أجواء فخر واعتزاز رسمتها لوحات الفرق الشعبية في مهرجان الحصن من قلب العاصمة أبوظبي، احتفالاً بعيد الاتحاد الخمسين، وسط حشد جماهيري لافت وزخم كبير من الفعاليات والأنشطة التي ملأت أجواء منطقة الحصن بعمقها التاريخي الضارب في القِدم. وغمرت مظاهر الابتهاج كل ساحات المهرجان وشهدت تفاعلاً رائعاً من أبناء الدولة والمقيمين على أرضها، ممن عبّروا في هذه المناسبة الغالية عن امتنانهم لما أنجزه الآباء المؤسِّسون، الذين وضعوا اللّبنة الأولى لقيام الاتحاد، وأكمل المسيرة من بعدهم أصحاب السمو الشيوخ حكام الإمارات، حتى أضحت الإمارات من أهم دول العالم المتقدٍّمة في كل المحافل. لوحات فنية تضفي البهجة على المهرجان (تصوير: علي عبيدو) لوحات فنية تضفي البهجة على المهرجان (تصوير: علي عبيدو) باقة من الاستعراضات قدّمتها الفرق في مهرجان الحصن الذي يتجمّل كل ركن فيه بعبق التراث، وينخرط في أنشطته الجمهور من مختلف الجنسيات في تناغم تام احتفاءً بعيد الاتحاد الخمسين، المناسبة الوطنية الغالية على قلوب الجميع ممن عايشوا هذه الأرض الطيبة. ويشهد الحدث توافداً واسعاً للاستمتاع بما تقدمه الفرق الشعبية من لوحات فنية تراثية، إلى جانب المعارض والعروض وما تحدثه ساحة المهرجان من تفاعل عبر محتواها الغني والفريد، وسط أجواء وطنية تعبِّر عن مشاعر الولاء والانتماء لدولة الإمارات. وتغصّ ساحات المهرجان بالفعاليات وبمشاركات الفرق التي خصّصت عشرات الاستعراضات لعيد الاتحاد الخمسين، وأنشطة الأطفال، بهدف تنمية الروح الوطنية لديهم، وغرس القيم النبيلة في نفوسهم. وتشكل الفقرات التراثية نقطة جذب لأفراد الأسر ممن أتوا بزيهم الوطني للمشاركة في مظاهر الماضي التي مازالت تمارَس بجزء كبير منها إلى اليوم، حيث يحرص الأهالي على مرافقة أبنائهم، الصبيان يفاخرون بلباسهم التراثي والبنات بأثوابهن وبزينتهن من الحلي الذهبية التقليدية. أضواء وأهازيج تصاحب الأجواء الاحتفالية للفرق الشعبية، المؤثرات الضوئية والأصوات المنبعثة من مكبرَات الصوت، والتي تزيد من الشعور بالتواجد في الزمن الماضي، من صوت البحر والليل إلى الأضواء المُنسدلة في كل مكان. وكلها عناصر تجذب الزوار للاستمتاع بطيف من الفعاليات التي تعبِّر عن العادات والتقاليد الإماراتية الأصلية والمكونات الحضارية والإنسانية الفكرية والتراثية التي تعكس جوانب متعددة من الثقافة الإماراتية. مشاركات الصغار والكبار في فعاليات عيد الاتحاد الخمسين، تضفي على المهرجان أجواءً احتفالية تجعل الجميع يمضون أوقاتاً رائعة، ومنها عروض فرق العيالة والحربية، وباقي الألوان الموسيقية الشعبية كالرزفة والنعاشات والنهمة والأهازيج، على وقع الأغاني الوطنية، تعبيراً عن مشاعر الفرح في هذه المناسبة. النعاشات من المظاهر الاحتفالية، عروض فرقة النعاشات وتؤديها فتيات يتمايلن برؤوسهن وشَعرهن في تناغم مع الآلات الإيقاعية التقليدية، ما يعكس لوحات فنية تتداخل فيها الأثواب الملونة التي تجعل هذه الرقصات