شهد «غاليري أثر» بمدينة جدة بالسعودية، مساء أمس، افتتاح معرض «المسارات المرتبطة وذكريات الماضي» الذي يشهد حوارية فنية بين لوحات وزير الثقافة المصري الأسبق الفنان فاروق حسني، والنحات المصري الكبير آدم حنين. يضم المعرض 29 لوحة من لوحات فاروق حسني التي تجسد مرحلة فنية جديدة تجمع بين التجريد والتشخيص، تتحاور مع 17 منحوتة باهرة من أهم أعمال آدم حنين. الفنان فاروق حسني تحدث عن المعرض مع «الشرق الأوسط»، وبدأ حديثه قائلا: «يضم هذا المعرض لوحتين تعرضان لأول مرة، هما نتاج مخاض المرحلة الفنية الجديدة التي أجد نفسي فيها حاليا والتي تؤثر على مداركي وطاقتي الإبداعية فتجدين مزجا ما بين التجريد والتشخيص، ويبدو أن هذه المرحلة لم تنتهِ بعد». ويضيف: «دوما أجد سعادة في التعاون مع الفنان الكبير آدم حنين حيث ارتبطت مساراتنا الفنية منذ زمن بعيد، ولا يزال يحدونا الحماس لتجسيد الحالة الإبداعية في مصر، وأشعر بسعادة غامرة لوجود (غاليري أثر) في جدة، الذي يتمتع القائمون عليه بحس فني راقٍ ولديهم حالة نشاط فني دؤوبة». يبدو جليا في لوحات «الوزير الفنان»، كما يطلق عليه، سيطرة فلسفة «الديواليزم» الثنائية على أفكار اللوحات، فجاءت تتضمن عناصر واقعية وضعها الفنان في فضاء سرمدي، متعمدا إعطاءها أبعادا ميتافيزيقية. كما يضفي العمق اللوني للوحات طابعا سكونيا روحانيا يتحقق مع تكثيف اللون بضربات فرشاة واثقة، ثم يعتمد الفنان على تأرجح تلك الضربات لتفتح آفاقا رمزية للرؤية، فتنفرج طاقة ما بين مسطح اللوحة ومحيطها كما يتجسد في لوحات «المراقب»، و«آدم وحواء»، و«العظيم»، و«وجه في تكوين». تندرج لوحات حسني تحت تيار التجريدية العاطفية الذي تتراوح ارتباطاته بالمنابع الطبيعية من القوة عند كاندينسكي ومالفيتش إلى الانقلاب المفاهيمي للعلاقة بالطبيعة من منظور مخالف كما في تجربة جاكسون بولوك ومن تبعوه من فناني «التعبيرية التجريدية» في أوروبا وأميركا، لكنها في الوقت ذاته تختزل تيار «المينيمالية»، فتجد في اللوحات رموزا هائمة تنفي الملامح وتبسطها لتسقط علاقات مجردة على وجدان المتلقي تتخطى قيود الهوية الثقافية كما في لوحة «حواء»، و«هو»، و«المراقبون»، «فتاة الصحراء». أما منحوتات آدم حنين الرشيقة والرصينة في الآن ذاته فهي تفرز طاقتها الحركية الكامنة داخل الكتلة الصماء، التي تبدو دوما شاخصة نحو الأفق اللامتناهي، عبر خطوطه «الكنتورية» واعتماده على الفراغات الإيقاعية، حيث يبرع حنين في التلاعب بالكتلة من منطلق بنيوي، فيعرف كيف يؤثر على المتلقي ويحرك ذائقته ومخيلته، كما يتضح في منحوتة «البومة» و«صرخة» و«التفاته». وما بين الحيوية والتوازن الحركي، والجمع بين الساكن والمتحرك عبر الخطوط الانسيابية على الخامات المصقولة الصلبة، تبدو منحوتات حنين كأنها كائنات من نسيج قماش طيع متأهبة دوما للانقضاض كما في منحوتة «الطائر الملعقة»، و«الطائر»، و«الزهرة البرونزية»، لتستثير الخيال نحو المفاهيم الفلسفية العميقة، فهو دائما ما يتعمد طمس ملامح منحوتاته، محركا الوعي الإدراكي للمتلقي، فيغوص في دوامة من الدهشة، ثم يبدأ يتفرس المنحوتة ويكسوها ملامح معينة من مخيلته الخاصة. يعد هذا هو المعرض الثاني لوزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني بالسعودية، وهو الثالث الذي يجمع بين الفنانين المصريين بعد معرضهما الأخير في دبي العام الماضي، ومعرض متحف المتروبوليتان عام 2000. ويقام المعرض بالتعاون مع «غاليري ورد» بمدينة دبي. وحضر الافتتاح لفيف من الشخصيات العامة المعروفة بالمملكة، كما حضر أيضًا عدد من الشخصيات الدبلوماسية، ومن الشباب المحب للفنون، ويستمر المعرض حتى أول ديسمبر (كانون الأول).
مشاركة :