فيما وصفها مراقبون بأنها «تعصف بمحاولات التوافق بين قيادات الإخوان في الخارج»، شهدت خلافات جبهتي إسطنبول ولندن «تصعيداً لافتاً»، عقب قيام «مجلس الشورى العام للإخوان» بـ«تشكيل لجنة لتولي مهام مرشد التنظيم، وعزل إبراهيم منير من منصبه مجدداً». وكانت أزمة «إخوان الخارج» قد شهدت على مدار الأسابيع الماضية صراعاً متكرراً لحسم «معركة إدارة التنظيم» بين جبهتي إسطنبول ولندن. وأعلنت «جبهة إسطنبول»، بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم، عزل إبراهيم منير، الذي يقود «جبهة لندن» من منصبه كقائم بأعمال مرشد «الإخوان». وذكرت «جبهة إسطنبول» في بيان رسمي، مساء أول من أمس، أن «(مجلس الشورى العام) اجتمع، وقرر تشكيل (لجنة مؤقتة) باسم (اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام) من بين أعضائه، لتقوم بمهام المرشد العام لمدة ستة أشهر، على أن يتم الإعلان عن أعضاء اللجنة في الوقت، الذي يحدده المجلس». ووفق البيان فإن «اللجنة بدأت في ممارسة عملها، وأعلنت تسمية مصطفى طلبة ممثلاً رسمياً لها». وتعليقاً على هذه التطورات، أكد الباحث المتخصص في الشأن الأصولي بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الإعلان الأخير لـ(الشورى) يؤكد فشل جميع محاولات رأب الصدع داخل التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار عزل إبراهيم منير من منصبه كقائم بالأعمال لم يُفعل حتى الآن، لأن كل جبهة لم تستطع حسم المعركة لصالحها، أو حتى تفسير بنود اللائحة بشأن اختيار أعضاء (مجلس الشورى)، أو التصرف في حالة غيابهم». وأضاف عبد المنعم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن «التنظيم يشهد الآن حالة من الضبابية، وعدم وضوح الرؤية، والتخبط وحرب البيانات، والتصدع الداخلي». وحسب مراقبين فإن «إعلان جبهة إسطنبول عزل منير لم يكن الإعلان الأول، حيث سبق أن أعلنت الجبهة عزله، وفق أغلبية عناصر مجلس الشورى». وكان محمود حسين قد أكد في تصريحات سابقة أيضاً أن (مجلس الشوري العام) (أعلى هيئة في التنظيم) قد اجتمع وقرر عزل منير من منصبه، وبطلان قراراته الأخيرة بـ«تهميش وتجميد وفصل قيادات من التنظيم». وتفاقمت الخلافات بين جبهتي إسطنبول ولندن، عقب إعلان منير حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وعزل محمود حسين وآخرين، لتتصاعد الأزمة بإعلان حسين عزل منير من منصبه، فأعلنت «جبهة منير» فصل جميع المؤيدين لجبهة حسين أو المتعاطفين معها. وسبق قرارات «مجلس الشورى»، مساء أول من أمس، مؤتمر عُقد بتركيا، وقرر تشكيل لجنة تكون داعمة للقائم بأعمال المرشد الجديد. ووفق عبد المنعم فإن «قرارات الشورى لا تعني عزل المرشد العام للتنظيم محمد بديع (مسجون بمصر في قضايا عنف)؛ لكنها تشير إلى وجود انفصال بين قيادات التنظيم في السجون، والقيادات الموجودة في تركيا». وحول اختيار «الشورى» لمصطفى طلبة ممثلاً رسمياً للجنة الجديدة، قال عبد المنعم إن «اختيار طلبة يرجع لصعوبة اختيار محمود حسين للمهمة، لأن حسين لم يعد مقبولاً من بعض القواعد الداخلية للتنظيم، لأن هذه القواعد ترى أنه السبب في حالة الانقسام التي يشهدها التنظيم»، مضيفاً أن «اختيار طلبة يضمن لجبهة إسطنبول أن يكون القائم بأعمال المرشد خلال المرحلة القادمة من رجال الحرس القديم، أو (مجموعة القطبيين)، لأن طلبة من القيادات القطبية القديمة»، موضحاً أن «طلبة يُعد الرجل الغامض البديل لهندسة العلاقات الدولية، في حال إذا تم استبعاد محمود حسين من المشهد، أو تنحى إبراهيم منير عن القيام بمهامه التنظيمية». من جهة ثانية، كانت ما تسمى «لجنة علماء الإخوان» قد دعت مطلع الشهر الحالي إلى «دعم منير كقائم بالأعمال، والحرص على وحدة التنظيم». وتوازى ذلك مع تصريحات للقيادي الإخواني، يوسف ندا، قال فيها إن «قيادات (الإخوان) بمصر أكدت أنه في حال حبس محمود عزت، القائم بأعمال مرشد (الإخوان)، فإنه يعين منير مكانه». لكن عمرو عبد المنعم قال إن «هذه المحاولات لم تستطع حسم الخلافات لصالح إبراهيم منير، وحاول كل فريق من الجبهتين (أي إسطنبول ولندن) استخدام جميع أوراقه للنيل من الآخر والإطاحة به».
مشاركة :