وزير العدل الجزائري يترأس الدورة السابعة والثلاثين لمجلس وزراء العدل العرب

  • 12/6/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ألقى وزير العدل، حافظ الأختام السيّد عبد الرشيد طبي، كلمة بمناسبة ترأسه للدورة السابعة والثلاثين (37) لمجلس وزراء العدل العرب وقال وزير العدل الجزائري: "بسم الله الرحمان الرحيم والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين • صاحبُ السّعادة معالي الأمين العام لجامعة الدول العربيّة، أحمد أبو الغيط،  • أصحابُ المعالي، الإخوة وزراء العدل للدول العربية الشقيقة، • معالي الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصَمعاني، الرئيسُ الفخريّ لمجلس وزراء العدل العرب،  • أصحاب السّعادة السّفراء. • السيّدات والسّادة، أعضاء الوفود المُشاركة، • السّيّدات والسّادة، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته  إنّه لمِنْ دواعي الشّرف وجوامع الاعتزاز، أنْ ألتقي إخواني وأشقّائي وُزراء العدل العرب ومرافقيهم في رحابِ جامعة الدول العربيّة،  على أرض الكِنانة جمهوريّة مصر العربيّة الشّقيقة، التي أتوجَّه إلى أشقائنا فيها حكومةً وشعبًا بوافِر الشُكر وخالصِ الامتنان، على ما حظينا به من حُسنِ الاستقبال وكرمِ الضيافة. كما يطيبُ لي، أنْ أُقدّم جزيل الشّكر لمعالي السيّدة ليلى جفال، وزيرةُ العدل بالجمهوريّة التونسيّة الشقيقة، وأُحييها على الجهود المبذولة خلال تولّيها رئاسة الدورة السّادسة والثلاثين (36) للمجلس الموقّر، متمنّيا لها دوام التوفيق. أُوجِّهُ تحيّاتي الخالصة أيضا إلى أصحاب المعالي والسّعادة أعضاء المجلس، على حِرصهم الدائم واستجابتهم الصّادقة، لترقيّة العلاقات التي تجمعُنا في إطار التوافق المطلوب، مراعاةً لمصالح شعوبنا التي تتطلّع إلى التطوّر والازدهار. والشُكرُ موصولٌ إلى الأمانة الفنيّة رئيسا وطاقما، على ما بذلوه من جُهد للإعداد لهذه الدورة، وإلى كل من هيّأ أسباب انعقادها، راجيا أن تُكلّل أعمالها بالتوفيق والنجاح، وتحقيق ما نصبوا إليه جميعا من مقاصدَ وأهداف. وأغتنمُ هذه السانحة لأُعبّر أيضا عن عميقِ تقديري للسيّد رئيس المركز العربيّ للبحوثِ القانونيّة والقضائيّة، وتثمين جهود أعضائه في مَدِّ مجلسنا بما يُساعدُه على تعزيز العمل العربيّ المشترك وتفعيله. إنّ الاجتماعات الدوريّة لمجلس وزراء العدل العرب في مواعيده السّنويّة، جعَلَهُ في طليعةِ مؤسّسات جامعةِ الدّول العربيّة، التي تعملُ بصورة منتظمة في نطاق اختصاصها، بإرادةٍ صلبة وعزيمة راسخة، لتطوير التعاون العربي في المجالين القانوني والقضائي، وفي جهودٍ متواصلة لإرساء قِيمٍ مشتركة، مِنْ شأنها تعزيز التوافق بين الدُول العربيّة، وتقوية القُدرة على بناء مجتمعاتنا بما يتلاءمُ مع تقاليدها الروحيّة والحضاريّة، وبِما يُعِدُّها لمسايرةِ التطوّرات المُتسارعة التي يَشهَدُها العالم.  