بقلم: كلير مينال لم يهدأ للرئيس السابق الجمهوري، دونالد ترامب، بال منذ رحيله عن البيت الأبيض في يناير 2021 بعد تكبد هزيمة لم يعترف بها إلى اليوم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في شهر نوفمبر من سنة 2020. لقد راح منذ ذلك الوقت يكثف جهوده ويطوف الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تأكيد استمرار حضوره الكبير على الساحة السياسية الأمريكية. وفي إطار استراتيجية العودة إلى البيت الأبيض يكثف دونالد ترامب من الاجتماعات كما أنه أنشأ شبكته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن ظلت شركة تويتر ترفض رفع الحظر الذي فرضته على حسابه. يضع الرئيس السابق دونالد ترامب اليوم نصب عينيه موعدين مهمين في خارطة طريق العودة إلى البيت الأبيض. يتمثل الموعد الأول في انتخابات التجديد الفصلي المزمع إجراؤها في سنة 2022 والتي قد تعود نتائجها بعواقب وخيمة على الديمقراطيين الذين قد يخسرون الأغلبية في مجلس النواب ما سيضع الرئيس الحالي جو بايدن في وضع سياسي بالغ الهشاشة. أما الموعد الثاني الذي يتصدر خارطة دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض فهو يتمثل بطبيعة الحال بالانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سنة 2024. ولد جيف جونسون سنة 1957 في ولاية تكساس، وهي السنة الذي هلك خلالها أكثر من مليون شخص في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تفشي مرض الأنفلونزا الآسيوية. يواظب جيف جونسون ضمن الكثير من الأمريكيين الآخرين من المحافظين على حضور مختلف الفعاليات والاجتماعات التي يعقدها دونالد ترامب، مثل الاجتماع الكبير الذي تم في مدينة دالاس والذي حضره عدد كبير من الجمهوريين المحافظين. يقول جيف جونسون: «لم يكن دونالد ترامب رئيسا مثاليا للولايات المتحدة الأمريكية لكنه كان أول رئيس غير سياسي. هذا هو سبب شعبيته وتعلق الناس به. آمل أن يفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها سنة 2024». مايكل باندير صحفي في جريدة وول ستريت جورنال وهو من بين المراسلين الذين يتابعون من كثب هذه الأنشطة والاجتماعات التي يحضرها دونالد ترامب. مايكل باندير هو أيضا مؤلف أحد الكتب السبعة عشر التي صدر بعضها في الولايات المتحدة الأمريكية فيما ينتظر أن تصدر الكتب الأخرى تباعا، والتي ركزت أساسا على الرئيس السابق دونالد ترامب. لا شك أيضا أن هذا السيل الكبير من الكتب التي تصدر تباعا في الولايات المتحدة الأمريكية تعكس الحضور الإعلامي الكبير الذي لا يزال يتمتع به الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي وجد طريقة جذرية لكسر الحظر المفروض عليه من وسائل التواصل الاجتماعي، حيث إنه أطلق شبكة خاصة به للتواصل الاجتماعي وهو ما سيساعده بكل تأكيد على مزيد من الاشعاع والتواصل مع أنصاره وتوسيع قاعدة مؤيديه. يقول دونالد ترامب: «نحن نعيش اليوم في عالم تتمتع فيه حركة طالبان بحضور في تطبيق تويتر فيما يحكم بالصمت على رئيسكم. هذا أمر غير مقبول بالمرة». لا شك أن هذه الشبكة التي أطلقها دونالد ترامب ستتحول إلى منصة مهمة ومؤثرة تسمح له بممارسة الدعاية السياسية لنفسه ومشاركة آرائه مع مؤيديه وبناء زخم انتخابي وصولا إلى موعد الانتخابات الرئاسية سنة 2024، علما أن هذه الشبكة الجديدة التي أنشأها ستدر عليه الكثير من المال نظرًا إلى أن مؤيديه وأنصاره يعدون بالملايين، علما وأنه ظل في خلاف متصاعد مع كبرى شركات التقنية والتواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية. أما الشركة التي ستمكن مستقبلا الشبكة الجديدة التي أنشأها دونالد ترامب أيضا دخول البورصة فقد ارتفعت قيمة أسهمها بأكثر من 847% خلال ثلاثة أيام فقط، علما وأنه ينتظر أن تصبح هذه الشبكة التابعة لترامب تعمل بكامل إمكانياتها في سنة 2022 التي باتت على الأبواب. رغم مرور قرابة سنة على الانتخابات الرئاسية التي أجريت في شهر نوفمبر 2020، فإن دونالد ترامب لا يزال يقول إنه الفائز الحقيقي وأنه ذهب ضحية ما يسميه «عملية تزوير ضخمة» وهو ما يسميه الديمقراطيون من الجانب الآخر «الكذبة الكبرى». استطاع الرئيس السابق دونالد ترامب وحوله قاعدة واسعة من المؤيدين