في حفل ثقافي اتسم بحضور مميز بمكتبة متحف البحرين الوطني دشنت هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع «دارة الأنصاري» للفكر والثقافة ضمن فعاليات أعياد الوطن كتابين للمفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري. في بداية الحفل ألقت هالة الأنصاري عضو مؤسس الدارة كلمة قدمت فيها الشكر لهيئة البحرين للثقافة والآثار برئاسة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وفريق عملها لاستضافة هذه الفعالية في مكتبة المتحف وتسجيلها ضمن برنامج نشاطات البحرين الثقافية لهذا الموسم الحافل بالمناسبات الوطنية، كما قدمت شكرها وتقديرها للدكتور ماهر الكيالي مؤسس المؤسسة العربية للدراسات والنشر على حضوره الشخصي لأول إصدارات الأنصاري بعد انقطاع، خارج عن إرادته، معربة عن اعتزاز الدارة بمواصلة رحلة التعاون الممتدة على مر سنين بين الأنصاري والكيالي ونتج عنها العديد من المشاريع الفكرية وكان أبرز ما يميزها الإيمان بالهم والشجن المشترك من أجل الإسهام في تنوير العقل العربي لنهضة طال انتظارها. ولفتت الأنصاري إلى أن اختيار الدارة لهذين الكتابين لم يكن صدفة، فأحد أهدافها الرئيسية إتاحة مؤلفات الأنصاري للمهتمين من خلال تحديث إصداراتها المطبوعة والرقمية، مبينة أن الصدفة الوحيدة في الموضوع هو اكتشاف فريق عمل الدارة لعدد من المشاريع المؤجلة ضمن ملفات الوالد ومنها كتاب «الملاكمون هل كانوا مسلمين؟» وهو كتاب يركز في جزء كبير منه على الإرهاب كظاهرة عالمية ويفكك أسبابها، خارج نطاق المواجهة بين الإسلام والغرب، ويقدم صورا مختلفة لها لا تمت للعرب أو الإسلام بصلة، بالإضافة إلى عدد من المقالات في الديمقراطية ودروس الانقلابات العسكرية، أما الكتاب الثاني والذي يحمل عنوان «الخليج... إيران... العرب... وجهة نظر خليجية» وصدر في عام 1972، فيتناول حبكة العلاقات المعقدة بين الخليج والعرب من جهة وإيران من جهة أخرى. من جانبه ألقى الدكتور ماهر الكيالي كلمة أكد فيها أن علاقته بمملكة البحرين علاقة ثقافية قوية تمتد لسنوات، وكان للدكتور محمد جابر الأنصاري الفضل في مد جسور هذه العلاقة، مشيداً بحرص عائلة الأنصاري على استدامة عطائه كمفكر عربي له وزنه من خلال إنشاء دارة للفكر والثقافة تحمل اسمه وتواصل مسيرته، وقد أبدى الكيالي سعادته لما حظي به الكتابان من تفاعل الجمهور في عدد من الدول الخليجية من خلال معارض الكتاب. يذكر أن دارة الأنصاري للفكر والثقافة دشنت أول إصدار لها في شهر مايو الماضي بمناسبة اليوم العالمي للصحافة والمتمثل في تجميع وتوثيق سلسلة مقالات صحافية صدرت في العام 2005، بقلم الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البحرين تحت عنوان «أحاديث الوعي الوطني» والتي تم نشرها في الصحف المحلية، وتفاعلت معها آنذاك العديد من الصحف الخليجية والعربية. ولد الدكتور محمد جابر الأنصاري في مدينة المحرق عام 1939، وبدأ دراسته الأولى في الكتاتيب حيث تعلم القرآن وحفظه، ثم التحق بالتعليم النظامي في مدرسة الهداية الخليفية وأكمل دراسته في مدرسة المنامة الثانوية عام 1958 وكان ترتيبه الأول على أقرانه. وأكمل دراسته الجامعية بالجامعة الأميركية في بيروت وأمضى فيها ما يقارب 12 سنة نال خلالها البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وبدأ حياته العملية بالتدريس بمدرسة المنامة الثانوية عام 1964، كما درس في المعهد العالي للمعلمين عام 1966 قبل أن يعين مراقباً عاماً ثم رئيساً للإعلام عام 1969. وأسس الأنصاري أسرة للأدباء والكتاب في البحرين وكان له دور كبير في وضع عجلة تطوير عمل الأسرة، كما شارك بتأسيس معهد العالم العربي في نهاية السبعينيات في باريس، وعمل أستاذاً للحضارة الإسلامية والفكر المعاصر بجامعة الخليج العربي ثم عميداً لكلية الدراسات العليا بالجامعة نفسها، كما عين مستشاراً للشؤون العلمية والثقافية للملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ أن كان ولياً للعهد عام 1989، وله العديد من الكتب والمؤلفات التي أثرت المكتبة العربية، كما حاز على عدد من الجوائز التقديرية داخل البحرين وخارجها.