تمس قضية نسب البحرنة في القطاع الخاص جميع أطياف المجتمع البحريني ، حيث تعتبر هذه النسب إحدى العوامل عامل الضخمة التي تحديد ما إذا كان الشعب سيعاني من البطالة أم لا . تفاقمت هذه القضية مع مرور الوقت لتصبح قضية رأي العام لا بد من مناقشتها وذلك لتدخل الأجانب ومنافستهم في السوق بأعداد هائلة على الوظائف . فهل حقًا شركات القطاع الخاص ملتزمة بنسب البحرنة ؟ و ما هو أثر عدم التزام البعض بها ؟ تم سؤال المختصين عن الالتزام بنسب البحرنة في التوظيف وانعكاس القرارت على موقع وبيئة العمل . فأشار الدكتور حسين جمعة ، صاحب عيادة جلدية ، بأن للقطاع الطبي رقابة على التوظيف في المهن قِبل هيئة المهن الطبية نهرا. وقال أنه لا يتم توظيف أي طبيب أو ممرض إلا بعد حصولهم على رخصة ممارسة المهنة والتدقيق على شهاداتهم . كما ذكر بأن الجميع يطالب بوجود بحرنة عالية في التوظيف ولكن لا يوجد إجبار على ذلك، وعوضًا عن هذا يتم تشجيع البحرنة عن طريق دعم الرواتب و التدريب المستمر . من جانبه ذكر عبدالهادي البصري ، صاحب مكتب للهندسة ، أنه من البديهي أن يكون صاحب العمل حر في اختيار الموظفين حيث يكون هو أدرى بمصلحته ومصلحة العمل . و علق : أما مسألة النسب والرقابة فهو أمر يحتاج بالفعل إلى تفعيل أكبر من قِبل الدولة و المسؤولين وذلك لخلق فرص أكبر للشعب والمواطن البحريني . هذه التجربة ستنعكس بلا أدنى شك إيجابي على كلًا من البلد و الاقتصاد . كما وضحت زينب عيسى ، مسؤولة قسم الموارد البشرية في شركة للخدمات الصناعية بقولها : نعم هناك التزام بنسب البحرنة وذلك وفقًا لما تحدده هيئة تنظيم سوق العمل ، وفي حال عدم تحقيق النسبة لا تتم مخالفة و إغرام الشركة . و من الممكن أن يكون سبب إعطاء هذه الحرية ليتمكن أصحاب الأعمال على فرص أكبر في الحصول على المرشحين المناسبين وفق احتياجاتهم ومتطلبات السوق . نعم إن قرار التوظيف أمر جلل وله تأثيرات وملحقات لا تعد ولا تحصى، و كنموذج، شركة الجسر للخدمات الصناعية التي تسعَ دائمًا لتحقيق أعلى نسبة في البحرنة وخاصةً في المناصب الإدارية، وهذا الأمر له العديد من التأثيرات الإيجابية كالخلو من العنصرية ونتيجة لذلك ستخلق بيئة عمل مليئة بالألفة وذات أجواء عائلية مريحة . أما بالنسبة للموظفين فتم سؤالهم إن كانت شركات القطاع الخاص ملتزمة بنسب معينة حسب رؤيتهم أم لا وعن التأثر من عدم التزام بعض الشركات بنسب البحرنة . قال ( أ . ع ) ، موظف في احدى شركات القطاع الخاص : أعتقد أن معظم الشركات غير ملتزمة بذلك . ونوه : يشعر البحرينيين بالإحباط بسبب وضعهم الحالي كأقلية في العمل ، وعلى الرغم من الرواتب المتدنية في بعض القطاعات إلا أنهم يرون الموظف البحريني كعبء مالي بحجة الاختلاف في الرواتب . فهناك تمييز بين البحريني و الأجنبي في الفرص و الحوافز بالرغم من الهوّة في الكفاءة، حيث يكون الأجنبي عادةً أقل خبرة وكفاءة إلا ما ندر ولا نغفل عن وجود التخبط الإداري والصعوبة الشديدة في متابعة الموظف الأجنبي لالتزامه بالعمل واتقانه . ومع ذلك نرى انحسارًا كبير في أعداد الموظفين البحرينيين بشكل مقلق وازدياد غير مسبوق في