استعرض الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في قصر السلام بجدة، أمس، مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والسلم الدوليين، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا والمسائل ذات الاهتمام المشترك. وأكدت السعودية وفرنسا، في بيان مشترك صدر في ختام المحادثات، اتفاقهما على ضرورة التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للأمن في المنطقة، وضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، كما اتفقتا على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير، وشددتا على ضرورة حصر السلاح في مؤسسات الدولة الشرعية. وشددت الرياض وباريس أيضاً، في البيان المشترك، على تعزيز وترسيخ التعاون بين البلدين وتنسيق مواقفهما في القضايا ذات الاهتمام المشترك لتحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام، والتصدي للسياسات والتدخلات المزعزعة للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. ورحّب ولي العهد السعودي، في بداية الاستقبال، بالرئيس الفرنسي في زيارته للمملكة، فيما عبّر الرئيس ماكرون عن سعادته بزيارة المملكة ولقائه ولي العهد. وتناول اللقاء استعراض أوجه العلاقات بين البلدين ومجالات الشراكة القائمة بين الرياض وباريس، إضافة إلى بحث آفاق التعاون الثنائي وفرص تطويره وفق رؤية المملكة 2030. ونقل الأمير محمد بن سلمان، في مستهل اللقاء، للرئيس إيمانويل ماكرون تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فيما حمله الرئيس الفرنسي تحياته لخادم الحرمين الشريفين. وشدد الرئيس الفرنسي، خلال زيارته للسعودية التي كانت محطته الأخيرة في جولة شملت أيضاً الإمارات وقطر، على عدم إمكان معالجة ملف إيران النووي دون التطرق إلى الاستقرار الإقليمي و«اقترحنا إشراك الحلفاء، ومنهم السعودية، في محادثات إقليمية». وتابع: «أقول ذلك منذ عام 2017، وأنا من أولئك الذين يرون أنه لا يمكن معالجة المسألة النووية دون التطرق إلى الاستقرار الإقليمي، ولا يمكن أن نمضي قدماً دون إشراك جهد أصدقائنا في هذه المناقشات». وأضاف: «إذن، بكل وضوح، ولي العهد السعودي كان واضحاً كما كان دائماً بشأن التعبير عن قلقه وكذلك رغبته في الحفاظ على السلم، وهو من أولئك الذين يتبنون مواقف واضحة في هذا الشأن. تبادلنا سيناريوهات محتملة، ونحن نعمل كعضو في البلدان الخمسة المشاركة في مفاوضات فيينا، ونناقش باستمرار مع البلدان التي شاركت في مؤتمر بغداد في نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي وسنمضي في هذا الاتجاه، ولا أعتقد أن هناك حلولاً بسيطة وسريعة بشأن هذه القضية، ولكنّ هناك مساراً للحفاظ على هذه المقاييس: ألا يكون هناك سلاح نووي في إيران وألا يكون هناك تصعيد في المنطقة». وأكد الرئيس الفرنسي أن جولته الخليجية كانت مفيدة، مشيراً إلى أن الأهداف التي حددها للزيارة تم تحقيقها بشأن الاستقرار والسلام في المنطقة. ونوه بأن مناقشاته مع القادة الثلاثة الذين قابلهم في جولته الخليجية، وهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، تضمنت جميع القضايا المتعلقة بإيران ولبنان والسلم في الخليج وقضية الطاقة، مضيفاً: «حضورنا اليوم في هذا الوقت جيوسياسي وكان مهماً، وأعتقد أننا أطلقنا بعض المناقشات الاستراتيجية في الوقت المناسب». وقال: «الآن سننتظر النتائج على الصعيد الاستراتيجي والجيوسياسي والإقليمي وكذلك على المستوى الاقتصادي وعلى مستوى الطاقة وعلى المستوى العسكري أيضاً، وأعتقد أن هذه الجولة كانت مفيدة، (وهي جاءت) في وقت تشهد هذه المنطقة إعادة تشكل. هناك قلق تجاه إيران ما زال قائماً. وهناك الأزمة الأفغانية التي عشناها في الصيف الماضي ولها تداعيات على بلدان دون غيرها. كل هذه العناصر تعيد تشكيل هذه المنطقة، وفرنسا موجودة هناك كما كنا موجودين خلال مؤتمر بغداد مع مجمل بلدان المنطقة بمن فيهم أولئك الذين لم يتحاوروا فيما بينهم. وأعتقد أن النتائج مفيدة للجميع». حضر الاستقبال، من الجانب السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز وزير الطاقة، والأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، والأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية، والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة وزير الإعلام المكلف، والمهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة، والمهندس خالد الفالح وزير