تحليل إخباري: هل ستطول فترة تشكيل الحكومة العراقية المقبلة بعد إعلان نتائج الانتخابات؟

  • 12/1/2021
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

شكلت نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات مساء الثلاثاء مفاجئة من العيار الثقيل للكتل والأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي بعد الاحتلال الأمريكي، ما سيفقدها تحكمها بإدارة الدولة، لكن السؤال الذي يطرح هل سينعكس ذلك سلبيا على فترة اختيار رئيس الحكومة وأعضائها ؟ وتصدر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر نتائج الانتخابات التي جرت في 10 أكتوبر الماضي بحصوله على 73 مقعدا، وجاءت حركة تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي ثانيا بـ 37 مقعدا، ثم ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بـ 33 مقعدا والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني بـ 31 مقعدا. ويعد تحالف الفتح الذي يضم الفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، بزعامة هادي العامري الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات فقد انخفض عدد نوابه من 47 نائبا في الانتخابات السابقة إلى 17 نائبا. وأفرزت هذه النتائج مؤشرا جديدا وهو وصول 43 نائبا مستقلا للبرلمان فضلا عن صعود أعضاء من الحركات السياسية التي انبثقت عن احتجاجات أكتوبر 2019 المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد، وهذا سيدفع الكتل الرئيسية إلى كسب أعداد منهم لصالحها في حين سيذهب البعض الآخر للمعارضة البرلمانية. وفرضت نتائج الانتخابات معادلات جديدة على التحالفات السياسية الساعية لتشكيل الحكومة المقبلة، الأمر الذي قد يطيل فيه انتظار تشكيلها خاصة وأن الإطار التنسيقي الذي يضم الكتل الشيعية الرئيسية أعلن رفضه للنتائج. وقال هاشم الشماع الباحث بالشأن السياسي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "مفاجئات الانتخابات هذه من حيث نتائجها غير متوقعة خاصة الكتل الشيعية، فقد هبطت كتل كان من المتوقع أن تكون ضمن دائرة التنافس لتشكيل الكتلة الأكبر، باستثناء الكتلة الصدرية التي عبرت حاجز الـ 70 مقعدا في نتيجة قبلتها وأعدتها مريحة لتشكيل الكتلة الأكبر بعد خوض الجولات التفاوضية". وأعرب الشماع عن توقعه بأن مفاوضات تشكيل الحكومة ستتأخر بسبب رفض الكتل التي حققت نتائج متواضعة وتهديدها بالمواجهة سواء بالطرق القانونية أو غيرها ما أربك المشهد السياسي العراقي وعقده أكثر مما هو معقد. وأضاف "أن رفض بعض الكتل للنتائج قد يعقد حركة التفاوض بين الفائزين لتشكيل الكتلة الأكبر، لكن إذا ما حدث انفراج حقيقي فإن الكتلة الصدرية سيكون لها الحظ الأوفر في تشكيل الحكومة كونها الفائز الأول بالرغم من صعوبة المهمة إذ من الممكن أن يتحالف الصدريون مع الأكراد ويشكلوا الكتلة الأكبر". ورسم الشماع سيناريو آخر، هو التحالف بين الكتلة الصدرية ودولة القانون والمدنيين والمستقلين وبعض الكتل الفائزة، لكنه أشار إلى أن هذا السيناريو أيضا صعب لوجود تقاطع حقيقي بين الكتلة الصدرية والمدنيين والمستقلين من جهة وبين دولة القانون والصدريين من جهة أخرى. وتعهد الصدر قبيل الانتخابات بيومين بعقد