يمتاز العمل العسكري الحديث بخصائص وتطورات من أهمها ما يلي:- * التطور التقني والرقمي والبيولوجي، لدرجة تأسيس أفرع عسكرية تعنى بالدفاعات السبرانية والتقنية، حيث الحروب تجاوزت المفهوم التقليدي إلى الحروب السبرانية والتقنية والميكروبيولجية.. إلخ. * تطوير العمل الميداني حيث يزداد تداخل التخصصات العسكرية وتكاملها بشكل كبير، فالطيار يعمل في الميدان مع البري ومع البحري.. إلخ. أمام هذه التطورات أصبح الرهان على أن قوة الجيوش لا تقاس بالأعداد فقط، وإنما بما تملكه من تأسيس علمي وقدرات تقنية متقدمة وآليات وخطط عمل متكاملة لجميع وحداتها كفريق وليس مجرد قطاعات كلٌ بمعزل عن الآخر. السؤال الذي أطرحه كمهتم بالتعليم والتدريب هو كيف نطور استراتيجية تعليمية تترجم وتخدم ما ذكر أعلاه؟ الإجابة تقودني إلى تكرار مقترح تكوين جامعة ملكية تضم الكليات العسكرية، وسواء كانت جامعة أو مجرد مجمع للكليات العسكرية فإنني أقترح من خلالها تغيير شكل التعليم العسكري لدينا ليصبح مكون من مرحلتين:- 1. المرحلة الأولى (التأسيسية) العامة لمدة سنتين أو ثلاث تمتاز بكونها تعلم أساسيات اللغة والعلوم والأساسيات العسكرية، بغض النظر عن التخصص الجوي أو البري أو البحري. نحتاج أسساً قوية في مجال التقنية الرقمية واللغة الإنجليزية ومبادئ العلوم الكيمائية والبيولوجية وعلم النفس والتاريخ، إلخ. الجميع سيعمل لاحقاً معاً وهناك مشتركات في العلوم الأساسية وهذا الأمر يعزز فكرة العمل كفريق كما يسهم في تقوية تعليم الأساسيات في العلوم الأساسية والتقنية وغيرها حيث إنها متفاوتة حالياً في بعض الكليات. هي توجهات عالمية في التعليم المتداخل للتخصصات وكلما أسسنا لمرحلة تعليمية قوية مثل هذه تم تطوير التعليم والبحوث الأساسية في المجال العسكري، لأن البحث القوي لا ينشأ في مراكز وأقسام صغيرة ومنعزلة، بل في أقسام كبيرة وذات تخصصات متداخلة ومختلفة. بل إن هذا الأمر سيسمح باستقطاب أساتذة وخبرات عسكرية ومدنية محلية ذات خبرات عالية في المجال التقني والعلمي وغيره. وسيرفع العمر والنضج لاختيار نوع المهنة العسكرية بعد نضوج الشاب وتعرفه على مختلف أفرع العمل العسكري. 2. المرحلة الثانية هي التخصص العسكري التطبيقي لمدة عامين مثلاً: بحري، جوي، بري، تقني، مساند، إلخ.. هذه مرحلة تطبيقية مهنية وفصلها عن العلوم الأساسية سيمنحها القوة والتركيز بشكل أكبر في المهنة والتخصص.. مثلاً، لا يلزم إشغال كلية الطيران بتعليم الأساسيات وإنما تركز جهودها في التعليم التطبيقي للطيران. الفكرة أعلاه تشرح الجوانب الأكاديمية أو العلمية والمهنية، وأضيف بوجود فوائد أخرى اقتصادية وتشغيلية، فعندما تتواجد جميع وحدات التعليم العسكري بالذات المرحلة التأسيسية التي أشرنا لها في موقع واحد وسكن واحد وميدان واحد سيتفق الأمر مع الرؤية الاقتصادية المهتمة برفع الكفاءة بنفس الكلفة أو أدنى. قد يكون مناسباً تأسيس ذلك المجمع في إحدى المدن المتوسطة أو في إحدى المدن العسكرية القائمة حالياً؛ الخرج، تبوك، خميس مشيط، الطائف أو غيرها. ولا بأس أن تكون المرحلة الثانية في مناطق مختلفة حسب التخصص ومتطلباته التدريبية. لدينا جيش قوي، وقدرات بشرية عسكرية عالية، وهذا المقترح اجتهاد مني لزيادة القوة العسكرية الضاربة بأكثر مما هي عليه الآن من تفوق.
مشاركة :