شدد رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي على أهمية التمسك بالهوية الوطنية العراقية. ورأى الكاظمي، في كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر «التطرف العنيف وأشكال مواجهته - الحالة العراقية»، أنه «لا خيار أمامنا إلا التمسك بالهوية العراقية والانتماء لهذا الوطن، العراق الكبير بإنجازاته وحضارته ومواطنيه». وقال: «علينا البحث في أسباب تورط بعض شبابنا بالعنف، وعلينا كشف الأسباب، ومنها: التخلف، والجهل، وإهمال الصحة والتعليم، وعدم الاهتمام بكرامة الإنسان». وأشار إلى أن «التطرف والعنف أصبحا ظاهرة عالمية بسبب انعكاسات التكنولوجيا والتغييرات في العالم. وفي العراق، نشهد ظاهرة خاصة، فالعنف في مجتمعنا له أسباب، ومنها تقصير الدولة والحكومات... لدينا الكثير من الجروح والتداعيات في مجتمعنا، وعلينا التعاون جميعاً لمعالجتها. والأهم، هو البحث عن أسباب التطرف الشديد، والبحث في ظروف نشأته في العراق». وأضاف: «قبل أيام، احتفلنا بيوم النصر وشهدنا تغييراً منذ التحرير وحتى اليوم، ولدينا حركة عمرانية لكنها ما زالت حركة بسيطة، ويجب أن نبدأ حتى ننطلق، وهناك تقصير في تشييد البنى التحتية والخدمات وما زلنا نعاني من تداعيات الفساد». وأكد رئيس الوزراء أن «الحوار هو الحل، وعلينا أن نستنبط الدروس مما حصل ومن أسبابه. إن العراقيين يتطلعون لبناء دولة المؤسسات وترسيخ أسس الديمقراطية، ويجب أن ننتصر على ثقافة العنف، وأن تنتصر ثقافة الحوار، وأن نتطلع لمستقبل أفضل»، مشيراً إلى أن «العراق متميز بتنوعه، وعلينا أن نحول هذا التنوع إلى مصدر للقوة، بدلاً من الضعف، تنفق بعض الدول أموالاً طائلة؛ من أجل خلق التنوع في مجتمعاتها، وعلينا أن نقبل بالتعددية والاختلاف في وجهات النظر... علينا العمل معاً لمواجهة آفة الفساد وقد بذلت الحكومة جهوداً كبيرة لمواجهته وما زالت تواجه تحديات كبيرة بسبب إجراءاتها في هذه المواجهة، وما زالت التهديدات مستمرة وعلنية للجنة مكافحة الفساد». وتأتي تأكيدات الكاظمي بشأن العنف الذي يواجهه المجتمع العراقي في ضوء ازدياد حالات الانتحار، لا سيما بين الشباب، فضلاً عن تزايد نسبة تعاطي المخدرات. وكان وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي أعلن، الأسبوع الماضي، أن نسبة تعاطي المخدرات بين صفوف الشباب العراقي بلغت نحو 50 في المائة، الأمر الذي عدّه مراقبون أخطر جرس إنذار يواجه العراق في ظل استمرار الانقسامات السياسية الحادة. ويعد الكاظمي من بين القلة من المسؤولين العراقيين الذين تناولوا بوضوح مسألة الهوية الوطنية، التي تأثرت كثيراً بعد سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، وتقسيم المجتمع على أسس عرقية ومذهبية انتهت إلى سلسلة من الأزمات السياسية الحادة التي يعاني منها العراق، والتي بلغت ذروتها خلال الانتخابات الأخيرة التي أجريت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولم تحسم نتائجها حتى الآن بسبب ما تعانيه العملية السياسية في البلاد من انسداد سياسي. وبسبب فقدان الهوية الوطنية الجامعة، فقد تم إعلاء شأن الهويات الفرعية في البلاد، وانسحب ذلك على المواقع والمناصب بدءاً من الرئاسات الثلاث (الجمهورية، والحكومة، والبرلمان)، بالإضافة إلى الوزارات والسفارات والمواقع الدنيا.
مشاركة :