زحمة فكر.. وأزمة فعل

  • 12/16/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتأمل فترى جليا حجم تداول الأفكار والاقتراحات فيما بيننا، ألسنة نشطة لطرح ما يراه البعض خيارات لتحقيق أهداف شخصية معينة، أحيانا قد تنبهر بقدرة الآخر على اثراء حياتك بأفكار ملونة، لكن تتوقف عجلة التنفيذ والافعال، هي ثقافة أقوال في محيط المجتمعات النامية. ما يحتاج إليه العالم الثالث ليس المادة بل الأفكار، وهي فكرة فهمناها مع دخول عصر المعلومات بعد العصر الصناعي وهي التي أشار لها (الفين توفلر) في آخر مؤلف له. وهنا وفي مجتمعنا وفي زماننا المزحوم أجد أن الأفكار أكثر بكثير من حاجتنا، لقد أصبح الكل يفكر ويطرح ويقول، لقد امتلأت الطرقات بالأفكار والرؤى. كثير منا يعشق التفكير لو بصمت حتى لو كانت الأفكار بلا قيمة أو منقوصة أو ضئيلة أو أنها تذهب به إلى متاهات أو مساقط مختلفة. الأفكار تتسابق في مخيلتنا وتتنافس على ألسنتنا وتتزاحم في عقولنا، حتى ان البعض لا يعرف أين يصل بفكره وأفكاره ولا أين ستوصله أفكاره، ليست القضية امتلاك أفكار؛ ولكن المهم ماذا يمكن ان نجني منها منطقيا ومنفعة، المال لا يعني فكرا، ولكن الفكر الحقيقي يجلب المال فما إنتاج المعرفة والاستثمار فيها إلا نتاج أفكار؛ بل وأفكار بسيطة، الانترنت فكرة معرفية بسيطة، والشبكات الاجتماعية بدأت كأفكار متواضعة وغير ذلك كثير، ولكن ماذا ربح هذا الفكر؟ البعض يخوض بأفكار وفي كل اتجاه، النقد أفكار، والسجالات أفكار، والاختلافات أفكار، حتى بعض ممن يحسبون علينا أنهم مفكرون في بلادنا لا نرى لنتاج فكرهم حقا وقع، أو خيرا طبع، بل جدليات على قناعات متشائمة وخلافات متنامية. إن نشاطنا الفكري في كثير من مجتمعنا يختزل طاقتنا العملية في الانشغال بالأقوال فما أكثر الجدل وما اقل العمل، ما يعني أننا انشغلنا وشغلنا ذواتنا بأفكارنا المختلفة المتناقضة أو حتى المتقاطعة دون حرص على الفعل والإنتاج، تأملوا اجتماعات يطرح فيها مئات الأفكار، وتتبعوا محاضرات وندوات وبرامج، ولقاءات متخمة بالأفكار، وتمعنوا في لجان تقذف مئات الأفكار، وتنظّروا استشارات تتشاغل بأفكار، وتسمّعوا أفواه تداول أفكار. الكثير يخوض بأفكار وفي كل اتجاه، النقد أفكار، والسجالات أفكار، والاختلافات أفكار، حتى بعض ممن يحسبون علينا أنهم مفكرون في بلادنا لا نرى لنتاج فكرهم حقا وقع أو خيرا طبع بل جدليات على قناعات متشائمة وخلافات متنامية، البشر يفكر في المستقبل وهم يفكرون في الماضي، والعالم يسبق إلى الإنتاج وهم ينتجون التأخر، أفكار البعض دلتهم للخروج من العقل والبعض أدخلتهم أفكارهم متاهات، فصرف البعض أنفسهم وعقولهم وفكرهم إلى الفقر في العمل. ختام القول: أزمتنا هي ليست أزمة أفكار بل هي أزمة أفعال وتنفيذ، أزمتنا هي أزمة حوار ينتج فكرا، وفكر ينتج حوارا فيثمر فعلا، إن مزيدا من الجدل يعني قليلا من العمل، بعد هذا هل ينقصنا أفكار..؟ لا أظن..

مشاركة :