تونس - أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد مساء الاثنين عن سلسلة من الإجراءات تشمل تمديد تجميد أعمال البرلمان حتى تنظيم انتخابات تشريعية بعد عام وإجراء استفتاء حول إصلاحات دستورية الصيف المقبل وحدد السقف الزمني لتنفيذ تلك الإجراءات بمناسبات وطنية. وقال في خطاب بثه التلفزيون الحكومي إنه سيتمّ "تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022"، مضيفا أنه سيتمّ "عرض مشاريع الإصلاحات الدستورية وغيرها على الاستفتاء يوم 25 يوليو(تموز) 2022"، وهو يوم يصادف الذكرى السنوية للاحتفال بعيد الجمهورية، مضيفا "يبقى المجلس النيابي معلقا أو مجمدا إلى تاريخ تنظيم انتخابات جديدة". وقبل الاستفتاء ستنظم استشارة وطنية الكترونية تنطلق في كل معتمدية (منطقة) بداية من يناير/كانون الثاني 2022 وتنتهي في 20 مارس/اذار القادم الذي يصادف الذكرى السنوية لاستقلال تونس و"ستتولى لجنة تأليف مختلف المقترحات"، مشيرا إلى أنه سيتم اختيار أعضاء تلك اللجنة لتتولى المهام التي ستوكل إليها وفق للآجال المحددة. وتأتي الإجراءات الجديدة بعد ما يقرب من ثلاثة اشهر عن التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس التونسي في 25 يوليو/تموز استنادا إلى الفصل 80 من دستور 2014 والتي جمد بموجبها عمل البرلمان وحل الحكومة وتولي رئاسة النيابة العامة. ويتيح الفصل 80 من الدستور التونسي الذي علق سعيد العمل بمعظم فصوله ثم أعلن قبل أيام انه لم يعد يصلح وأن القوانين صيغت على مقاس منظومة الحم السابقة، لرئيس الدولة اتخاذ تدابير استثنائية في حال وجود "خطر داهم". وجاءت إجراءات قيس سعيد حينها في ذروة الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا حيث سجلت تونس حينها وفيات وإصابات قياسية بالفيروس بينما كانت الحكومة برئاسة هشام المشيشي المدعومة من حزام سياسي بقيادة حركة النهضة الإسلامية حينها تخوض حرب صلاحيات مع رئيس الدولة. واتهم سعد منظومة الحكم بالفساد وبتفقير الشعب التونسي وبنهب المال العام. كما حملها المسؤولية عن تردي الوضع الاقتصادي والصحي. وكان أيضا قد اصدر بعد نحو شهرين من تدابير 25 يوليو/تموز أمرا رئاسيا في 22 سبتمبر/ايلول قرر بمقتضاه تجميد العمل بقسم واسع من الدستور ومنح نفسه سلطة التشريع عبر مراسيم رئاسية، معلنا أيضا تمديد الإجراءات التي اتخذها "حتى إشعار آخر". وفي خطابه مساء الاثنين، جدد الرئيس قيس سعيد اتهاماته لمنظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة الإسلامية، بالتنكيل بالشعب وتفقيره ونهب أمواله من دون أن يذكرها بالاسم. كما أكد أنه لا عودة للوراء، دعا في الأثناء القضاء لتحمل مسؤوليته في محاسبة الفاسدين. وذكّر الرئيس التونسي بما عانته تونس خلال فترة حكومة هشام المشيشي المدعومة من النهضة وحلفائها، من أزمة صحية وبحملة التلاقيح المضادة لكورونا التي اتسمت في تلك الفترة ببطء شديد وشابتها عمليات فساد مالي وتهريب أموال، بينما كان مرضى كورونا يموتون بسبب نقص الاوكسجين ومحدودية التجهيزات الطبية، مشيرا إلى تدخلاته في الأزمة ونجاح الطواقم الطبية والعسكرية في كبح تفشي الفيروس في توقيتات قياسية. وجاء إعلان الرئيس التونسي عن الإجراءات الجديدة بينما أثارت قراراته جدلا محليا ودوليا واعتبرها خصومه "انقلابا على الشرعية"، فيما تعرض لضغوط دولية للعودة للمسار الديمقراطي والتعجيل بإنهاء التدابير الاستثنائية. وكان ائتلاف "مواطنون ضد الانقلاب" قد أعلن قبل كلمة سعيد، عن تنظيم تحركات احتجاجية ضد قرارات الرئيس في ذكرى اندلاع الثورة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول من محافظة سيدي بوزيد وهو التاريخ الجديد الذي أعلنه الرئيس تاريخا رسميا للثورة التونسية بدلا من تاريخ 14 يناير/كانون الثاني الذي غادر فيه الرئيس التونسي الأسبق الراحل زين العابدين بن علي البلاد بينما كانت الاحتجاجات قد وصلت إلى قلب العاصمة واحتشد الآلاف في شارع الحبيب بورقيبة قبالة وزارة الداخلية. وطالب الائتلاف الذي يضم جمعيات ونشطاء وسياسيين، معارضي الرئيس سعيد بالخروج إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول لإعلان الرفض للتدابير الاستثنائية التي أعلنها سعيد يوم 25 يوليو/تموز الماضي بالإضافة إلى تعليقه العمل بمعظم مواد الدستور منذ 22 سبتمبر/أيلول الماضي. وأفاد الائتلاف بأنه سيستمر في تحركاته الاحتجاجية حتى يوم 14 يناير/كانون الثاني (2022) ذكرى سقوط حكم الرئيس الأسبق بن علي في 2011. ويطالب المعارضون أساسا باستئناف نشاط البرلمان المجمد وإعادة العمل بالدستور و"إنقاذ البلاد من الانقلاب" والدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية. وتعهد سعيد بالدفع بإصلاحات سياسية تشمل القانون الانتخابي ونظام الحكم، لكنه لم يحدد أجندة زمنية وقبل أيام قال إنه سيعلن قريبا عن قرارات ينتظرها الشعب. وقال الخميس الماضي إن دستور 2014 لم يعد صالحا وأنه سبب أزمات تونس لكن حركة النهضة الإسلامية أكبر الأحزاب التونسية رفضت أي خطوات لإلغائه.
مشاركة :