الإمارات والبحرين.. جذور ثقافية ممتدة عبر التّاريخ

  • 12/17/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعدّ العلاقات الثنائية بين الإمارات ومملكة البحرين أنموذجا مثاليا، يعكس واقعاً لوحدة المصير المشترك والرّوابط الأخوية المتينة التي تقوم على التّواصل والودّ والمحبّة بين قيادتي وشعبي البلدين، متخذة من الإرث التّاريخي والثقافي منطلقاً لتجاوز الجغرافيا والعلاقات الرّسمية إلى روابط الدّين والدّم والشراكة في السّلام في رؤى متناغمة توحد الماضي والمستقبل، أساساً راسخاً تنطلق منه لتحقيق المزيد من الرّخاء والتّقدّم للشعبين الشقيقين. وفي عام 2000، بدأت العلاقات تتخذ أبعاداً وآفاقاً رحبة على كافة المستويات، مع تشكيل اللّجنة العليا المشتركة، وكانت حافزاً نحو إطلاق مشاريع ومبادرات في جميع المجالات الحيوية، أهمها تعاون ثقافي ثنائي بين مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، ووزارة الثقافة والشباب الإماراتية، في مشروع حضاري، تدعم في ظلاله الإمارات ترميم بيتين أثريين في مدينة المحرق البحرينية هما «نزل السّلام» و«فتح الله» التّراثي«بالإضافة لتشييد» الرّكن الأخضر«، في إطار تعاون ثقافي مثمر للحفاظ على الإرث التاريخي المشترك للبلدين، ويجسد هذا المشروع العلاقات الإماراتية البحرينية المميزة والمتفرّدة، وحرصهما الحفاظ على الأصول الثقافية والحضارية في ظل خصوصية العلاقات القائمة على روابط راسخة وتطلعات نحو تطويرها، واليوم تشارك الإمارات شقيقتها البحرين احتفالاتها بيومها الوطني ال 50، ويشعر الإماراتيون بهذه المناسبة أنّ أفراح شعب البحرين هي أفراحهم، وهذا ما تعبّر عنه قيادة الإمارات الرّشيدة على الدّوام. وتكتسب العلاقات المتنامية بين الإمارات والبحرين أهميتها من تبنّي القيادتين الحكيمتين في البلدين خطابا يعزز قيم المحبّة الكونية والتّسامح وثقافة السّلام، لدعم الأمن والسّلم الإقليمي والدّولي، والتّعايش بين الأديان والثقافات والحضارات، كنهج طموح لتحقيق النموذج الرّائد، في مجالات حقوق الإنسان، ما جعل هذه العلاقة كنزا لكل الأشقاء في منطقة الخليج والوطن العربي، وتحرص الإمارات على مشاركة شقيقتها البحرين سنويا هذا الحدث العظيم، انطلاقاً مما يسجله ويسطّره التّاريخ من المواقف المشتركة بين البلدين على كافة الصّعد السياسية والثقافية، والتي تبدو في عديد المحطات من الاتفاقيات ومذكرات التّفاهم، وبخاصة في حقول الثقافة والتراث على نحو بروتوكول التّعاون الثقافي بين مركز زايد للدراسات والبحوث في أبوظبي، ومركز عيسى الثقافي، وينصّ على تبادل الإصدرات ذات الصلة بتاريخ المنطقة، والتي تنشر عن كل من الطّرفين، وكذلك تبادل الوفود والخبراء والمختصين وإجراء المشاريع والبرامج والمشروعات الثقافية والتراثية وتنظيم المؤتمرات والنّدوات والمحاضرات المشتركة، وإطلاق المبادرات، التي من شأنها الحفاظ على متانة البيت الخليجي وتعزيز العلاقات الثقافية المشتركة، واستثمار حراكهما الثقافي الممتد، بما يسهم في استقطاب الاهتمام العالمي بالمنطقة كمركز إبداع وإنتاج حضاري مميز. صناعة الإبداع والابتكار على المستوى الثقافي شهد عام 2021، حضوراً نوعياً للمؤسسات البحرينية ذات الصلة، في جملة من الفاعليات الثقافية المهمة، من ذلك مشاركة معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، في المؤتمر العالمي للاقتصاد الابداعي، الذي نظمته وزارة الثقافة والشباب، في مركز دبي للمعارض – إكسبو (7 – 9 ديسمبر) تحت شعار» إبداع