الاستثمار، وياسر بن عثمان الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة، وفهد الرويلي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا. فيما حضر من الجانب الفرنسي، جان إيف لو دريان وزير أوروبا والشؤون الخارجية، وفلورانس بارلي وزيرة القوات المسلحة، وروزلين باشلو وزيرة الثقافة، وفرانك ريستير المكلف عن التجارة الخارجية والاستقطاب لدى وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، ولودوفيك بوي السفير الفرنسي لدى المملكة، والأميرال جان فيليب رولان رئيس الأركان الخاصة للرئيس، وإيمانويل بون المستشار الدبلوماسي وشربا 20 و7 للرئيس الفرنسي، وأليس روفو المستشارة الدبلوماسية المعاونة مسؤولة الشؤون الاستراتيجية ونزع السلاح، وباتريك دوريل مستشار شمال أفريقيا والشرق الأوسط في رئاسة الجمهورية، وآن سوفي براديل مستشارة الإعلام الدولي في رئاسة الجمهورية. وكان الرئيس الفرنسي وصل، أمس، إلى جدة وغادرها لاحقاً، وكان في مقدمة مستقبليه ومودعيه في مطار الملك عبد العزيز بجدة الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، الوزير المرافق، وصالح التركي أمين محافظة جدة، واللواء صالح الجابري مدير شرطة منطقة مكة المكرمة، وفهد الرويلي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى فرنسا، ولودوفيك بوي سفير فرنسا لدى المملكة، وعدد من المسؤولين. - بيان مشترك وأوضح بيان مشترك في ختام الزيارة أن السعودية وفرنسا اتفقتا على ضرورة التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة لأمن المنطقة، وضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، كما اتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير، وشددا على ضرورة حصر السلاح في مؤسسات الدولة الشرعية. وشددت الرياض وباريس، في البيان المشترك، على تعزيز وترسيخ التعاون بين البلدين وتنسيق مواقفهما في القضايا ذات الاهتمام المشترك لتحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام، والتصدي للسياسات والتدخلات المزعزعة للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وأشادتا بأهمية قمة بغداد التي عقدت في أغسطس الماضي لتعزيز الاستقرار في العراق وتشجيع الحوار الإقليمي. كما شدد الجانبان على تصميمهما لبذل المزيد من الجهود الحثيثة المشتركة للوقوف في وجه الإرهاب والتطرف بمختلف أشكالهما وصورهما محلياً وإقليمياً ودولياً، ومكافحة تمويلهما. واتفقا على تعزيز التعاون التقني والعملياتي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وأكد الجانبان دعمهما لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وفقاً لحل الدولتين، والقرارات الشرعية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية. وفي هذا السياق، دعا الجانبان إلى وضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي التي تهدد حل الدولتين. وعبّر الطرفان عن قلقهما الشديد أمام تطوير البرنامج النووي الإيراني وعدم التعاون والشفافية تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكدت فرنسا على تصميمها على ألا تتمكن إيران من تطوير أو الاستحواذ على سلاح نووي. واتفق الجانبان على ضرورة التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للأمن في المنطقة، بما فيها استعمال ونقل الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي أدت إلى اعتداءات على المملكة العربية السعودية. وفي الشأن اليمني، أكد الجانبان على أهمية دعم الجهود المبذولة، بما في ذلك جهود المبعوث الأممي الخاص باليمن، للوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، استناداً إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها القرار (2216). وأكدت فرنسا دعمها الكامل لمبادرة السلام السعودية التي تم تقديمها في 22 مارس (آذار) 2021، كما أدانت الاعتداءات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي ترتكبها ميليشيا الحوثي، وأكدت التزامها التاريخي بالحفاظ على أمن المملكة. وفي الشأن اللبناني، شدد الجانبان على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود، واتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير. وأكدا ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات. كما شددا على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين في جميع تلك القضايا، كما اتفقا على إنشاء آلية سعودية - فرنسية للمساعدة الإنسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني. كما أكدا أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن والقرارات الدولية ذات الصلة. وفي الشأن العراقي، أبدى الجانبان دعمهما لجهود الحكومة العراقية للقضاء على الإرهاب، والجهود الرامية للحفاظ على أمن واستقرار العراق ووحدة وسلامة أراضيه، وأهمية وقف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي. وعبّرا عن أملهما في تشكيل حكومة جديدة في وقت سريع. كما أشادا بانعقاد الانتخابات في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي الشأن السوري، أكد الجانبان أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة في سوريا وفقاً لإعلان جنيف (1)، وقرار مجلس الأمن رقم (2254) لإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوري، والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ودعم جهود المبعوث الأممي الخاص بسوريا. وفي الشأن الليبي، أكدا أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية وفق قرارات الشرعية الدولية وبما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة. ورحّب الجانب الفرنسي بدعوة المملكة لعقد اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان والإسهام في تقديم الاستجابة الإنسانية المناسبة. وفي الشأن الدفاعي والأمني، أكد الجانبان، في البيان المشترك، أهمية وضرورة التقييم المستمر للتهديدات المشتركة لمصالح البلدين ولأمن واستقرار المنطقة. وأشادا بشراكة الدفاع التاريخية التي تجمعهما. واتفقا على تعزيز الحوار لتعميق التقارب الاستراتيجي بينهما. وأكدا أهمية تعزيز العمل المشترك والدفع بالعلاقات الثنائية إلى مزيد من التعاون الوثيق والبناء المبني على الثقة والمصالح المشتركة، بما يأخذ بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين إلى آفاق جديدة واعدة. وأشاد الجانبان بما تحقق منذ زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي لفرنسا عام 2018م، من نتائج إيجابية ومثمرة أسهمت في توسيع نطاق التعاون بين البلدين في شتى المجالات. وفي الشأن الاقتصادي، أشاد الجانبان بمتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين. واتفقا على أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتبادل الخبرات، وتطوير القدرات البشرية، واستغلال الفرص النابعة من رؤية المملكة 2030، والخطة الاقتصادية لفرنسا 2030 في العديد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك. وأكد الجانبان أهمية متابعة تنفيذ الشراكة الاقتصادية المتوازنة من خلال الاستثمارات المتبادلة بين القطاع الخاص في البلدين. ورحّبت المملكة العربية السعودية بزيادة تعاون الشركات الفرنسية في القطاعات في إطار رؤية المملكة 2030، بما فيها الطاقة، وإدارة المياه والنفايات، والمدن المستدامة، والنقل، والطيران المدني، وحلول التنقل، والاقتصاد الرقمي، والصحة. كما ترغب فرنسا في استقطاب الاستثمارات السعودية في القطاعين العام والخاص، لا سيما قطاعات التقنيات الجديدة والشركات الناشئة وصناعة المستقبل. وتتطلع المملكة العربية السعودية لتعزيز استثمارات القطاع الخاص السعودي في السوق الفرنسية. وأشاد الجانبان بتوقيع العديد من العقود والاتفاقيات في جميع المجالات الاقتصادية، وذلك خلال اللقاءات التي تمت على هامش الزيارة بين رجال الأعمال في البلدين، مجددين بذلك شراكة القطاع الخاص العميقة في البلدين. وأكد الجانبان التزامهما بالحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي. وعبّر الرئيس الفرنسي عن تثمينه وتقديره لمبادرات المملكة وجهودها في مجال البيئة والتغير المناخي. وفيما يتعلق بقطاع الطاقة ومجالاته المختلفة، أكد الجانبان متانة العلاقات التي تجمع البلدين في مجالات الطاقة والتي تتمثل في العديد من المشروعات في مجالات تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات، وقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، خاصة في مجالات تطوير المشاريع، وأمن المحطات والشبكات الكهربائية، وموثوقية الخدمة، وتبادل الخبرات في الربط الكهربائي. واتفق الطرفان على تعزيز تعاونهما فيما يتعلق بإنتاج الطاقة النووية في إطار سلمي وآمن، وإدارة النفايات الإشعاعية ومجال التطبيقات النووية، والرقابة النووية، وتطوير القدرات البشرية في إطار الاتفاق الحكومي الموقع في عام 2011م. وفيما يخص قضايا التغير المناخي، أكد