من الفقرات اللافتة التي تتكرّر أمام الزوار لمشاهدتها والتقاط الصور التذكارية معها. تنبض ساحات المهرجان بمختلف بيئاته بالموسيقى واللوحات الفنية الشعبية، منها «النهمة»، وهو فن ارتبط بالغوص، حيث كان غواصو اللؤلؤ في الماضي يقصدون أفضل المواقع وينشدون للإبقاء على حماسهم. وهذه الترنيمات المفعمة بالذكريات تُستعاد هنا مع الاحتفالات بعيد الاتحاد الخمسين وتضم مجموعة من الأهازيج الوطنية التي تزيد من أجواء الحماس والتفاعل بين الزوار. أما العيالة البحرية، وهي لون أساسي من التراث المحلي غير المادي، فيرتبط تكرارها بالوتيرة التقليدية نفسها التي كانت تُؤدّى على طول الساحل كجزء من تقاليد الوداع والترحيب، المرتبطة بمغادرة ورجوع البحارة وغواصي اللؤلؤ. العصي والأسلحة في مشهدية احتفالية أخرى، لا تقل حماساً عن باقي العروض، يُقام على ساحات المهرجان عرض اليولة، وهو أداء تعبيري راقص، يستخدم فيه المشاركون العصي والأسلحة بينما يتحرَّكون في إيقاع موحَّد، ما يستحضر روح المعركة ويمد الراقصين بالطاقة اللازمة التي تمتد إلى الزوار الكبار والصغار ممن يشاركون فيها بكل فرح وحماس. حفل موسيقي ضمن أجواء آسرة أحيا الفنان حمد العامري ضمن مهرجان الحصن، حفلاً موسيقياً ليلة أمس احتفالاً بعيد الاتحاد، من تقديم المجمع الثقافي، وذلك لما تمثله هذه المناسبة الوطنية من أهمية في قلوب كل من يعيش على أرض الإمارات. وشهد الحفل تفاعلاً منقطع النظير من الجمهور الذي أخذ يردِّد كلمات الأغاني الوطنية بكل فخر واعتزاز. الأجندة الثقافية يمثِّل مهرجان الحصن عنصراً أساسياً في الأجندة الثقافية لدولة الإمارات، حيث يحتفي بتراثها وحرفها اليدوية ويعرضها إلى جانب الأنشطة الفنية المعاصرة. وتنسجم أهداف المهرجان مع رؤية دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، الجهة المنظمة، والداعية إلى حماية تراث الإمارة والحفاظ عليه وتعزيزه من خلال الفعاليات التي ترسخ مكانة أبوظبي كوجهة ثقافية مميزة. «اليونيسكو» 2015 تتواصل احتفالية عيد الاتحاد الخمسين في مهرجان الحصن عبر العديد من المظاهر، منها حضور «الرزفة»، التي تعبِّر عن الوحدة وتقدَّم في المناسبات الوطنية والخاصة. ونظراً لما تحظى به من شعبية في المجتمعات البدوية في أنحاء الإمارات، يشارك فيها حتى الأطفال حيث يتماهون مع أعضائها مشكِّلين لوحة رائعة، تمزج بين الشِعر والرقص، وقد تحل العصي محل السيوف والخناجر، مع احتفاظها برمزيتها الباقية بين الأجيال. يبدأ العرض بمجموعة صغيرة من الأفراد، ثم سرعان ما يزداد العدد، بينما يقف الجمهور متفرجاً بإعجاب شديد بهذا الانسجام التلقائي. وتُعدُّ الرزفة من السمات الرئيسة التي تؤدّى في المناسبات الوطنية والاجتماعية وحفلات الزفاف، وهي من أشكال التعبير عن مشاعر الامتنان والبطولة. وتأكيداً على أهميته الشعبية والثقافية، فقد أدرَجت منظمة اليونسكو فن الرزفة عام 2015 ضمن «القائمة التمثيليّة للتراث الثقافي غير المادي للبشرية».
مشاركة :