الوالد محمد عبد الله الشيبة في ذمة الله

  • 11/10/2015
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

سقطت من شجرة الحياة ورقة عمر الوالد محمد عبد الله الشيبة النعيمي الرئيس السابق لمجلس أمناء صندوق وقف عجمان، ومدير منطقة عجمان الطبية الأسبق، حيث صعدت روحه إلى بارئها عن 92 عاماً يوم السبت الماضي، بعد رحلة حافلة بالعمل، والسعي في خدمة أبناء إمارة عجمان مسقط رأسه، التي انحدر منها، وعاش فيها معظم فترات حياته، عدا بدايات شبابه التي سافر فيها إلى الكويت للعمل، والتكسب. ولد الراحل الذي كان بمنزلة وتد من أوتاد عجمان عام 1923 والده كان من طلبة العلم، وعمل بالإمامة والخطابة والقضاء من دون راتب لعدم وجود مردود مالي لهذه الوظائف سابقاً، ما اضطره لاحتراف التجارة لتحقيق دخل ينفق منه على أسرته، لديه شقيق واحد، وشقيقتان من والده الذي تزوج نحو 14 مرة كما قال يوما الراحل، فيما ذكر أيضاً أنه سمع أن زيجات والده وصلت إلى 17 مرة. كان الراحل في مدة ما نائب رئيس مجلس أمناء هيئة الأعمال الخيرية، ونائب رئيس صندوق الزواج، فيما لم يوقفه عسر الحياة وضيقها قبلاً عن المضي قدماً لتحقيق حلمه في إثبات الذات في مدة لم يكن من السهولة بمكان فيها ذلك، حيث قال يوما إن حياته بمثابة شريط سينمائي مملوء بالتفاصيل والأحداث، التي لا يمكن حصرها، وانه يحن كثيراً لأبيه وأمه اللذين لا يغيبان عن ذهنه لحظة واحدة. بداية حياته المهنية كانت عندما حدث كساد كبير بعد سقوط تجارة اللؤلؤ نتيجة الأزمة الاقتصادية، فتوجه مع شقيقه إلى الكويت حيث عمل هناك، عامل بناء، كما عمل في مجال النفط، ومن ثم عمل معلماً لدى أحد التجار، إلى أن التحق بالعمل كممرض في المستشفى الأميري الكويتي لمدة ثلاث سنوات، واستطاع عقب ذلك استئجار بيت وحوله إلى مركز صحي علاجي في منطقة الفحاحيل، وكان يعالج المرضى فيه بأدوية بسيطة، ويداوي الجروح، ويقدم الإسعافات الأولية، إلى جانب طبيب قام باستدعائه من المستشفى الأميري الكويتي، وظل مركزه الطبي قائماً لمدة 14 عاماً، إلى أن افتتحت الحكومة الكويتية مجمعاً طبياً كبيراً يسمى البدوية يضم عيادات تخصصية، فذهب للعمل فيه، ومكث في الكويت لمدة ثلاثين عاماً، وانخرط في الحرس الوطني، وفي أواسط الستينات من القرن الماضي ترك العمل في المركز الصحي، وبدأ في تجارة الأدوية، وانشأ ثلاث صيدليات وشركة توزيع أدوية عام 1964، وفي أواخر الستينات بدأ في الانسحاب المنظم من الكويت عائداً إلى الدولة، التي تكونت حينذاك، فسجل أبناءه في المدارس، وبدأ ببيع أملاكه في الكويت، وعاد نهائياً إلى عجمان عام 1977، وبدأ في المتاجرة بالأراضي، ومن ثم أنشأ صيدلية في دبي، ودخل سوق الأسهم وعمل فيه وكسب، وعقبه تم تعيينه مديراً للمنطقة الطبية في عجمان، واستمر فيها لمدة 30 عاماً إلى أن تقاعد عام 2004، فأنشأ صندوقاً للوقف وتولى إدارته. وكان الراحل يحتفظ في ذاكرته بذكريات عدة عن والده ووالدته حيث قال يوماً: والدي، رحمه الله، كان متميزاً في تجارة اللؤلؤ، وكان يخرج إلى البحر تجاه جزيرتي داس وصير بونعير، ولم يكن متوانياً عن اصطحابي معه وعمري ثماني سنوات، وإلى أن بلغت الثلاثين من العمر حينما حدث هبوط اقتصادي عالمي أثر في أوضاع الدول كافة، فتوقفت التجارة من عام 1931 وخسر كثير من تجار اللؤلؤ في المنطقة، ووالدي كانت لديه زوجتان، ولم تعمر أي من زوجاته معه طويلاً، سوى والدتي التي بقيت معه لمدة 13 عاماً، وعندما سقطت تجارته في اللؤلؤ، عمل في تجارة الأغذية والعطور، وكان من الوجهاء بين قومه، والمرافق الدائم للشيخ راشد بن حميد النعيمي ،رحمه الله، الذي كان يصلي الظهر ثم يتناول غداءه ويحضر إلى والدي الذي كان يتحدث مع الآخرين باسم الشيخ، أما أمي فكانت سيدة شديدة اللطف وقارئة للقرآن الكريم، ولم تكن بجاحدة أو عدائية، إذ إنها بعد طلاقها من أبي لم تردد أي كلمة سيئة عنه ولم تقبلها من أحد عنه، وحتى عندما كان أبي يضربني لخطأ ما ارتكبته لم تثر مشاعري ضده، بل لطالما دفعتني لمصاحبته ومرافقته، ولذا فعندما توفيت حزنت عليها القبيلة بأكملها، وطوال السنوات الماضية كنت أراها في أحلامي جالسة بلباسها المحتشم، ولذا أنشأت لها وقفاً، وصدقة جارية، وأيضاً والدي الذي تتكرر رؤيتي له في أحلامي أيضاً، وقد توفي في السادسة والتسعين من عمره، ورآه أحد الأهل في المنام وهو يطوف الكعبة المشرفة، وأخبره أني ما قصرت فيه. وبالنسبة لحياته الاجتماعية فقد تزوج الراحل من كويتية وأنجب منها 9 بنات، ولديه أكثر من 80 حفيداً من أبنائي جميعاً وعددهم 14 ولداً وبنتاً، وكان أيضا تزوج ابنة عمي، وأنجب منها ابنه يوسف، فيما قال في لقاء سابق معه إنه كان قد فكر في الزواج للمرة الثالثة لكنه تراجع لأن زوجتيه الاثنتين عاملتاه كملك، ولم يحدث أن غضبت إحداهما منه إلى درجة مغادرة البيت والتوجه إلى أهلها، وقد مضى على زواجه من الأولى 60 عاماً، ومن الثانية 40 عاماً، فيما حدث أيام شبابه الأولى أن تزوج مواطنتين وطلقهما سريعاً ولا يحتسب مدة زواجه منهما في الأساس، لأنه كان في مدة طيش وتهور. وكان، رحمه الله، حريصاً على سماع الأخبار السياسية، وعلى الاستيقاظ في الساعة الثالثة صباحاً يومياً فيصلي ركعتين لله سبحانه وتعالى، ومن ثم يؤدي صلاة قيام الليل، ويقرأ القرآن إلى أن يؤذن لصلاة الفجر، فيذهب إلى المسجد لتأديتها، واقتصرت أيامه بالكامل في نهايتها على إدارة صندوق الوقف للفقراء والمساكين.

مشاركة :