاقات بقيمة عشرة مليارات دولار لتطوير الحقل. وسبق وأن عبر الناصر عن توقعه بأن تستثمر السعودية على نطاق واسع في قطاع الغاز على مدى السنوات العشر القادمة، مع زيادة الإنتاج من 14 مليار قدم مكعبة قياسية إلى نحو 24 مليار قدم بحلول عام 2030. وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قد توقع أن يحقق حقل الجافورة خلال 22 عاما من بداية تطويره إيرادات سنوية للبلد الخليجي، تصل إلى قرابة 32 مليار دولار (8.6 مليار دولار). وتعمل السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، على تطوير احتياطياتها من الغاز غير التقليدي الذي يحتاج طرق استخراج متقدمة مثل المستخدمة في صناعة الغاز الصخري. وقال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في المؤتمر إن “مشروع حقل الجافورة لن يكلف موازنة الدولة أكثر من خمسة إلى ستة مليارات ريال (1.3 إلى 1.6 مليار دولار)”. وتتوقع وزارة الطاقة أن يسهم حجم موارد الغاز في مكمن حقل الجافورة في وضع السعودية في المرتبة الثالثة عالميّا في إنتاج الغاز بنهاية العشرية الحالية. وتتصدر كل من أستراليا وروسيا وقطر السباق في عمليات إنتاج الغاز عالميا، وهي تستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمارات على مستوى العالم. ولا تملك السعودية احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي الحر، ويأتي معظم إنتاجها من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، في وقت تزداد فيه حاجتها إلى الغاز لإمداد المشاريع الصناعية الجديدة وتزويد محطات توليد الكهرباء. وتشير التقديرات الأولية إلى أن السعودية تملك نحو 600 تريليون قدم مكعبة من الغاز الصخري، وهو ما يعادل ضعف احتياطياتها من الغاز التقليدي، لكن تلك الأرقام يمكن أن ترتفع بشكل كبير مع تقدم عمليات الاستكشاف، خاصة في حقل الجافورة. وتريد السعودية تعزيز استعداداتها للتحولات المستقبلية المتسارعة في قطاع الطاقة، رغم أن محللين يقولون إن إنتاج الغاز الصخري قد ترتفع تكلفته في البلد الخليجي، بسبب ندرة المياه التي يحتاجها في عملية تكسير الصخور. لكن البعض يرى أن التطورات التكنولوجية تتقدم بسرعة كبيرة وقد تمكنت خلال السنوات الماضية من خفض التكاليف وتحسين كفاءة الاستخراج، وهو ما قد يساعد أرامكو في استراتيجيتها بعيدة المدى. وبحسب البيانات المنشورة على المنصة الإلكترونية لأرامكو، فإن الشركة تتوقع أن تبدأ الإنتاج في عام 2024، لتصل إلى حوالي 2.2 مليار قدم مكعبة قياسية يوميا من المبيعات بحلول عام 2036. وبالإضافة إلى ذلك، تتوقع إنتاج ما يصل إلى 425 مليون قدم مكعبة مصاحبة يوميا من الإيثان، إلى جانب إنتاج حوالي 550 ألف برميل يوميا من سوائل الغاز والمكثفات. ويمكن لمكثفات الغاز الصخري أن توفر للسعودية بديلا مثاليا لعمليات حرق النفط في محطات إنتاج الكهرباء، الأمر الذي يتيح المزيد من الخام للتصدير، إضافة إلى تخفيف الآثار البيئية. وأكد الناصر خلال المؤتمر أن الغاز “حجر الزاوية في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة”. وقالت السعودية في وقت سابق إنها تستهدف الوصول بانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى مستوى الصفر بحلول عام 2060. ويستهدف برنامج أرامكو لتطوير الموارد غير التقليدية ثلاث مناطق، فإلى جانب حقل الجافورة، تريد الشركة استكشاف مكامن الغاز الصخري في شمال البلاد وأيضا منطقة الربع الخالي. وفي الماضي، أقامت أرامكو مشاريع مشتركة مع شركات، منها شركتا شل وتوتال، للتنقيب عن الغاز الطبيعي وحفره داخل حدودها، لكنها لم تتمكن من تحقيق نتائج تذكر.
مشاركة :