طرابلس - بعد عودة سيف الإسلام القذافي وعبدالحميد الدبيبة لسباق الرئاسة بقرار قضائي أبطل الطعون في ترشحهما، قضت محكمة استئناف طرابلس الاثنين ببطلان حكم استبعاد اللواء المتقاعد خليفة حفتر من السباق الرئاسي وأعادته للمنافسة في الانتخابات المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وفق إعلام محلي. والمرشحون الثلاث يعتبرون من بين أبرز المتنافسين على رئاسة ليبيا في أول انتخابات في تاريخ البلد النفطي الذي مزقته الصراعات على مدى العقد الماضي بعد الإطاحة بنظام الزعيم الليبي معمر القذافي الذي حكم البلاد بقبضة حديدية طيلة 42 عاما. وقالت قناة 'ليبيا الأحرار' المحلية الخاصة، إن "محكمة استئناف طرابلس أبطلت حكم محكمة الزاوية (غرب) باستبعاد خليفة حفتر من السباق الرئاسي وأعادته إلى المنافسة". والثلاثاء الماضي، قضت محكمة الزاوية الابتدائية باستبعاد حفتر من قائمة المرشحين للانتخابات. وكان 72 نائبا قد وقعوا على لائحة تطالب باجتماع مجلس النواب الاثنين، محذرين مفوضية الانتخابات من إعلان قائمة المرشحين النهائية إلى حين انتهاء جلسة المساءلة ليتسنى لمجلس النواب تقييم الوضع وسبل إنقاذ العملية الانتخابية في موعدها". وحفتر قائد الجيش الوطني الليبي في الشرق الذي تخلى عن منصبه مؤقتا، هو ثاني شخصية جدلية يتم إعادتها للمنافسة بحكم قضائي، غداة إعادة سيف الإسلام القذافي بشكل نهائي إلى سباق الانتخابات الرئاسية، بحكم من محكمة سبها. وأعلنت مفوضية الانتخابات في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي "قائمة أولية" بـ73 مرشحا للرئاسة، بينهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إضافة إلى قائمة أخرى شملت 25 مستبعدا، منهم سيف الإسلام. ومن المنتظر أن تعلن مفوضية الانتخابات القائمة النهائية بعد غد الأربعاء لانتهاء مرحلة الطعون لمدة 12 يوما. ويأمل الليبيون أن تساهم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التالية لها في إنهاء صراع مسلح عانى منه بلدهم الغني بالنفط. ويزداد المشهد الليبي تعقيدا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وسط التطاحن القانوني على مستوى دوائر الطعون القضائية لإخراج ثلاث شخصيات جدلية رئيسية، تملك أكبر الحظوظ للفوز بكرسي الرئاسة. وبمجرد إعلان قائمة المرشحين من المرتقب أن تنطلق حملة انتخابية غير تقليدية، بسبب العوائق الأمنية التي تحول دون قدرتهم على التحرك بحُرية في مدن الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان). وكان استبعاد مفوضية الانتخابات لسيف الإسلام القذافي وبقية مرشحي النظام السابق مثل محمد أحمد الشريف وزير التعليم الأسبق وبشير صالح المدير السابق لمكتب القذافي، متوقعا لأسباب سياسية أكثر منها قانونية، خاصة بعد إبداء الولايات المتحدة الأميركية تحفظها على هذا الترشح. إلا أن طعن القذافي الابن أمام محكمة مدينة سبها (جنوب) تصدت له قوة مسلحة تابعة لحفتر، حيث طردت القضاة وموظفي المحكمة وحاصرت مقرها، لمنع إصدار الحكم. ورد أنصار القذافي بالتجمهر أمام المحكمة كما أدانت روسيا استبعاد القذافي الابن من السباق الرئاسي وانتقدت حكومة الوحدة عرقلة العملية الانتخابية. ولم تنسحب القوة المسلحة إلا بعد انتهاء الآجال القانونية للطعن ومع ذلك انعقدت المحكمة وأصدرت حكما بقبول الطعن، ما أعاد سيف الإسلام القذافي إلى السباق الرئاسي. وبحسب عبدالباسط الحداد المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا، فإن حكم محكمة سبها ابتدائي وليس نهائيا وقابل للاستئناف من مفوضية الانتخابات خلال 72 ساعة من تاريخ صدور الحكم. ويتوقع الحداد، أن تصدر محكمة الاستئناف حكما ببطلان الحكم بصدوره بعد الميعاد المحدد وفق الجدول الزمني الموضوع. ومشاركة سيف الإسلام القذافي في الانتخابات من شأنه أن يعيد رسم خارطة التحالفات ويقلبها رأسا على عقب، فالقذافي الابن تُرشحه عدة استطلاعات رأي. ومنذ 2014، تحالف أنصار القذافي مع حفتر وانخرطت بقايا الكتائب الأمنية للنظام السابق ضمن قوات شرق ليبيا وقاتلت إلى جانبه في معركة طرابلس وقبلها في القواعد الجوية ببراك الشاطئ والجفرة وتمنهنت بالجنوب. لكن ترشح سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية ومحاولة حفتر قطع الطريق عليه ومنعه من الطعن في قرار استبعاده من السباق الرئاسي، أحدث شرخا بين الطرفين يصعب جبره. لذلك إذا تمكن كل من حفتر وسيف الإسلام من تجاوز مرحلة الطعون وصعد الأخير إلى الدور الثاني من الرئاسيات فقد تتشكل تحالفات غريبة وغير منطقية. وإلى جانب حفتر وسيف الإسلام والدبيبة وباشاغا، يسعى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بدوره ليكون رقما صعبا في معادلة الانتخابات التي يبدو مسارها ملغوما وشديد التعقيد.
مشاركة :