نوميا - (أ ف ب): صوّتت كاليدونيا الجديدة بأغلبية ساحقة أمس الأحد ضد الاستقلال في استفتاء ثالث وأخير حول حق تقرير المصير اتّسم بنسبة امتناع قياسية، بعد دعوة الانفصاليين إلى مقاطعة الاقتراع الذي يشكل الفصل الأخير من عملية لإنهاء الاستعمار بدأت قبل ثلاثين عاما في هذا الأرخبيل الفرنسي. وسارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الترحيب بنتيجة الاستفتاء فقال: «فرنسا أجمل الليلة لأن كاليدونيا الجديدة قررت أن تبقى جزءًا منها»، مشيرًا إلى ضرورة الاعتراف «باحترام وتواضع» بالنتيجة إذ إن «الناخبين لا يزالون منقسمين بعمق». وبحسب النتائج النهائية، فاز رافضو استقلال هذا الأرخبيل الفرنسي الاستراتيجي الواقع في جنوب المحيط الهادئ بـ96.49 بالمائة من الأصوات، فيما شكلت الأصوات المؤيدة للاستقلال 3.51 بالمائة والبطاقات البيضاء واللاغية 2.99 بالمائة. في استفتاءَي الرابع من أكتوبر 2020 والرابع من نوفمبر 2018، رفض الناخبون الاستقلال بنسبة 56.7 بالمائة و53.3 بالمائة على التوالي. لكن لم يتوجّه إلى صناديق الاقتراع سوى 43.90% من الناخبين المؤهلين، في نسبة مشاركة متدنية مقارنة بالاستفتاءين السابقين، إذ إن القوميين لبّوا على نطاق واسع الدعوة لعدم المشاركة. وكان مؤيدو الانفصال قد أعلنوا أنهم لن يتوجهوا إلى مراكز الاقتراع لأنه لا يمكن تنظيم «حملة عادلة» في الأرخبيل الذي ضربه بقوة منذ سبتمبر وباء كوفيد-19 وفي وقت يعيش شعب الكاناك حدادًا. في هذا السياق، كان انتصار الموالين لفرنسا مرتقبًا. وقال الرئيس الفرنسي إن «الوعد بمصير مشترك يجب أن يستمر في توجيهنا» مشيرًا إلى بدء «فترة انتقالية خالية من الخيار الثنائي (نعم) أو (لا)». مع ذلك، يشكل هذا الاستفتاء خطوة حاسمة في عملية بدأت في 1988 باتفاقات ماتينيون في باريس التي كرست المصالحة بين الكاناك السكان الأوائل لكاليدونيا الجديدة، والكالدوش أحفاد المستوطنين البيض بعد سنوات من التوتر وأعمال العنف. انخرط سكان كاليدونيا في هذه العملية منذ ثمانينات القرن الماضي عندما شهدت أراضيهم التي استعمرتها فرنسا في القرن التاسع عشر، فترة اضطرابات بلغت ذروتها في عملية احتجاز رهائن وهجوم على كهف أوفيا في مايو 1988. وقد أدت إلى مقتل 19 من الناشطين الكاناك وستة عسكريين. وبعد أقل من شهرين على هذه المأساة، نجح الاستقلاليون والموالون لفرنسا في إبرام اتفاقات ماتينيون التي أعادت توزيع السلطات في كاليدونيا الجديدة. وبعد عشر سنوات، أطلق توقيع اتفاق نوميا عملية لإنهاء الاستعمار تستمر عشرين عاما. وينص هذا الاتفاق على تنظيم ثلاث عمليات استفتاء لمعرفة ما إذا كان السكان يريدون أن تحصل الجزيرة على «السيادة الكاملة والاستقلال». تملك كاليدونيا الجديدة منطقة اقتصادية حصرية تمتد على مساحة حوالي 1.5 مليون كيلومتر مربع. وتجعلها ثرواتها المعدنية وخصوصا النيكل والكوبالت واحدة من الدول المنتجة الأولى في العالم.
مشاركة :