أصحابُ المعالي والسّعادة،   السّيداتُ والسّادة الحضور الكرام، إنّ التحدّياتٍ التي نُواجهها في ظل المتغيّرات الراهنة، في عالمٍ تتشابكُ فيه المصالح، تقتضي منا تسخير  كل إمكانياتنا وتكييف منظوماتنا القانونيّة، بِما يُعزّزُ التواصل بيننا وتثمين قُدُراتنا الجماعيّة، في مواجهة المخاطر المُحدقة بأجيالنا. وفي هذا السياق يجدر التذكير بأنّ المجلس الموقّر، تنبّه مُبكّرا إلى هذه التحديّات والمخاطر، فبادَرَ إلى إعدادِ مجموعةٍ من الاتفاقيات المُتعلقة بمكافحة الإرهاب، والفساد، والجريمة المنظّمة العابرة للحدود، وتقنيّة المعلومات، وتنظيم زراعة الأعضاء البشريّة، ومنع الاستنساخ البشري، بالإضافة إلى عديدِ البروتوكولات المتعلقة لا سيما بمكافحة القرصنة البحريّة والاتجار بالبشر وغيرها...، فضلًا عن إنجازِ العديد من القوانين العربيّة الاسترشاديّة. إنّ هذه المنظومة القانونيّة المتكاملة، تُعتبر خُطوة ملموسة تدُلُّ على وعي الدول العربيّة بالمخاطر التي يُشكّلُها الإجرام المنظّم بتعقيداته، لا سيما بعد خروجه من الحيّز الوطني إلى نطاق العالميّة، الأمرُ الذي جعل متابعته من دولة واحدة أمرا صعبا دون انخراط بقيّة الدول، لذلك فإنّه من الأهميةِ بِمكان أنْ تجِد هذه الاتفاقيّات تجسيدا في أرض الواقع، بوضع آليات كفيلة بتطبيق أحكامها، بما يُمكِّنُ المجتمعات العربية من مواجهة الأخطار المُحدقة بأمنها والماسّة باستقرارها. وإسهاما من الجزائر في تفعيل التعاون العربي من خلال الأُطُر الاتفاقية المذكورة، اقترحنا على المجلس الموقّر استحداث آليّة عمليّة بعنوان "قاضِ الوصل"، تسمحُ باتّصال القضاة فيما بينهم، الأمرُ الذي من شأنه الإسهام في تعزيز التشاور والتعاون المستمر بينهم مباشرة، لحَلّ مشاكل المواطنين القانونيّة والقضائيّة، وترقيّة التعاون بين الدول العربيّة في الجانب القضائي، وتسهيل التواصل بينها بالسّرعة والفعاليّة المطلوبتين.  أصحابُ المعالي والسّعادة، وعلى صعيدٍ آخر لا زالت البشرية قاطبة، تُواجِهُ جائحة كورونا التي أَودت بحياة الملايين من البشر، وتسبّبت في عرقلة مسار التنمية وأثّرت سلبا على اقتصاديات العالم. وكان من نتائج هذه الأزمة الصحّيّة، ازدياد حجم الإجرام المرتبط خاصّة بالمضاربة غير المشروعة في الأدوية، واستغلالُ البعض للفراغ الناتج عن الحجر الصحي، لاستخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال في غير أهدافها الإيجابية، سواء بارتكاب جرائم تمُسّ بالحياة الخاصّة للأشخاص، أو نشر الأخبار الكاذبة والإشاعات المُغرضة، بهدف خلق البلبلة وسط المجتمعات والمساس باستقرار النسيج الاجتماعي، ناهيك عن الاعتداءات الجسديّة واللفظيّة تجاه مستخدمي الصحّة وتخريب وسائل المؤسّسات الصحيّة. بالإضافة إلى انتشار صور وفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان الغرضُ منها النّيل من معنويّات العاملين بالمؤسّسات الصّحّيّة وتثبيط عزائمهم، وأُخرى تضمّنت مشاهد تمُسّ بكرامة المرضى والاحترام الواجب للموتى. وانطلاقا من كل هذه المعطيات، ومن أجل حماية خصوصيّات المواطن العربيّ، تقترحُ الجزائر تعزيز منظومة الاتفاقيّات العربيّة باتفاقيّة جديدة تصُبُّ في المسعى نفسه، تتعلق بحماية المعطيات الشّخصيّة، بهدف حفظ الحقوق الشخصيّة للإنسان باعتبارها من الحقوق المقدّسة.   أصحابُ السّعادة والمعالي،   الحضور الكرام،       أغتنمُ فرصةَ هذا اللقاء، لأُطلع أشقائي وزملائي الوزراء والحضور الكرام، بالمسار الذي عرفهُ بلدي الجزائر خلال السنتين الأخيرتين، في مسعاه للالتزام بالشرعيّة الدستوريّة وبناء المؤسّسات بصفة ديمقراطية. إذ بدأ هذا المسار بانتخاب السيّد عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية في ديسمبر 2019، وإطلاقه العديد من الإصلاحات لبناء جزائر جديدة بمؤسّسات دستوريّة شرعيّة ومتماسكة، تستجيب لتطلّعات الشعب الجزائري. وتَلاَ ذلك تعديل الدستور الذي صادق عليه الشعب في استفتاء الفاتح من نوفمبر 2020، والذي جاء بعدّة إصلاحات لتعزيز الحقوق وحماية الحريّات، وتكريس مبدأ الفصل بين السّلطات، واستقلاليّة السُلطة القضائيّة، وتعزيز مؤسّسات الرقابة، وتفعيل دور المعارضة السياسيّة، وتشجيع بناء اقتصاد متنوّع يُثمّن قدرات البلد، الطبيعيّة والبشريّة والعلميّة. وقد أَفرد التعديلُ الدستوري حيّزا هامّا للسلطة القضائيّة، من خلال تعزيز استقلاليتها، بمنح صلاحيات واسعة للمجلس الأعلى للقضاء في تسيير المسار المهنيّ للقضاة، بما يسمحُ للقضاء بالاضطلاع بدوره كحامي للحقوق وضامن للحريّات، خاصةً وأنها كانت من المطالب التي عبّر عنها الشعب الجزائري ضمن تطلّعاته المشروعة في بناء دولة الحق والقانون. بالإضافة إلى تنظيم انتخابات تشريعيّة في شهر جوان الماضي، لاختيار الشعب لممثليه في البرلمان بكلّ سيادة وحريّة، في مسعى يهدف لأخلقة العمل السياسي. ثُمّ تنصيب المحكمة الدستورية، التي صارت تتمتع بصلاحيّات واسعة تشمل حلّ الخلافات بين السلطات، لتفادي أيّ تعطيل في سير المؤسسات الدستوريّة. وتمّ استكمال البناء المؤسساتي بانتخاب المجالس المحليّة الأسبوع الفارط، باعتبارها لبِنةً أساسيّة في علاقة الدولة بالمواطن وتجسيدا للديمقراطيّة التشاركيّة، وأداة لتحقيق التنمية المحلّية. أمّا في موضوع محاربة الفساد، فتمّ إنشاءُ سلطةٍ عليا مستقلّة للشفافيّة والوقاية من الفساد ومكافحته، تتمتّع بصلاحيّات واسعة في هذا المجال على رأسها وضع استراتيجية وطنية للشفافية والنزاهة، والسهر على تنفيذها ومتابعاتها. و في هذا الصدد، وفي الجانب المتعلق باسترداد الأموال المُهرّبة للخارج، فإنّ الدولة الجزائرية تسعى لاسترجاع أموالها المنهوبة، وفق مسعىً شامل أقرّهُ السيّد رئيس الجمهورية، يتطلب تحقيق جزءٍ كبيرٍ من هذا المسعى تكثيفُ التعاون الدولي في الإطار الاتفاقي الأُممي والعربي. ونحنُ على يقين أن هاجس محاربة الفساد واسترجاع الأموال الناتجة عنه هو هاجسُ جميع الدول العربية، يتطلّب توحيد الجهود. وبالمناسبة فإننا نُثمّن ونُحيي النتائج التي خرجت بها الملتقيات الدولية والندوات العلمية الإقليمية التي نُظّمت هذه السّنة في هذا الإطار. ووعيًا منّا بتعقيدات هذا الموضوع وأهميّته لدى كل الدول العربية، فقد اقترحت الجزائر على المجلس الموقّر إعداد بروتوكول عربي يتعلق بالتعاون من أجل استرجاع الأموال المهربة للخارج، سيكونُ مُكمّلا للاتفاقيّة العربيّة لمكافحة الفساد.  أصحابُ المعالي والسّعادة، السّيّداتُ والسّادة الوزراء،  السّيّداتُ والسّادة الحضور الكرام.   إنّ ما يُقدّمُه المجلس الموقّر من عمل جدّي ودائمٍ، سيفضي لا محالة إلى إرساء منظومة قانونيّة عربيّة تتماشى في طبيعتها ومضامينها مع طموحات شعوب أمّتنا العربيّة، وهو ما تعكسه الموضوعات المُدرجة ضِمنَ بُنود جدول أعمال هذه الدورة التي أتشرّفُ بتولّي رئاستها، متمنيّا أن تُكلّل أعمالها بالتوفيق والنجاح. وفقنا الله لما فيه الخير  أشكركم على كرم الإصغاء والسلام عليكم ورحمة  الله تعالى وبركاته

مشاركة :