متكامل.. يصنع المستقبل«، وسلّطت خلاله الضّوء على مسار اللؤلؤ أنموذج للتنمية المستدامة للسياحة الثقافية، مؤكدة في السياق أن الإمارات أنموذج ملهم لصناعة الإبداع والابتكار في مختلف المجالات. وجاءت مشاركة البحرين في إكسبو دبي 2020، لافتة للنظر، بجناح يرتكز على الكثافة، وتصميم فريد، وهندسة معمارية مبتكرة، وعروض ثقافية وأعمال تركيبية، تجمع أفضل ما تقدّمه البحرين من حرف يدوية وتراث عريق، كما تنقل التقاليد الموسيقية الشعبية في جناح التّاريخ الشّفهي، وقصصا مهمّة تتعلّق بالممارسات التّاريخية والأماكن والهوية الثقافية. وشاركت الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة، المدير العام للثقافة والفنون بهيئة البحرين للثقافة والآثار، في فعالية الفن لأجل الخير، في جلسة بعنوان «استكشاف كيف يمكن استخدام الفن لجعل الكوكب أفضل»، وسعت خلالها إلى توضيح دور الفن في تعزيز التّسامح والتّفاهم والحوار الهادف. وتعتبر أجنحة الدول المشاركة في مهرجان الشيخ زايد التراثي، في منطقة الوثبة نوافذ مشرعة على ثقافات الشّعوب لتنثر رسائل السّلام من أرض الإمارات إلى العالم، ويعدّ الجناح البحريني في المهرجان من أبرز المواقع الخليجية المشاركة، لما ينقله للجمهور من فاعليات تجسد عادات وتقاليد الموروث الحضاري والثقافي والفكري ومشاهد من الحياة في هذا البلد العريق بحضارته وموروثه الثقافي، ونشير في السّياق إلى ما تتميز به العلاقات البحرينية الإماراتية، بتنوّع أطرها واتجاهاتها، لتشمل مجالات التربية والتعليم العالي والإعلام، مع تأكيد البحرين الدائم على تقديرها للمواقف الأخوية الإماراتية الثابتة والداعمة لأمنها واستقرارها ومسيرتها التنموية. اليوبيل الذهبي وتمثل احتفالات البحرين باليوبيل الذهبي للإمارات (عام الخمسين)، تعبيراً صادقاً عن الفخر والاعتزاز بمسيرة النهضة الحضارية والعمرانية والثقافية الإماراتية، وإبرازها في وسائل الإعلام، وعلى المستويين الرسمي والشعبي، لدلالة على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وما يجمعهما من قواسم ومصير مشترك، وتعاون عماده المودة والتناغم الإنساني والحرص المتبادل على تحقيق ما يعود بالنفع والخير على البلدين وشعبيهما الشقيقين. للإمارات والبحرين جذور ثقافية مشتركة ممتدة عبر التّاريخ، وبالتّالي ثمار ثقافية مشتركة أيضا ستبقى عبر التّاريخ القادم، ومنها مشاركة هيئة البحرين للثقافة والآثار في النسخة ال 40 من معرض الشارقة الدّولي للكتاب، بجناح خاص قدّمت فيه مختلف إنتاجاتها الأدبية والثقافية المطبوعة، في ظلال مشروعي الهيئة: نقل المعارف، المختص بترجمة أهم الكتب العالمية، ومشروع النّشر المشترك، المختص بنشر وتوزيع الإصدارات ألأدبية لمبدعين وأدباء من البحرين، ومن هذا النمط النوعي من التعاون الثقافي نجد الكثير من منصات الحضور المشترك بين المؤسسات الثقافية، ومن ذلك كافة معارض الكتب التي تنظم في البلدين، كما في معرضي أبوظبي الدولي للكتاب، والبحرين الدولي للكتاب، وأيضا الحضور القوي في مختلف مهرجانات المسرح والتشكيل ومعارض الخط العربي، والتراث والثقافة والأدب والجوائز، والبحث العلمي، وغيرها من الفعاليات التي تؤكد تميز العلاقات الثقافية ضمن نهج راسخ. العلاقات الأخوية بين الإمارات والبحرين، إذا كان لها تاريخ طويل وعميق الجذور، فإنها في حاضرها ومستقبلها تعكس الروابط الوثيقة للمصير المشترك، والمصالح المتطابقة في كافة الميادين، وبخاصة ميدان الثقافة والأدب والإبداع.

مشاركة :