تحالفات وطنية غير طائفية وتحت خيمة الإصلاح لتشكيل حكومة خدمية نزيهة تسهر على حماية الوطن وسيادته وكرامة شعبه ولا تقدم المصالح الشخصية أو الحزبية أو الطائفية على المصالح العامة للعراق وشعبه، مؤكدا وجود خيارين أمامه إما تشكيل حكومة أغلبية وطنية أو الذهاب للمعارضة. من جانبه، أكد المحلل السياسي صباح الشيخ أن الحكومة ستكون برئاسة مرشح تسوية. وقال الشيخ لـ ((شينخوا)) "هناك ثلاثة سيناريوهات لتشكيل الحكومة العراقية الأول أن تقوم الكتلة الصدرية بتشكيل الحكومة بالتعاون مع حركة تقدم برئاسة الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني وبعض المستقلين، خصوصا وأن الصدر لايزال يصر على حكومة أغلبية وطنية". وأضاف " السيناريو الثاني أن يقوم ائتلاف دولة القانون بتشكيل تحالف مع الفتح وبعض الكتل الشيعية الأخرى لتشكيل كتلة أكبر من الكتلة الصدرية من حيث العدد وبعدها ينطلق للتفاهم مع الكتل السنية والكردية لتشكيل الحكومة". وأوضح أن السيناريو الثالث هو تشكيل حكومة توافقية في حالة ما إذا فشل السيناريو الأول والثاني، لذلك ستضطر الكتل للمجيء بشخصية من خارجها كمرشح تسوية ليرأس الحكومة المقبلة. وأكد أن الأكراد والسنة سيكون لهما قدرة أكثر بالتحكم في اختيار المرشح الشيعي لرئاسة الحكومة المقبلة بسبب الخلافات بين الكتل الشيعية التي تسعى لكسب ودهما (الأكراد والسنة). ويرى الشيخ أن الحكومة المقبلة إذا بنيت على أساس التوافق والمحاصصة، فإن عمرها لن يطول أكثر من سنة وستكون هناك ردة فعل شعبية تطيح ليس بالحكومة فحسب بل بالعملية السياسية برمتها. وتنافس في هذه الانتخابات 3249 مرشحا يمثلون 21 تحالفا انتخابيا و167 حزبا منها 58 ضمن التحالفات، فضلا عن مجموعة من المستقلين للفوز بمقاعد البرلمان البالغة 329 بينها تسعة مقاعد مخصصة للأقليات. ولم يبق سوى رفع الأسماء الخاصة بالفائزين في الانتخابات إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها، وهي الخطوة الأخيرة التي تمهد لعقد أول جلسة للبرلمان الجديد ليبدأ ماراثون تشكيل الحكومة. بدوره قال ناظم علي خبير المنتدى العربي لـ ((شينخوا)) "إن تشكيل الحكومة المقبلة سيستغرق وقتا ربما يمتد لعدة أشهر بسبب الجدل الدائر حول الكتلة الأكبر، لأن أغلب الكتل الشيعية أعلنت اعتراضها على النتائج، لذلك ستحاول تشكيل كتلة أكثر عددا من الكتلة الصدرية، وهذا سيعقد المشهد أكثر ويحتاج إلى قرار من المحكمة الاتحادية العليا". وأضاف "هناك عامل آخر قد يؤثر على سرعة تشكيل الحكومة وهو العامل الإقليمي والدولي وبالتحديد طهران وواشنطن التي يسعى كل منهما إلى ألا يأتي رئيس حكومة يعمل ضد مصالحهما". وأكد أن الكتل ستضطر في النهاية إلى إجراء مفاوضات بينهما للتوصل لاتفاق حول مرشح تسوية وقد يكون هذا المرشح رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي الذي يحظى بدعم الصدر وعدم معارضة السنة والأكراد عليه، لكنه سيواجه اعتراضا قويا من تحالف الفتح. وتابع "ستبقى سمة المحاصصة هي السائدة بالعملية السياسية، لكن تغييرا سيحصل في أداء البرلمان بعد فوز مجموعة من قادة التظاهرات المطالبين بالإصلاح، ومجموعة من المستقلين الذين سيتحالفون معهم لتشكيل جبهة معارضة في البرلمان".

مشاركة :