الجانبان أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، وضرورة تطوير وتنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر، بما في ذلك من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون كإطار متكامل وشامل لمعالجة انبعاث الاحتباس الحراري. وأشاد الرئيس الفرنسي بمبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر». وأكد الطرفان أهمية التعاون لتحقيق هاتين المبادرتين. وأشار الطرفان إلى أهمية التعاون بين البلدين لدراسة فرص تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف في المملكة، بالإضافة إلى استخداماته المختلفة للمشاركة في تحويل الاقتصادات إلى اقتصادات خالية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفي التحول في مجال الطاقة على المستوى العالمي. واستعرض الجانبان جهودهما المبذولة لمكافحة جائحة «كوفيد –19»، والنجاح الذي حققه البلدان في التصدي لهذه الجائحة. كما أكدا مواصلة جهودهما لدعم الدول الأقل نمواً والدول النامية، في الوقت الذي تواجه فيه هذه الدول تداعيات اقتصادية وصحية واجتماعية جراء جائحة «كوفيد – 19». وفي مجال الثقافة، أشار الجانبان إلى العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين التي شهدت على مدى العقود الستة الماضية تعاوناً مستمراً بينهما في مختلف المجالات، وأكدا أهمية تعزيز التعاون في هذه المجالات لا سيما تطوير المتاحف، والصناعة السينمائية، والتراث. ورحب الجانبان بالتعاون المثمر القائم للتطوير المستدام لمنطقة العلا، في إطار الاتفاق الحكومي الموقع في أبريل (نيسان) 2018، وأشادا بتوقيع اتفاقيات جديدة تسهم من خلالها فرنسا بدعم التطوير الثقافي والسياحي لهذه المنطقة الزاخرة بالإمكانات. وأكد الجانبان أهمية رفع وتيرة التعاون في المجال السياحي، والعمل على إطلاق مبادرات لتنمية الحركة السياحية واستكشاف ما يزخر به كل بلد من مقومات سياحية، وتعزيز التواصل بين مواطني البلدين، وتقديم التسهيلات لتحقيق ذلك. وفي مجال التعليم، رحّب الجانبان بتوسيع نطاق التعاون بين الجامعات والكليات التقنية ومراكز الفكر والأبحاث في البلدين، وتكثيف التعاون بينهما في مجالات البحوث العلمية، والتطوير والابتكار من خلال إجراءات ملموسة ومشاريع هيكلية للتخصصات العلمية المواكبة لتطلعات المستقبل. وفي هذا السياق، رحّب الجانبان بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدد من المجالات (الثقافية، والسياحية، والتقنية الرقمية، والفضاء)، بالإضافة إلى اتفاقية إنشاء المركز الثقافي الفرنسي «فيلا الحجر» في العلا. وأشار البيان إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي للسعودية تأتي انطلاقاً من أواصر الصداقة والتعاون الوثيق الذي يربط بين البلدين، مشيراً إلى أن جلسة المباحثات التي جمعت ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي في قصر السلام بجدة تناولت العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين في جميع المجالات. وأعرب الرئيس الفرنسي في ختام الزيارة عن بالغ شكره وتقديره لحكومة المملكة وشعبها على ما لقيه والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة. - اتفاقات إلى ذلك، كشف لوران جيرمان، رئيس أصحاب العمل الفرنسي، لـ«الشرق الأوسط»، عن توقيع الجانبين السعودي والفرنسي على 27 اتفاقية أو مذكرة تفاهم خلال ورشة العمل السعودية - الفرنسية في جدة، أمس. وشدد جيرمان، وهو عضو الوفد المرافق للرئيس ماكرون، على أن الـ27 اتفاقية تعد خطوة على مستوى كبير من شأنها دفع العلاقات بين البلدين وبين قطاعات الأعمال السعودية - الفرنسية إلى آفاق أرحب، مؤكداً أنها شملت قطاعات الطاقة والنقل والصناعات الكيميائية المتخصصة والصناعات الدوائية، مشيراً إلى مشاركة أكثر من 100 شركة فرنسية في الحدث. وشهدت الرياض وباريس، في الفترة الأخيرة، زيارات متبادلة كانت بمثابة أرضية صلبة لجني ثمار مباحثات الأمس. ووقعت الرياض وباريس، قبل 3 أسابيع، اتفاقية تعاون مشتركة في مجال الطيران المدني والنقل الجوي، واللوجستيات والتكنولوجيا والرقمنة، بجانب التعاون في مشاريع السلامة والأمن في قطاع الطيران، لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات منظومة النقل والخدمات اللوجستية كافة، والاستفادة من التقنيات الحديثة والمستقبلية في تطوير وسائط النقل المتعددة، والإسهام في تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
مشاركة :