البنك الدولي ومنتدى الاستراتيجيات: النمو الاقتصادي ضرورة للتعافي وخلق فرص العمل

  • 12/20/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عمون - أطلق البنك الدولي بالتعاون مع منتدى الاستراتيجيات الأردني تقرير "المرصد الاقتصادي للأردن" الذي يصدره البنك الدولي بشكل نصف سنوي والذي جاء تحت عنوان "في الطريق إلى التعافي"، وذلك بحضور أعضاء المنتدى وممثلي المؤسسات المحلية والدولية. وقالت السيدة نسرين بركات، المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، والتي أدارت الحوار أن أثر جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي كان فريدا من نوعه، حيث أنه أثر بشكل كبير على جانبي العرض والطلب في كافة الاقتصادات. وقد وجه الفيروس ضربة لأسواق الأوراق المالية والبنوك والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات العاملين. حتى أن الاقتصادات الكبرى والغنية قد تأثرت بشكل واضح نتيجة هذه الجائحة. وفي هذا السياق بيّنت بركات أن الأردن أكثر عرضة للخطر من العديد من البلدان، حيث كان يواجه عددًا كبيراً من التحديات الاجتماعية والاقتصادية. وقد جاءت الجائحة لتسلط الضوء بشكل أكبر على حجم هذه التحديات. مشيرة إلى أن الأردن بحاجة ماسة إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي قوية ومستدامة تكسر حلقة المعدلات المرتفعة للبطالة. وفيما يخص قطاع النقل العام في الأردن، أشارت بركات إلى أن التداعيات التي يواجهها هذا القطاع سوف تتفاقم ما لم يتم اتخاذ إجراءات جادة تعالج التحديات القائمة وأوجه القصور في خدمات النقل العام. وأعربت بركات أنه من المؤسف ملاحظة أن فجوة ثروة الفرد بين الأردن والبلدان ذات الدخل المتوسط ​​الأعلى قد اتسعت بشكل ملحوظ خلال الفترة 2010-2018، مؤكدة على ضرورة نظر أصحاب العلاقة والمسؤولين في "رأس المال البشري" و "كفاءة استخدام الأصول" لتقليل هذه الفجوة وتحسين مستوى دخل الأفراد. وأعربت هولي بينر المقيم الدائم لدى البنك الدولي في الأردن أنه خلال النصف الأول من عام 2021 سجل الاقتصاد الأردني انتعاشًا قويًا، الا أن التعافي الاقتصادي لن يكون بذات النسق، وذلك في ضوء التباطؤ الاقتصادي العالمي المتوقع، وظهور سلالات جديدة لكورونا، والضغط على سلاسل التوريد. وأضافت بينر ان الأردن يواجه تحدي بطالة غير مسبوق، خاصة بين فئة النساء والشباب. وهو ما يحتاج إلى مزيد من الجهود لتمكين النمو الذي يقوده القطاع الخاص وذلك بتوفير البيئة التمكينية اللازمة له. من جانبها استعرضت الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي الدكتورة سعدية رفقات نتائج التقرير مشيرة إلى أن الاقتصاد الأردني قد بدأ رحلة تعافيه وتمكن من تسجيل معدل نمو بنسبة 1.8% في النصف الأول من عام 2021، وذلك بعد تسجيله انكماشاً معتدلاً بنسبة 1.6% في عام 2020. حيث قاد كل من قطاع الخدمات وقطاع الصناعة قاطرة تعافي الاقتصاد الأردني، وإن بقيت بعض القطاعات الفرعية دون مستوياتها المسجلة قبل تفشي الجائحة. وبينت رفقات أن السياسات المالية العامة والسياسات النقدية استمرت في لعب دور داعم وحاسم في ذات الوقت على الرغم من البيئة الصعبة على المستوى العالمي؛ فخلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2021، سجلت الإيرادات المحلية نمواً قوياً مدعوماً بانتعاشٍ ملحوظ في النشاط الاقتصادي وزيادةٍ في الواردات، علاوة على ما تم اتخاذه من إجراءات لتحسين مستوى الإدارة الضريبية. وأدى ذلك إلى مساعدة الحكومة الأردنية على البقاء على مسار ضبط أوضاع المالية العامة. وفي نفس الوقت، ساعدت السياسة النقدية التيسيرية ووجود فجوة في الإنتاج على انتعاش النشاط الاقتصادي كما أبقت معدل التضخم عند حدوده المنخفضة. وأضافت أن قطاع المعاملات الخارجية للأردن لا يزال يعاني من الضغوط، مما يعكس تأثير شروط التبادل التجاري غير المواتية (خاصة ارتفاع أسعار السلع عالمياً) والتحسن في مستوى الطلب المحلي. وأشارت الدكتورة رفقات إلى أن هذا الإصدار من التقرير يتطرق إلى فصلين خاصين وهما: "قياس الثروة الشاملة للأردن باستخدام نهج ثروة الأمم"، و"تحديات النقل العام في الأردن". حيث شمل التقرير تقييم واسع النطاق للثروة الوطنية الأردنية خلال الفترة الواقعة ما بين عام 1995 إلى عام 2018 استناداً إلى منهجية ثروة الأمم التي وضعها البنك الدولي، وينتهي إلى أن فجوة نصيب الفرد في الأردن بالمقارنة مع الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل آخذة في الاتساع. وبالنظر إلى الصعوبات والتحديات القائمة، يشدد هذا الفصل على حاجة الأردن إلى تنويع محفظة ثروة الدولة، وإلى عكس مسار الانخفاض في حصته من رأس المال البشري، وأيضاً على حاجته لزيادة رأس ماله المنتج. أما الفصل الثاني المتعلق بالصعوبات والتحديات التي يواجهها قطاع النقل العام في الأردن، بينت رفقات أن هذه التحديات قد تسببت في انخفاض عدد الركاب، ومحدودية سبل الاستفادة من هذا القطاع لدى معظم الأردنيين وخاصة النساء والشباب ومن يعانون من حالات ضعف الحركة والقدرة على التنقل. مشيرة إلى أن التقرير قد أورد عدداً من الإصلاحات على مستوى السياسات المختلفة التي يمكن أن تؤدي إلى الارتقاء بخدمات قطاع النقل وإلى الشروع في إحداث تحول نموذجي من استخدام السيارات الخاصة إلى استخدام وسائل النقل العام. مؤكدة أن التحسن في ربط شبكات النقل وتحقيق النمو الشامل والمستدام هما أمران مرتبطان ارتباطاً وثيقاً ببعضهما البعض، كما أن تعزيز النقل العام من العوامل الرئيسية لتمكين النمو الاقتصادي عن طريق توفير فرص العمل وتقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات الناتجة عن الملوثات، وذلك من بين أمور أخرى. من جانبه بين نائب محافظ البنك المركزي الدكتور عادل الشركس أن النتائج التي خرج بها تقرير المرصد الاقتصادي للأردن متوافقة مع توقعات البنك المركزي من حيث معدات النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أن التوقعات كانت 2% للعام 2021، و2.7% للعام 2022 مدفوعة بالانفتاح الاقتصادي الذي حصل وارتفاع الطلب في السوق المحلي، والإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة للحد من أثر الجائحة على الاقتصاد الأردني، إضافة إلى الإصلاحات المتعلقة بسوق العمل والتشغيل. حيث أن جميعها أثرت بشكل واضح على المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالعمل والبطالة، مبيناً أن التوقعات تشير