توظيف الأجانب . وعلى الصعيد ذاته أكدت حورية عباس ، موظفة في مؤسسة خاصة : عدم الالتزام بنسب البحرنة تنعكس على الموظف البحريني بعدم الكفاءة، حيث أن الأجنبي يعمل براتب أعلى من البحريني وهذا يقلل من إنتاجية الموظف البحريني ويزيد من إحساس عدم الرضا و الشعور بالنقص . أيضًا يعتبر القطاع الخاص بأن توظيف الأجنبي أقل كلفة من الموظف البحريني بينما العكس هو الصحيح، فالأجنبي يحتاج إلى تأشيرة إقامة وسكن وتأمين صحي وتذاكر سفر، و كل هذه المصاريف ستكون الشركات في غنى عنها إن التزمت بنسب البحرنة . في حين تبين عذراء الحداد، موظفة في مركز طبي : أرى أن الشركات ملتزمة بنسبة ٩٠٪ بنسب البحرنة فلديهم اعتماد كبير على البحرينيين ويرونهم كأولوية في موضوع التوظيف . وذلك لأن المسؤول أو صاحب العمل في الغالب يكون من أصحاب الجنسية البحرينية فبالتي يكون ملم بوضع البلد ومدرك لمدى حاجة المواطن للعمل فيقوم بتوظيفهم واختيارهم قدر المستطاع مع الدراية التامة أنهم يستطيعون تنفيذ العمل المطلوب منهم، و يستعينون بالأجانب فقط وقت الحاجة إليهم . وللانتقال للأثر الذي يتركه إهمال البعض، فهو في النهاية لن يؤثر على أبناء البلد فقط بشكل سلبي بل وسيعود على الشركات والمسؤولين أيضًا بنتيجة عكسية وسيتأثرون بشكل كبير، فغلبة توظيف الأجانب على البحرينيين ستعيق شعور الانتماء والارتياح في العمل، فالعلاقات مع الأجانب لن تكون نفسها مع البحرينيين الذين يتعاونون مع بعضهم البعض أكثر من غيرهم. بالإضافة لذلك فإن البحريني سيبذل كل جهده للتطوير من نفسه وسيبدع في عمله بنسبة تتفوق على الأجانب الذين معظمهم يعملون من أجل المعاشات بلا إظهار مجالات إبداع وتجديد. بينما ذكرت ليلى رضي، موظفة في إحدى شركات الاتصال، مسترسلة بأن الأغلبية الكبرى من الشركات تتجه لزيادة أعداد الأجانب المصرحة للمؤسسة لأسباب مختلفة من أهمها عدم إيجاد الخبرات المناسبة في السوق خاصة من جانب وزارة العمل، إذ لا يتم ترشيح المؤهلات المناسبة للوظيفة مما يجعل أصحاب الأعمال يلجؤون للأجانب لسهولة الوصول إليهم. وأضافت : من الممكن أن يقبل الأجنبي في البداية براتب منخفض وبمدة تدريب غير مدفوعة، وليس بالضرورة أن يكون راتبه النهائي منخفض ولكنه يقوم بإتمام العمل اللازم بالخبرة المتوقعة منذ البداية . في النهاية، إن العمل مع البحرينيين أسهل بكثير من الأجانب، إذ نحن نتشارك ذات القيم والمبادئ كمجتمع، وفي حين الاختلاف تسهل عملية إيجاد الحلول المرضية والتأقلم بما يتناسب مع بيئة العمل . وفي الجانب الآخر وخصوصًا مع الأجانب غير العرب، نجد صعوبة في التواصل معهم لاختلاف بيئة في مجتمعنا عن مجتمعهم وحواجز اللغة . وفي الختام ، تختلف الآراء وتتنوع ولكن لا بد من إيجاد حل قطعي لإبعاد كل جدل ونقاش عن القضية فهي تعني الجميع بلا استثناء والطاقة البحرينية كفؤة لتكون مكان طلبٍ وتقدير من جميع الجهات، والإدراك بأهمية توظيف هذه الطاقات هو إدراك للقضاء على مشكلاتٍ كبيرة كالبطالة والدخل المحدود ورفع المستوى المعيشي للفرد، والتصرف في هذه القضية ووضع حد للشكوك حولها سيأتي بالمنفعة على الجميع .
مشاركة :