قال عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في كلمة سامية إلى القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية المنعقدة حالياً في مدينة الرياض: «إن ما تموج به منطقتنا العربية من صراعات مُعقّدة وما تشهده من أزمات متفاقمة أساسها التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول العربية، وتمتد بتأثيراتها الخطيرة وإفرازاتها السلبية إلى مختلف دول العالم وتؤثر بشكل مباشر على الأمن والسلم الدوليين، يتطلب جهوداً أكبر وتعاوناً أقوى لمواجهتها وحلها». وذكر جلالته «إننا نتطلع إلى زيادة وتيرة التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري بين الجانبين العربي والأميركي الجنوبي، وخاصة أن إنجاز هذا الهدف لن يساهم فقط في تدفق المبادلات التجارية والاستثمارات بينهما، ولكنه سيؤدي كذلك إلى انبثاق تجمع اقتصادي قوي يتمتع بقدرات هائلة ومقومات كبيرة على المنافسة الدولية».في كلمة سامية في افتتاح القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبيةالعاهل: نتطلع إلى قيام تكتل اقتصادي بين الجانبين العربي والأميركي الجنوبي الرياض - بنا وجّه عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، كلمة سامية إلى القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية المنعقدة حالياً في مدينة الرياض هذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إنه لمن دواعي سرورنا أن نشارككم اليوم في هذه القمة الهامة، تلبية لدعوة كريمة من أخينا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة حفظه الله، معربين عن جزيل شكرنا على حفاوة الاستقبال وحسن الوفادة وكرم الضيافة التي نحظى بها دائماً كلما حللنا على هذه الأرض الطيبة. ونغتنم هذه المناسبة أيضاً، للتعبير عن تقديرنا البالغ لفخامة الرئيس أولانتا هومالا رئيس جمهورية بيرو الصديقة، على الجهود الحثيثة التي بذلها خلال ترؤسه للفترة السابقة، والتي كان لها الأثر الكبير في تقدم مسيرة التعاون المشترك بيننا. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لقد شكلت القمة الأولى بيننا والتي استضافتها جمهورية البرازيل الاتحادية عام 2005، الانطلاقة الأولى للعلاقات متعددة الأطراف بين المجموعتين، وحددت الخطوط العريضة والأطر الرئيسية لاستثمار ما يربط دولنا وشعوبنا من علاقات تاريخية عريقة، وقواسم مشتركة عديدة وتقارب كبير في وجهات النظر والمواقف إزاء العديد من القضايا المطروحة على المحافل والمنظمات الإقليمية والدولية التي ننتمي إليها. واليوم، وبعد مرور عقد على إنشاء هذا التجمع الهام، فإننا على ثقة تامة بأن هذه القمة ستحقق الأهداف المرجوة منها في تمتين وتكثيف العمل بيننا في مختلف المجالات، وخاصة أننا قطعنا أشواطاً لافتة في مسيرة التعاون المشترك خلال القمتين التاليتين في الدوحة وليما، تعد بمثابة أساس راسخ للارتقاء نحو المزيد من التعاون المثمر. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، إن ما تموج به منطقتنا العربية من صراعات معقدة وما تشهده من أزمات متفاقمة أساسها التدخل الخارجي في الشئون الداخلية للدول العربية، وتمتد بتأثيراتها الخطيرة وإفرازاتها السلبية إلى مختلف دول العالم وتؤثر بشكل مباشر على الأمن والسلم الدوليين، يتطلب جهوداً أكبر وتعاوناً أقوى لمواجهتها وحلها. فما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من اعتداءات وانتهاكات متواصلة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هو أمر يفرض تحركاً أكثر فاعلية لمنع تردي الأوضاع إلى مستويات أكثر خطورة، ولتوفير الحماية الكافية للشعب الفلسطيني، والحفاظ على الأماكن الدينية في مدينة القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة ووقف الاستيطان، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو عام 1967م، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مقدرين عالياً مواقف دول أميركا الجنوبية الداعمة للقضية الفلسطينية. أما الأوضاع في اليمن، فهي تسير بخطى ثابتة نحو ما يصبو إليه الشعب اليمني الشقيق، ولن تتخلى دول التحالف العربي للدفاع عن الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، عن دورها الذي تقوم به حتى يتم استعادة الأمن والاستقرار في اليمن، وإنهاء كافة صور التدخل الخارجي، وإيجاد حل سياسي طويل الأمد بين جميع الأطراف يضمن تحقيق تطلعات الشعب اليمني الشقيق في التنمية والتقدم، مؤكدين بأننا ملتزمون بالقيام بواجبنا في تقديم مختلف أنواع المساعدات الإنسانية وندعو المجتمع الدولي لتكثيف جهوده المبذولة في هذا المجال. كما إننا نؤكد على أحقية الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في استعادة سيادتها على جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران، وندعم كافة الجهود التي تحفظ للأشقاء في سورية وليبيا الحرية في اختيار مستقبلهم من خلال المشاركة والاتفاق على بناء نظامهم السياسي المستقل للمحافظة على وحدة واستقلال دولهم، وحماية أراضيها من الإرهاب والتطرف، والعمل من أجل التنمية والتقدم والرخاء. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، إننا نتطلع إلى زيادة وتيرة التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري بين الجانبين العربي والأميركي الجنوبي، وخاصة أن إنجاز هذا الهدف لن يساهم فقط في تدفق المبادلات التجارية والاستثمارات بينهما، ولكنه سيؤدي كذلك إلى انبثاق تجمع اقتصادي قوي يتمتع بقدرات هائلة ومقومات كبيرة على المنافسة الدولية. وإن الفرصة سانحة لقيام هذا التكتل الاقتصادي في ظل ما شهدته العلاقات الاقتصادية بين دولنا من طفرة كبيرة وارتفاع معدل التبادل التجاري بين كثير من الدول العربية ودول أميركا الجنوبية إلى مستويات مبشرة، إضافة إلى إمكانيات ومجالات وفرص التعاون والتكامل الكبيرة المتاحة في العديد من القطاعات بين دول المجموعتين، ومن بينها قطاعات الصناعة والزراعة والطاقة والسياحة والخدمات المالية والتدريب والتعليم وغيرها. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، إيماناً منّا بأنّ العلاقات الإنسانية بين الشعوب تعد ركناً أساسياً في ترسيخ العلاقات وتعزيز المصالح المشتركة، وانطلاقاً من أن العلاقات بيننا قد بدأت وارتكزت على الترابط والتواصل بين شعوبنا، فإننا نرى أهمية أن تتطور اجتماعاتنا الرسمية لتكون ضمن منتدى موسع يتناسب مع حجم المشتركات التاريخية والحضارية بيننا، ليشمل كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويشارك فيه الجميع من سياسيين ورجال أعمال ومثقفين ومفكرين، كي يستند عملنا الرسمي المتقدم والمتطور على إطار شعبي متسع يحقق دفعة نوعية وخطوة فارقة في مسيرة التعاون المشترك ويضمن استدامة العلاقات فيما بيننا. في الختام، نؤكد أن تعظيم مكتسبات شعوبنا وتحقيق المزيد من التنمية والرخاء سيكون أمراً قائماً وبقوة بارتقاء التعاون بيننا لمجالات وآفاق أوسع، معربين مجدداً عن ثقتنا التامة في نجاح هذه القمة في الوصول إلى الأهداف المرجوة منها بما يحقق مصالحنا المشتركة ويلبي تطلعاتنا وآمالنا في مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشاركة :