الحوثيون.. داء ينخر جسد اليمن

  • 12/20/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تسببت الحرب العبثية التي أشعل فتيلها ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران واجتياح العاصمة اليمنية صنعاء، بخسائر مهولة للاقتصاد اليمني وبلغت أرقاماً غير مسبوقة نظراً للآثار التي تركتها الحرب وكذلك عملية السطو المسلح على مؤسسات الدولة ونهب احتياطيات البنك المركزي اليمني في صنعاء واستيلاء الميليشيات على إيرادات البلاد ما أدى إلى تصنيف اليمن ضمن (الأسوأ) اقتصادياً في دول العالم حسب تقارير دولية وأممية. أدى الانقلاب الحوثي والحرب التي شنتها الميليشيا على المدن اليمنية إلى انهيار الاقتصاد الوطني اليمني وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى لم يشهده اليمن منذ ستين عاماً، إذ انخفض من 3,577 دولارًا قبل الانقلاب الذي جرى في عام 2014 إلى نحو دولاراً واحداً في العام 2020. وعملت الميليشيا على تدمير المؤسسات المالية ونهب الموارد العامة والتحايل على الاقتصاد الوطني النظامي وتدميره، وإحلاله بالسوق السوداء غير النظامية، وسيادة سياسة النهب والسلب والاستحواذ والابتزاز. وفي حين سطت قيادات الميليشيا على الإيرادات والموارد وراكمت ثروات هائلة وحقق قادة الحوثي ثراءً فاحشاً، عانت الأكثرية العظمى من الشعب اليمني من انخفاض أكثر من 65 % من مصادر عيشها ونصيبها من الناتج المحلي للبلاد. وأدت العملية الانقلابية وسيادة سياسة النهب والسلب إلى انهيار مؤسسات الدولة اليمنية واعتساف السياسة النقدية والمصرفية، وتدمير فرص القوى العاملة وارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة. كما أن الحرب التي أشعلتها الميليشيا، أفقدت التجار والمستثمرين الثقة والقدرة على الاستيراد ودمرت بيئة الأعمال وتهجير رؤوس الأموال، وضرب جميع الخدمات العامة الأساسية وارتفاع الدين العام، وانهيار النظام المصرفي وعمل البنك المركزي اليمني في صنعاء وتعرض ما فيه من احتياطي العملة الأجنبية للنهب من قبل الميليشيا، إضافة إلى توقف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين في المناطق الواقعة تحت احتلال الميليشيا منذ الانقلاب في سبتمبر 2014. وفي أحدث تقرير أممي صدر مؤخراً، قدرت الأمم المتحدة خسائر اليمن الاقتصادية جراء الحرب الانقلابية بنحو 126 مليار دولار.  وعن الحرب الانقلابية التي أشعلتها الميليشيا، قال التقرير الصادر عن البرنامج الإنمائي (UNDP) التابع للأمم المتحدة، إنها ألحقت خسائر كبيرة في الاقتصاد اليمني، وجعلت اليمن من أفقر البلدان بالعالم في الوقت الراهن. وفي حين توصل المجتمع الدولي إلى قناعة بإصرار الميليشيا على الحرب ورفضها إيقاف العنف والتصعيد، أشار التقرير إلى أن الاقتصاد اليمني لن يتعافى إلا إذا توقفت الحرب الانقلابية. وتتبنى الميليشيا سياسة تجويع وإفقار منظم، على قناعة منها أن الفقر والعطالة والمجاعة تشكل بيئة ملائمة لاستمرار الحرب والعنف وتمنحها فرص لتجنيد الفقراء والشباب العاطلين، فيما يشير تقرير البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة إلى أن نحو 15.6 مليون يمني باتوا يعيشون تحت خط الفقر المدقع نتيجة الحرب. وحذر التقرير من أن ديمومة الحرب التي ترفض الميليشيا إيقافها سيزهق حياة نحو 1.3 مليون نسمة من سكان اليمن، كاشفاً أن الغالبية العظمى من الوفيات لن تكون بسبب القتال المباشر، وإنما مترتبة على آثاره غير المباشرة في ضيق العيش وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتدهور الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. لافتاً إلى أن 60 % من الوفيات في اليمن منذ نشوب الحرب الانقلابية كانت نتاج تلك العوامل غير المباشرة. وتقدر وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية، الخسائر المباشرة التي لحقت بالاقتصاد اليمني في الحرب الانقلابية بنحو 90 مليار دولار.  وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني، واعد باذيب: "هذه التقديرات هي للخسائر المباشرة في الناتج المحلي اليمني، فضلاً عن الخسائر الناتجة عن تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية بسبب الحرب الانقلابية، وبالإضافة إلى هذا، خسرت العملة الوطنية نحو 180 % من قيمتها أمام العملات الأجنبية، مما ساهم في صعود حاد للأسعار وتدهور مستوى المعيشة وانخفاض متوسط دخل الفرد بنحو 60 %". المحلل الاقتصادي اليمني، محمد الجماعي، قال لـ"الرياض": "اقتصاد اليمن قبل الحرب الانقلابية هو اقتصاد ريعي يعتمد على مبيعات اليمن من النفط والغاز بنسبة تصل إلى 40 ٪ من الناتج القومي للبلد ووصلت مساهمة هذا المورد في آخر موازنة 2014 إلى 70 ٪ من الموازنة العامة المعلنة لذلك العام 66 ٪ منها لشركة صافر الوطنية وحدها". وأوضح أن اليمن يعتمد على واردات كل من السياحة والمنافذ البرية والبحرية والجوية بنسبة تصل إلى 10 ٪. وتتفاوت سنويا نسبة الاعتماد على المنح والمساعدات والقروض الخارجية وفقاً لما تحصل عليه اليمن من المانحين والشركاء وأصدقاء اليمن. وتابع: "إذا اكتفينا بما ذكرنا أعلاه من موارد فان ذلك يقيناً يمكن أن يعطي مؤشراً واضحاً عما أحدثه الانقلاب الحوثي - من حيث المبدأ - من جناية على اقتصاد اليمن بين الأعوام (2014 - 2021) حيث غادرت نحو 43 شركة نفطية البلاد في الأيام الأولى للانقلاب على الشرعية، كما وبالضرورة فإن المورد السياحي يغلق أبوابه تلقائياً لانعدام فرص بقاء تلك الأبواب مشرعة أمام من تطلق سفاراتهم صفارات الإنذار محذرة رعاياها من البقاء أو السفر إلى مناطق الحرب". وقال الجماعي: "تقرير البرنامج الانمائي للأمم المتحدة الأخير يأخذ في الاعتبار عند التقييم حجم المساعدات التنموية وليست الإغاثية التي كان سيتحصل عليها اليمن في الوضع الآمن، وهي فرص ضائعة ستتراكم عاماً بعد عام لتصبح خسائر حقيقية كفاقد سنوي لا عودة له مرة أخرى".

مشاركة :