إلى انخفاض نسبة البطالة إلى 23.2% في الربع الثالث من 2021، كما أن المؤشرات المتعلقة بقطاع السياحة أظهرت ارتفاعاً وتحسناً ملحوظاً. وأكد شركس في هذا السياق أهمية التقرير والنتائج التي خرج بها واعتباره مرجعية هامة لصناع القرار والسياسات في الأردن. من جانبه علق وزير النقل الأسبق جميل مجاهد على نتائج التقرير فيما يتعلق بقطاع النقل العام في الأردن، مشيراً إلى أن النقل العام في الأردن يواجه تحديات عديدة من ارتفاع التكلفة ومحدودية الخدمات التي يقدمها. وقد زادت جائحة كورونا والإغلاقات التي حصلت بشكل كبير على الطلب الداخلي على السلع والخدمات، نظراً لإغلاق المتاجر ووسائل النقل لفترات طويلة، وعدم توريد السلع المصنعة لأسواق التصدير. وأشار إلى أن قطاع النقل العام في الأردن لم يتطور بالرغم من إعداد الكثير من الاستراتيجيات والمبادرات التي تحاكي هذه التحديات، إلا أنها لم تطبق بالشكل الصحيح والكافي، نظراً لأن النقل العام في الأردن لا يعتبر كأولوية عند صناع السياسات في الأردن والذي أدى بدوره إلى نقص التمويل الذي يحصل عليه القطاع من الحكومة. وأكد مجاهد على ضرورة اعتماد الحكومة لسياسات واتخاذ إجراءات عملية وإصلاحات من شأنها أن تحسن البنية التحتية وترتقي بمستوى النقل العام في الأردن، وبما يدفع بالمواطنين للتحول من استخدام السيارات الخاصة إلى نظام نقل عام حديث ومستدام ويستخدم مصادر الطاقة المتجددة. اعتبر أستاذ الاقتصاد المشارك في الجامعة الأردنية الدكتور غازي العساف أن التحدي الأساسي للأردن هو البطالة وهو تحد قائم وهيكلي ما قبل الجائحة، ويزداد بشكل كبير، نظراً لأن النمو الاقتصادي الذي يشهده الأردن لا يستوعب معدلات البطالة المرتفعة، كما أن القطاع الخاص المشغل الأكبر للعاملين في الاقتصاد لا يمكنه أن يتوسع بالشكل المطلوب بسبب السياسات الاقتصادية لا سيما المالية منها، إضافة إلى أن مخرجات النظام التعليمي لا تواكب ما يحتاج اليه سوق العمل على المستوى التعليمي والتقني. مشيراً إلى أنه يوجد صورة نمطية عن الوظائف، نظراً لأن معظم الناس يفضلون العمل في الوظائف الحكومية والمكتبية وليس بالمجالات المهنية ولا حتى الالتحاق بالتعليم المهني حتى وإن كان يولد مستوى أعلى من الدخل، وهذا مرتبط بطريقة التفكير لدى الأغلبية من الشعب، مشيراً في هذا السياق إلى ضرورة تغيير هذه الصورة النمطية في مراحل التعليم المدرسي. وأضاف العساف إلى أن الحل المطلوب هو وجود نمو اقتصادي فعال، وتعزيز جانب الطلب وبخاصة من فئة ذوي الدخل المتوسط نظراً لدورها في تعزيز الطلب في الاقتصاد المحلي، وبالتالي بتحسين مؤشرات سوق العمل والوظائف المتاحة. علاوة على ضرورة دعم الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر المنشأة من قبل الشباب لدعم هذه الفئة وخلق فرص العمل. وقد دار نقاش بين أعضاء المنتدى والمشاركين في الجلسة الحوارية حول دور القطاع الخاص الهام في الاقتصاد الأردني وخلق فرص العمل، إضافة إلى دور المؤسسات التعليمية في رفد سوق العمل بالموظفين والعاملين من ذوي المهارات العالية. كما أوصى بعض المشاركون بضرورة تطبيق اللامركزية فيما يخص قطاع النقل العام للتحسين من مستوى الخدمات المقدمة.

مشاركة :