جائحة كورونا حلت ضيفاً ثقيلاً، فرضت علينا نمط حياة لم نعهده من قبل وألقت بظلالها المؤلمة على مجتمعاتنا والعالم أجمع وتركت آثارا نفسية وجسدية واجتماعية واقتصادية ربما نحتاج إلى سنوات لنتعافى منها، ومازالت المعاناة قائمة ومازالت المخاوف من هذا الوباء تُخيم بظلالها على مجتمعاتنا، ونحن جزء لا يتجزأ من الشعوب التي عانت وتضررت، ولكن بفضل الله وكرمه علينا ثم بفضل قيادتنا الحكيمة التي سخرت كل إمكانات الدولة للتصدي لهذا الوباء وباستراتيجية مهنية من قبل فريق البحرين الوطني الذي عمل بجهد وإخلاص منقطع النظير، ما خفف عنا الكثير من الآثار المؤلمة لهذا الوباء القاتل، وجهود العاملين بالصفوف الأمامية حظيت بالتقدير المجتمعي والحكومي نظير ما قدموه ويقدمونه لكل مواطن ومقيم على تراب مملكتنا الغالية فلهم عظيم الشكر والثناء، وهذا جزء من رد الجميل لهؤلاء الأبطال. ولعلي في هذا المقام أسلط الضوء على صفوف أمامية أخرى وأبطال آخرين غير الذين رأيناهم في مراكز الفحص والرعاية ومراكز العزل والحجر الاحترازي التي تُشرف عليها وزارة الصحة، هؤلاء الأبطال عملوا في مواجهة هذا الفيروس بصمت وتحملوا الضغط وخاطروا بحياتهم من أجل أن تستمر الحياة وتعود إلى طبيعتها، إنهم الصفوف الأمامية في المدارس الحكومية من معلمين وإداريين وعاملين، الذين يعملون منذ ما يُقارب عام كامل بدءًا من 24 نوفمبر 2020م عندما تم تطبيق اختبار الفحص السريع لفيروس كورونا (كوفيد-19) في المدارس الحكومية وحتى يومنا هذا، هؤلاء الأبطال يتحملون هذا العبء الكبير من أجل أن يحظى الطلاب والعاملون في المدارس بتعليم آمن وبيئة عمل آمنة داخل المؤسسة التعليمية بهدف أن تعود المدارس إلى طبيعتها وتستمر العملية التعليمية والتعلمية ويستمر الطالب في دراسته وخاصة عندما نتحدث عن مدارس التعليم الفني والمهني التي يجب على الطالب الحضور إلى المدرسة، حيث بلغت نسبة الحضور الفعلي للطلبة في بعض المدارس الصناعية إلى ما يُقرب من 90% من إجمالي الطلبة، ومازالت هذه المدارس تُجري اختبارات الفحص السريع لفيروس كورونا منذ ما يزيد على عام كامل، وهم يقومون بالفحص اليومي لمئات الأشخاص من طلبة ومعلمين وإداريين في هذه المدارس، هذه الفحوصات اليومية يزيد بعضها على 340 فحصا يوميا ولكم أن تتخيلوا عدد الفحوصات اليومية في باقي مدارس البحرين، من هذه الفحوصات اليومية ما تظهر نتيجته سلبية ومنها ما تكون إيجابية، في جو من المخاطرة عند اكتشاف حالة مصابة، يعيشها هؤلاء الأبطال منذ ساعات الصباح الأولى ولمدة تزيد على ثلاث ساعات متواصلة بشكل يومي في أكثر من موقع، ثم يتوجهون لاستكمال أعمالهم المنوطة بهم في التدريس والتدريب أو في الأعمال الإدارية أو الإشرافية داخل المدرسة. عام ونيف ووزارة التربية والتعليم في مملكتنا الحبيبة تبذل جهودا كبيرة، وكذلك أبطال الصفوف الأمامية في مواجهة هذا الوباء، ولعلي اُطلق عليهم «أبطال الصفوف الأمامية في المدارس الحكومية»، هذا الإجراء يأتي ضمن الإجراءات الاحترازية وتدابير الصحة والسلامة الوقائية التي تبذلها وزارة التربية والتعليم من أجل استمرار المدارس في تأدية رسالتها السامية واستقبال الطلبة واستمرار العملية التعليمية في ظل احترازات مشددة حتى تؤمن بيئة صحية آمنة لضمان صحة وسلامة جميع منتسبي الميدان التربوي. المعاناة التي عشناها ونعيشها لا تقتصر فقط على العاملين في الفريق الوطني الذي نكن لهم كل الشكر والتقدير على ما قدموه، ولكن هناك أبطالا وصفوفا أخرى تستحق الشكر والثناء على ما قدموه ويقدمونه فعملهم لا يقل عن غيرهم ومن الواجب أن ينالوا أيضا التكريم.
مشاركة :