والأنصار الذين يشكلون حركة بأتم معنى الكلمة طرح عدة أفكار مفاتيح لعل أهمهما فكرة الهوية ومعاداة «الشيوعية» التي يجسدها في نظرهم الرئيس الحالي جو بايدن، وصولا إلى ما بات يسمى «ثقافة الإلغاء». يقول وايت آيريس، وهو أحد المخططين الاستراتيجيين في الحزب الجمهوري، أن التيار الذي يتزعمه الرئيس السابق دونالد ترامب هو الذي بات يسيطر على الحزب الجمهوري ومنصاته وحتى خطابه، معترفا بأن دونالد ترامب قد أصبح لا عبا رئيسيا لا بديل عنه في صلب الحزب الجمهوري، ناهيك وأنه يتمتع بشعبية جارفة في القاعدة الجمهورية. يقول توماس مارشال، عالم السياسة في جامعة تكساس في أرلنغتون، أن شعبية دونالد ترامب قد ارتفعت كثيرا بعد خروجه من البيت الأبيض الأمريكي وهو يطرح نفسه اليوم كزعيم حقيقي للحزب الجمهوري ويعيد التموقع في انتظار الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سنة 2024. عندما غادر دونالد ترامب البيت الأبيض في يناير 2021 لم يكن مستقبله واضحا غير أنه عاد اليوم كزعيم حقيقي للحزب الجمهوري وقد نجح أيضا في توسيع قاعدة أنصاره وهو يتمتع اليوم بشعبية جارفة. لم تفلح أي أفكار أو حملات سياسية أخرى في زعزعة قاعدة الأنصار المحيطين بدونالد ترامب، بل إن بعضهم أصبحوا يحملون دمى وصور لدببة في إشارة إلى هيلاري كلينتون، التي هزمها دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية والتي كانت تطوف الولايات المتحدة الأمريكية في إطار حملتها الانتخابية والتي تطلق على أنصار دونالد ترامب «الدببة». الطريف في الأمر أن بعض أنصار ترامب، الذين يعتقدون جازمين أن ترامب هو الفائز الحقيقي في انتخابات 2020، ظلوا يطوفون الولايات المتحدة منذ سنة 2018 ويبيعون هذه الدمى التي تحولت إلى تجارة مربحة لهم. يقول كريس آميس، وهو أحد هؤلاء، أن «الدببة» هو الذين يحمون الولايات المتحدة الأمريكية. يضيف آخر قوله: «لقد كان اقتصادنا قويا كما تعزز أمننا الطاقي في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب. عندما ننظر إلى ما يحدث اليوم عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية فإننا ندرك السبب الذي يجعل دونالد ترامب يتمتع بكل هذه الشعبية، علما وأن الكثيرين يريدون منه الترشح للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سنة 2024. يتمثل الرهان الحقيقي الذي ينتظر الولايات المتحدة الأمريكية في انتخابات التجديد النصفي التي ستجري في شهر نوفمبر 2022 علما وأن الرئيس السابق قد نزل بكل ثقله من أجل دعم المرشحين الموالين له في الحزب الجمهوري سعيا منه لمساعدته على إلحاق الهزيمة بالمنافسين من المرشحين الديمقراطيين وافتكاك السيطرة على مجلس النواب من الديمقراطيين وهو ما من شأنه أن يحشر الرئيس الحالي الديمقراطي جو بايدن في الزاوية. يوجه دونالد ترامب انتقادات لاذعة إلى أولئك الجمهوريين الذين لا يؤيدونه وهو يطلق عليهم عبارة «جمهوريون بالاسم فقط» وهي العبارة التي يرددها أيضا أنصاره الذين ينتشرون في مختلف الولايات عبر الولايات المتحدة الأمريكية. هل تدفع الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها دونالد ترامب الحزب الجمهوري إلى اختياره كمرشح في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سنة 2024؟ أظهر استطلاع Quinnipiac الذي أجري في يوم 19 أكتوبر 2021 أن 78% من الجمهوريين (لا يقتصر الأمر على الجناح الجمهوري الراديكالي) يأملون أن يرشح دونالد ترامب نفسه لانتخابات 2024. في الحقيقة من السابق لأوانه الإجابة عن هذا السؤال لأن دونالد ترامب سيكون في الثامنة والسبعين من عمره. لعل ما أنعش الجمهوريون أن مرشحهم الجمهوري في انتخابات حاكم ولاية فرجينيا قد حقق الفوز يوم 2 نوفمبر 2021 وهو منافسه الديمقراطي وهو ما أحدث صدمة في صلب الحزب الديمقراطي المتخوف من النتائج التي يسفر عنها انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2022. يراهن البعض أن الخوف من الرئيس السابق دونالد ترامب قد يدفع الديمقراطيين إلى صناديق الاقتراع أكثر من الرغبة في دعم بايدن. يتبنى جلين يونغكين أطروحات ترامب، لكن من دون أن يظهر، في دولة ديمقراطية، دعمه بشكل علني للغاية. لوبوان
مشاركة :