الثقافة قوى ناعمة مؤثرة - ميسون أبو بكر

  • 12/3/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في فرنسا قبل وصولنا إلى ألمانيا لاستشارة طبيب متخصص في العظام لأخذ رأي ثالث حول عملية تم إجراؤها في إحدى الدول العربية لزوجي وهي ترميم عظام الكتف بعد حادث سقوطه على كتفه، التقينا أصدقاء فرنسيين ابتهجت كثيراً بحديثهم عما وصلهم من أخبار عن المملكة وبشكل خاص العلا والرياض وموسمها وجديدها، من الجميل أن يتداول هذه الأخبار الفرنسيون الذين تنحصر دائرة اهتمامهم على مصالحهم الاقتصادية الشخصية وأحوالهم الخاصة بعيداً عن اهتمامهم بالسياسات الخارجية إن كانت لا تمس شأنهم الاقتصادي الذي يحرك ما سواه. الجميل بالموضوع إصرارهم على دعوتنا إلى أحد المطاعم الفرنسية التي حضرت في موسم الرياض وكانوا فرحين بهذا الموضوع جداً وفيهم لهفة للشرح عن هذا المطعم الفرنسي ووجباته والطاهي وديكور المكان، وقد أعجبني في الموضوع أن الثقافة كقوى ناعمة استطاعت أن تحضر بالمملكة في مناطق متعددة من العالم وتشكل وعي الناس بالسعودية الجديدة ورؤيتها التي تسارع الخطى إليها، واستطاعت باستحضار هذا المطعم الفرنسي الذي يقدم الأكلات الشعبية الفرنسية أن تلفت الأنظار لنشاطاتها وموسمها. الثقافة تصنع ما لا تصنعه السياسة وتعتبر مورداً اقتصادياً مهماً حيث تعد علاقتها بالاقتصاد طردية، والمملكة التي تملك من الموارد الطبيعية والبشرية والتضاريس المختلفة التي تجعل لكل منطقة طابعها وخصوصيتها موردًا مضافًا للنفط؛ تنبهت أن الإبداع أبرز روافد التنمية كذلك إلى أهمية الاستثمار في التراث الثقافي بأشكاله كافة وكان المبدع السعودي ركيزة هذا الاستثمار وواجهة للمملكة، ولعلنا مؤخراً سعدنا بإدراج الأكلات الشعبية لمنطقة القصيم إلى لائحة التراث العالمي وقد اعتمدت هذه الأكلات على منتجات القصيم من تمور وخضراوات اشتهرت بها المنطقة وحرص أهلها على تقديمها بأصناف مختلفة للعالم. الثقافة كقوى ناعمة تؤثر في التوازن السياسي وتشكل الوعي الإنساني بما هو أشد تأثيرًا من أمور أخرى، هي السلاح الحقيقي الذي يؤثر في الشعوب التي لا تهتم بأبعد من محيطها ولقمة عيشها ودفع ضرائبها لكن الفن والثقافة بأجناسها المختلفة تؤثر في ذائقتها وتنبهها للآخر. دموع الفنان محمد عبده قبل أيام في لقاء به على المسرح الذي أطلق عليه اسمه في البوليفارد بالرياض تحكي فرحة الفنان بوطنه الذي التفت له واهتم بحضوره كون أن فنه نسيج وطني مهم وجزء من هذا الوطن العملاق بمبدعيه. العلا الشاهقة الشامخة التي أخرجت كنوزها وأبهرت زوارها أحيت حضارة من آلاف السنين تهفو لها نفوس السياح والمهتمين حملت المملكة للعالم.. رياضات تقام بها ومطاعم عالمية حضرت بها وتراث يشرح عنه أصحاب المكان، وحرف ورقصات شعبية ورسومات تحاكي عظمة الخالق فيها وقصائد وموسيقى.. هذه قرائي الكرام القوى الناعمة التي جعلت أصدقائي الفرنسيين يتحدثون عن حضارة المملكة وواقعها المبهر.

مشاركة :