باريس - وقعت وسائل الإعلام الفرنسية في نفس الفخ الذي نصبه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لوسائل الإعلام في بلاده، فبعدما جعلت من اليميني المتطرف إريك زيمور “ظاهرة إعلامية”، عادت لتحتج على استخدامه لصورها في حملته الانتخابية. واحتجت وكالة فرانس برس الأربعاء مثل العديد من وسائل الإعلام والشخصيات الفرنسية على استخدام صورها من قبل زيمور في مقطع إعلانه عن الترشح للانتخابات الرئاسية في فرنسا، ملوِّحة بملاحقات قضائية. وقالت وكالة فرانس برس في بيان إن “وكالة الصحافة الفرنسية طلبت من فريق حملة زيمور وقف استخدام صورها التي وردت دون إذن في الفيديو الذي أعلن فيه ترشحه لانتخابات الرئاسة”. وبعد بث فيديو الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي الثلاثاء على قناته على موقع يوتيوب الذي حاز أكثر من مليوني مشاهدة في 24 ساعة، اعترضت العديد من وسائل الإعلام والشخصيات في فرنسا على استخدام صورهم، وبينهم المخرج لوك بيسون والكاتب جاك أتالي وقناة فرانس 24 وفرانس تلفزيون والمعهد الوطني السمعي البصري وراديو فرانس. ودافع فريق زيمور عن نفسه ضد الانتقادات من خلال الاستشهاد بما يسمى “الاقتباس المختصر” في رسالة إلى وكالة فرانس برس. وكان خبراء حذروا كثيرا من الحضور الدائم للمحلل التلفزيوني السابق زيمور الذي لبس ثوب السياسي في وسائل الإعلام، مؤكدين أن الأمر يصب في مصلحة المرشح اليميني المتطرف، إذ أثبتت الظاهرة نفسها بالفعل على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، مع دونالد ترامب. وبدا أن التشابه مذهل بين النموذجين. وقد جرت مقارنات عديدة بين أسلوب زيمور وترامب، بسبب طموحات الاثنين الانتقال من الشاشة الصغيرة وتلفزيون الواقع إلى قيادة البلاد. وتتداخل خطابات زيمور وترامب في جميع النقاط. لكن قبل كل شيء، أسلوبهما في الاتصال: ومثل الرئيس الأميركي السابق فقد اتخذ المرشح للرئاسة زيمور مكانه المفضل على الساحة الإعلامية الفرنسية وبدأ يكتسب شعبية مع كل ظهور إعلامي. وتلقت الصحافة الفرنسية تحذيرات بسبب هوسها بزيمور، مرتكبة بذلك نفس الخطأ الذي ارتكبه نظراؤها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. خطابات زيمور وترامب تتداخل في جميع النقاط خطابات زيمور وترامب تتداخل في جميع النقاط وساهمت الصحافة الفرنسية في صناعة شعبية زيمور والتطبيع نوعا ما مع آرائه المتطرفة. وبحسب وكالة أكريميد للرقابة الإعلامية، فإن وسائل الإعلام الفرنسية أوردت 4167 إشارة إلى زيمور في سبتمبر الماضي وحده، بمعدل 139 في اليوم. ورغم ذلك يعترف خبراء إعلام أنه من الصعب “مقاومة” مثل هذه الظاهرة السياسية، خاصة وأن الصحافة تواجه معضلة: تجاهل هذه الظاهرة يعني المخاطرة بالفشل في واجبها الصحافي في الإبلاغ عن مرشح للرئاسة الفرنسية قد يصبح رئيسا. ويذكر أن إعلانَ زيمور الترشح للانتخابات الفرنسية المقبلة الثلاثاء أثار موجة من السخط والانتقادات في أوساط الصحافيين أنفسهم. وانتقد الصحافي طه بوحفص منشورا لوكالة “أ.ف.ب” عن زيمور جاء فيه “لأكثر من عشر سنوات، أدت تصريحاته المثيرة للجدل والاستفزازية عن الإسلام أو المهاجرين أو تاريخ فرنسا إلى خمس عشرة دعوى قضائية”، مستنكرا وصف الوكالة لتلك التصريحات بعبارة “مثيرة للجدل” فأعاد كتابتها وذيلها بعلامة استفهام. وغرد الصحافي في صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية مروان مهاجي على حسابه على تويتر “احمِ عينيك وأذنيك وعقلك وقلبك، أوقف تشغيل أجهزة التلفزيون. أغلق تويتر. سيكون هذا أفضل بكثير. هذه نصيحةٌ من صحافي”. وعلقت صحافية قناة فرانس 24 دنيا نوار على صورة لزيمور التقطت خلال زيارته لمدينة مارسيليا، جنوب فرنسا، بينما كان يغادر كاتدرائية “لا ميجور”، حيث اقتربت امرأة من سيارته وأظهرت إشارة لاأخلاقية بيدها، ليقوم زيمور بفعل نفس الحركة قائلا “أعمق بكثير”. وكتبت نوار “صورة تختزل ما سيقدمه إريك زيمور لفرنسا في حال انتخابه”. ومن المقرر أن يعقد الصحافي الذي لبس عباءة السياسي أول اجتماع رسمي لحملته صباح الأحد المقبل في العاصمة باريس.
مشاركة :